تحاصر كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر دولة قطر بآليات غير قانونية، محاولة عزلها عن العالم الخارجي بقطع وسائل النقل والروابط الدبلوماسية. إلا أن هناك مجالا رئيسيا، لا يستطيع حصارهم أن يطاوله وهو قطاع الطاقة وخصوصاً الغاز المسال.
إذ تعد قطر رابع أكبر مورد للطاقة في العالم وأغنى بلد من حيث الدخل الفردي. وهي تضخ المزيد من النفط والغاز بما يتعدى الكميات التي تنتجها شركة أكسون موبيل الأميركية أو روسنفت الروسية، وفق تقرير لوكالة "بلومبيرغ"، فهي أكبر منتج وبائع للغاز الطبيعي المسال.
زيادة ضخمة في الإنتاج
الآن تضاعف قطر أصولها الرئيسية، معلنة عن خطط لزيادة الإنتاج في أكبر مخزن للغاز في العالم، وهو حقل الشمال.
وأعلن الرئيس التنفيذي لشركة قطر للبترول سعد شريدة الكعبي، أن شركة قطر للبترول المملوكة للدولة ستزيد إنتاجها بنسبة 30% إلى 100 مليون طن سنوياً خلال سبع سنوات من نحو 77 مليون طن. مما يعزز مكانة قطر كأكبر منتج ومصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم. ولفت إلى أن إنتاج قطر سيصل إلى ستة ملايين برميل نفط مكافئ يومياً بعد انتهاء الأعمال في هذا المشروع خلال خمس أو سبع سنوات من الآن.
ويشرح تقرير "بلومبيرغ" أن قطر سجلت أكثر من ثلاثة أضعاف إنتاج الغاز خلال العقد الماضي حتى مع تراجع إنتاجها من النفط. وإذا تمت إضافة كل الطاقة الجديدة المخطط لها إلى الغاز الطبيعي المسال المنتج حالياً، فستكون الدوحة أكبر بائع للوقود في العالم على الرغم من الزيادات المتوقعة في إنتاج الولايات المتحدة وأستراليا.
وقد عقدت قطر للبترول شراكة مع شركة إكسون موبيل وشركة شل وشركة توتال وشركة كونوكوفيليبس وكذلك مع شركة ميتسوي وشركاه وشركة ماروبيني لبناء 14 محطة تعمل على معالجة الغاز، لشحنه إلى آسيا وأوروبا.
وكذا، فإن قطر، من خلال أقسامها المنتجة للغاز الطبيعي المسال، والاستثمارات الأخرى في الشركات ذات الصلة، تمتلك حصصاً في الشركات التي تستخرج وتعالج وتشحن وتتلقى الغاز.
وتساعد سلسلة التوريد المتكاملة هذه على جعل الغاز الطبيعي المسال القطري الأرخص في العالم، وهي ميزة تعتزم قطر استغلالها في وجه المنافسين في أستراليا والولايات المتحدة، وفق بلومبيرغ.
الغاز لم يتوقف
تقوم قطر بضخ 30% من الغاز الطبيعي المسال في العالم، وفقا للمجموعة الدولية لمستوردي الغاز الطبيعي المسال. وهي المورد الرئيسي للهند، وثاني أكبر مورد الصين، وثالث أكبر مورد اليابان، وفقا لبيانات الجمارك والتجارة التي جمعتها بلومبيرغ.
كما تبيع قطر الغاز الطبيعي في الشرق الأوسط، بما في ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة ومصر، وهما دولتان مشاركتان في الحصار. واستمرت شحنات الغاز الطبيعي المسال بالتدفق إلى مصر خلال الحصار، وكذلك إمدادات الغاز عبر خطوط الأنابيب إلى الإمارات وعمان.
وعندما يتعلق الأمر بالغاز، يقول تقرير بلومبيرغ، تحتاج دولة الإمارات العربية المتحدة إلى قطر لا العكس.
وانخفض إنتاج قطر من النفط الخام إلى نحو 620 ألف برميل يومياً من ذروة بلغت 880 ألف برميل يومياً في عام 2008، وفقا للبيانات التي جمعتها بلومبيرغ. وتشكل الدوحة الآن رابع أصغر منتج في منظمة أوبك.
أكبر المستثمرين العالميين
ومع ذلك، فإن إنتاج قطر من السوائل الأخرى بما في ذلك المكثفات، بالإضافة إلى الغاز الطبيعي المسال، وصادرات خطوط الأنابيب من الغاز إلى الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، يعوض بنسب كبيرة تراجع إنتاج النفط الخام، لا بل أدى إلى توليد فوائض مالية تجعل قطر واحدة من أكبر المستثمرين العالميين، وفق التقرير ذاته.
وقد صدرت قطر ما مجموعه 632،300 برميل يومياً من المنتجات المكررة بما في ذلك النفتا والوقود النفاث في عام 2016، وفقا لتقرير أوبك السنوي. وذكرت بيانات منظمة أوبك أن البلاد صدرت 503400 برميل يومياً من النفط الخام العام الماضي، معظمها إلى آسيا، وذهبت كل من 568100 برميل يومياً من المنتجات المكررة التي تباع إلى المنطقة.
كما أن البلد هو أكبر مصدر وحيد للهليوم، وتورد الدوحة نحو 30% منه إلى السوق العالمية، وقد تعطل طريق التصدير العادي للهيليوم للمشترين في آسيا عن طريق الشاحنات عبر الحدود البرية مع السعودية ثم إلى ميناء جبل علي في دبي في الإمارات، إلا أن الكعبي أكد أن قطر تقوم الآن بشحن الهليوم على ناقلات النفط.
تنافس على الشراكة
وأعلنت عدة شركات عالمية كبرى متخصصة في إنتاج النفط والطاقة زيادة استثماراتها في قطر رغم الحصار الاقتصادي الذي تفرضه ثلاث دول خليجية على الدوحة. ومن بين هذه الشركات، إكسون موبيل ورويال داتش شل وتوتال الفرنسية. وتبذل هذه الشركات مساعي لدى قطر كي تشارك في زيادة ضخمة لإنتاجها من الغاز.
ويصل الغاز القطري إلى 27 دولة تقريباً في قارات العالم المختلفة، أبرزها اليابان، وكوريا الجنوبية، والهند، والصين، وبريطانيا، وفرنسا، وبلجيكا، وإيطاليا، والكويت، والإمارات، ومصر، والأردن، ويذهب 60% من صادرات الغاز القطري إلى مستوردين في آسيا.
ولدى قطر أسطول نقل ضخم للغاز المسيل يعد الأكبر في العالم بعدد سفن إذ يصل إلى 60 سفينة، من بينها 27 سفينة تعد الأضخم لنقل الغاز في العالم. وهو ما يمنحها مرونة في تلبية إمدادات الأسواق العالمية وتقليل كلفة النقل.
(العربي الجديد)