تقدّم أعضاء مجلس النواب عن محافظة جنوب سيناء المصري باستقالة جماعية، مُسبّبة، من البرلمان، إلى رئيسه، علي عبد العال، اليوم الأحد، بدعوى "تعرضهم للحرج الشديد أمام أبناء دوائرهم، من جراء عجزهم عن تقديم أي خدمات لهم، في ظل عدم تعاون الأجهزة التنفيذية"، والتي يقودها المحافظ العسكري خالد فودة (صهر الرئيس عبد الفتاح السيسي).
وقال النواب الأربعة الممثلون للمحافظة، في مذكرتهم الموجهة لعبد العال، إنهم "يواجهون مشكلة حقيقية مع الجهاز التنفيذي للمحافظة، وعدم تعاونه معهم في حل مشكلات المواطنين البسيطة، والتي يُمكن حلها من خلال الجهاز بكل سهولة، لولا التعنت الواضح من المحافظة، لتصوير النواب كعاجزين عن تقديم الخدمات".
وحملت المذكرة توقيعات النواب غريب أحمد حسان، ونور سلامة العمادي، وعطية موسى جبلي، وسارة صالح عبد المطلب.
وفي أول تعليق للقبائل، وصف رئيس اتحاد قبائل سيناء، إبراهيم المنيعي، نواب جنوب سيناء بـ"الأبطال"، ووجه "كل التحية والتقدير إلى نواب جنوب سيناء الأبطال؛ لانحيازهم في صف المواطن". وتساءل عن سبب عدم اتخاذ نواب محافظة شمال سيناء الخطوة نفسها.
ولاقت الاستقالة ترحيباً من سكان محافظة جنوب سيناء، والذين كان لديهم الكثير من الشكاوى على الجهاز التنفيذي للدولة في المحافظة، على مدار السنوات الماضية.
وقال أحد مشايخ القبائل في جنوب سيناء لـ"العربي الجديد" إن أبرز المشكلات التي تعاني منها المحافظة، عدم إعطاء المحافظة حصتها من الوظائف الحكومية، في ظل ازدياد أعداد العاطلين عن العمل، ودخولهم إلى كشوفات البطالة.
وأوضح أن ما فجّر الأزمة أيضاً، وضع الحكومة شروطاً تعجيزية لتقنين أوضاع الأراضي بالمحافظة، وهو ما أعلنه محافظ جنوب سيناء اللواء خالد فودة، ما يصعب الحال على أهالي جنوب سيناء.
وأشار إلى أن حالة من التوتر تسود العلاقة بين النواب واللواء فودة، والذي يتجاهل طلبات النواب المتعلقة بحل مشاكل المواطنين، بتأجيل النظر فيها، أو تحويلها إلى جهات أخرى، ما يعني إهمالها فعلياً.
يشار إلى أن مجلس النواب قد شكّل لجنة تقصي حقائق للوقوف على المشكلات التي تعاني منها المحافظة، إلا أنها بقيت حبراً على ورق، بعد تجاهل الحكومة والمحافظة توصيات اللجنة.
وبحسب مصادر مقربة من النواب تحدثت لـ"العربي الجديد" فإن قرارهم جاء بعد اتهامات مباشرة من المواطنين في دوائرهم الانتخابية ملخصها أنهم باتوا سببا في حالة الإهمال التي تحياها المحافظة، في ظل السكوت عن تجاهل المحافظة مطالبهم.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن النواب يتوقعون أن تشكل استقالتهم ضغطاً حقيقياً على الحكومة عبر مجلس النواب، لإيجاد حلول لمختلف المشاكل التي تعاني منها المحافظة؛ بالنظر إلى أن المجلس لا يحتمل الدخول في أزمة نيابية، إذ إن قبول الاستقالة يتطلب موافقة من ثلثي النواب.
ومن المقرر إحالة الاستقالة إلى هيئة مكتب المجلس النيابي، برئاسة عبد العال، للبت فيها، وإعداد تقرير عنها، تمهيداً لعرضها على أعضاء البرلمان، إذ يستلزم قبولها موافقة أغلبية ثلثي النواب، إلا أن التوقعات تشير إلى رفض المجلس للاستقالة، وحل القضية بشكل ودي.
وبعد ساعات من تقديم الاستقالة، قال اللواء خالد فودة إنه يكن كل التقدير والاحترام لنواب محافظة جنوب سيناء، مؤكداً أنه لا يدخر جهداً في تنفيذ طلباتهم.
وأكد في تصريح لصحيفة "اليوم السابع" المصرية أنه سيزور غداً البرلمان لمناقشة مشاكلهم، وتنفيذ طلباتهم التي وصفها بـ"المشروعة".
في المقابل، تساءل سكان ومشايخ محافظة شمال سيناء عن نواب محافظتهم التي تغصّ بالمشاكل أكثر من أي محافظة مصرية أخرى من وجهة نظرهم، بينما ينشغل هؤلاء النواب في توجيه الشكاوى عبر "فيسبوك"، في ظل تجاهل المحافظ مطالبهم.
وتمتدّ الأزمات في شمال سيناء، من انقطاع شبه دائم للكهرباء والمياه، ومنع متواصل لدخول الأشخاص إلى مدينتي رفح والشيخ زويد، عدا عن التعامل الخشن عبر الحواجز العسكرية المنتشرة في كل ربوع المحافظة منذ 4 سنوات.
كذلك تبرز الأزمة الكبرى في السكان النازحين من مدن رفح والشيخ زويد إلى مناطق العريش وبئر العبد، والذين يعيشون في ظروف إنسانية صعبة للغاية، في ظل تجاهل الدولة مطالبهم بالعودة إلى ديارهم، بينما بدأت الدولة في الاتجاه إلى بناء منازل لهم في العريش؛ ما يعني ألا عودة لديارهم خلال الفترة المقبلة.
وقال ياسر عبد الجواد، أحد سكان مدينة الشيخ زويد، لـ"العربي الجديد": "على الله يتحرك نوابنا ويقدموا استقالتهم حتى تسمع الدولة الشكوى بتاعتنا كويس، اذا النواب مش حيقدروا ينهوا أزماتنا، نروح لمين؟".
أما الحاج جهاد عواد فقد تهكّم على الاستقالة وحال نواب شمال سيناء بقوله: "هو في عنا نواب في شمال سيناء، ده خبر جديد بالنسبة ليا، الله يصلح الأحوال".
ويمثل محافظة شمال سيناء ستة نواب في المجلس، وهم حسام رفاعي الكاشف وإبراهيم أبو شعيرة وسلامة الرقيعي وجازي سعد ورحمي بكير وإبراهيم سرحان، وكانوا قد هددوا بالاستقالة في أزمات عدة أهمها إبان حالة الغليان التي سادت مدينة العريش بعد تصفية الأمن المصري عشرة شبان في يناير/ كانون الثاني الماضي.