نواب عراقيون عن طريق الخطأ: توجه لاستبدال "البرلمانيين الفضائيين"

30 مايو 2019
تعدّ الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة الأكثر جدلاً (مرتضى سوداني/الأناضول)
+ الخط -
على الرغم من إعلان المحكمة الاتحادية العراقية، في وقت سابق من هذا الشهر، استبدال أربعة نواب عراقيين بآخرين قالت إنهم أحقّ بمقاعد البرلمان الحالي، إلا أنّ مسؤولين في مجلس النواب أكدوا أنّ عدد من سيتم استبعادهم فعلاً سيكون ما بين 10 و15 عضواً بينهم نواب بارزون، على أن يتم ذلك بعد انتهاء عطلة العيد. وبات مصطلح "النواب الفضائيين" أو "المتسلقين" بارزاً في العراق، إذ يطلقه الشارع على المشكلة الجديدة التي برزت أخيراً داخل البرلمان، وتتلخّص في الكشف عن وجود خطأ في طريقة احتساب أصوات الانتخابات الأخيرة، والتي أتت على حقوق عدد من نواب الأقليات والنساء بشكل خاص، ومنحها لنواب آخرين.

وأكّد مسؤول في اللجنة القانونية بالبرلمان العراقي لـ"العربي الجديد"، أنّ الملف الذي بات بيد المحكمة الاتحادية كونها أعلى سلطة في البلاد، لن يتوقّف عند النواب الأربعة الذين جرى استبدالهم في فترات متفاوتة من هذا الشهر، آخرهم نائبان الأسبوع الحالي، بل إنّ العدد قد يصل في النهاية إلى 15 عضواً في البرلمان، سيتم سحب صفتهم وحصانتهم، واستبدالهم بآخرين اعتبروا العام الماضي خاسرين.

وكشف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، أنّ "اللجنة القضائية التي أشرفت على الانتخابات بعد فضيحة التزوير وإبعاد مجلس المفوضية التابع لمفوضية الانتخابات، تسببت بهذا الخطأ، وهو فني ليس أكثر". وأوضح أنّ "القضاة الذين استلموا ملف الانتخابات بعد الطعون بعملية الاقتراع، لم يكونوا مؤهلين لهذا العمل، لأنه يتعلّق بالحساب، وهم قليلو الخبرة بهذا المجال، إذ إنّ عملهم في المحاكم وليس احتساب أصوات الناخبين والإشراف على عملية انتخابية مليئة بالأخطاء الحسابية والرقمية".

ولفت المسؤول إلى أنّ "الخطأ الكبير الذي وقع في الانتخابات، هو طريقة احتساب مقاعد الكوتا، فالتدريج الذي كان معمولاً به، كان بطريقة الربع، أي أربعة نواب يقابلهم واحد من الكوتا في المحافظات التي تضم أقليات دينية أو قومية، وفي المحافظات الأخرى يتم اعتماد كل ثلاثة نواب ذكور أمامهم امرأة واحدة بحسب النسبة المقررة في البرلمان للمرأة وهي 25 بالمائة". وأشار إلى أنّ "هذه التدرجات كانت صعبة على مجلس القضاة المعين لهذه المهمة"، وأنّ "العملية الحسابية كانت غير صحيحة، ما تسبب بصعود أشخاص إلى البرلمان على حساب آخرين".

وأوضح أنّ "الطعون التي قدّمت بشأن الأخطاء الفنية إلى المحكمة الاتحادية، بعد الانتخابات مباشرة، تمَّ إهمالها، على اعتبار أنّ النتائج جاءت بناءً على مراقبة مجلس القضاء وهم محلّ ثقة، إلا أنّ اعتراض برلمانيين حاليين ومرشحين خاسرين طعنوا في النتائج، تسبب في إعادة فتح الملف من خلال المادة 52 من الدستور العراقي المتضمنة التأكّد من صحة عضوية مجلس النواب من خلال طلبات تُقدّم إلى رئاسته، وكذلك للمحكمة الاتحادية العليا في البلاد".


وتعدّ الانتخابات العراقية الخامسة منذ الغزو الأميركي ـ البريطاني عام 2003 للعراق، الأكثر جدلاً، إذ رافقتها شكاوى بعمليات تزوير وتلاعب بالأصوات، وضغوط تعرّض لها الناخبون، قبل أن ينتهي الأمر بحريق ضخم في مركز العدّ والفرز، أتى على عشرات الآلاف من أصوات الناخبين، وأقرّت الحكومة العراقية آنذاك بأنه فعل متعمّد.

وعلم "العربي الجديد"، عبر مصادر مقربة من اللجنة القضائية المشكّلة للتحقيق في الموضوع المستجدّ، أنّ من النواب المهددين بالإخراج من البرلمان العراقي: القيادي في تحالف "المحور" محمد الكربولي عن محافظة الأنبار، النائبة الكردية البارزة آلا الطالباني، القيادي بتحالف "الفتح" محمد الدراجي، وعضو تحالف "سائرون" النيابي حمد الله الركابي. وبحسب المصادر، تتمّ مراجعة طريقة احتساب أصواتهم مجدداً، بعد ورود طعون من مرشحين خاسرين يقولون إنهم أحقّ منهم بمقعد البرلمان.

في السياق، أكّد عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي، حسين العقابي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "ما بين 10 و15 نائباً تعرضوا لغبن في النتائج، وحصل غيرهم على مقاعدهم البرلمانية، وسيتم البت بملفاتهم جميعاً، بعد الكشف عن خطأ بالعملية الحسابية"، معتبراً أنّ "هذا الخطأ أمر وارد، ومن الممكن لأي طرف أن يقع فيه، ومجلس القضاة وقع فيه بسبب قلّة خبرته بالتعامل مع الأمور الفنية والرقمية". وأوضح أنّ "عملية استبدال النواب، تمّت المباشرة بها. وخلال الأسابيع الماضية، شهد البرلمان وصول نائبين اثنين، وقد أديا اليمين الدستورية، وآخرون سيتم تصحيح وضعهم بعد انتهاء عطلة العيد".

وبشأن معاقبة الجهة التي أخطأت في هذا الأمر، قال العقابي إنّ "هذا خطأ غير مقصود، إذ لم تكن هناك نية سيئة من قبل المجلس، ولا توجد مخالفة لقانون العقوبات، وليست هناك جريمة. وحتى الاستحقاقات المالية التي تقاضاها النائب الذي صعد إلى البرلمان بخطأ فني، لا تسترجعها الدولة، لأنه كان نائباً طيلة الفترة الماضية، ومارس دوره الشرعي، وكانت إجراءاته صحيحة، والذنب ليس ذنبه".

من جانبه، أكد عضو البرلمان العراقي علي البديري، أنّ "12 نائباً سيستبدلون، وهذا الخطأ يقع على عاتق مفوضية الانتخابات ومجلس القضاة أيضاً، والذنب يتحمله الجانبان". وصرّح في حديث مع "العربي الجديد": "توجد ضغوط سياسية تُمارس على المحكمة الاتحادية، من أجل عدم المضي بالملف، واستبدال أعضاء من البرلمان، بسبب وجود زعماء أحزاب ورؤساء كتل، فازوا بمقاعد بمجلس النواب بالخطأ نفسه، ولذلك هناك مماطلة بتطبيق هذا الأمر".

وأشار البديري إلى أنه "بسبب عدم وجود انسيابية واضحة بموضوع الاستبدال، لا نسمع عن هذا الملف في الإعلام إلا القليل"، لافتاً إلى أنّ "هناك شكوكاً قوية تفيد بأنّ الأخطاء الفنية جاءت مقصودة، من قبل شخصيات أرادت نيل مقعد بالبرلمان، وتمكنت من ذلك مستغلّةً علاقاتها الداخلية والخارجية. لذلك، النائب الضعيف سيستبدلونه، أمّا المتمكنون الأقوياء وأصحاب العلاقات الطيبة مع الأحزاب والدول الخارجية، فسيتم الضغط من أجل منع استبدالهم".

بدوره، قال القانوني العراقي طارق حرب، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "الخطأ يقع على مفوضية الانتخابات، لأنها الجهة التي أعلنت النتائج، ومجلس القضاة لا علاقة له بالأمر. فالأخير كان قد أحصى أصوات 6 آلاف صندوق من مجموع 50 ألفاً ضمن عملية الاقتراع، ولم يتدخل بالنتائج". وأوضح أنّ "الطعن في النتائج لا بدّ أن يوجّه إلى مفوضية الانتخابات، مع العلم أنها لن تُعاقب أو تحاسب من أي جهة، لعدم وجود عقوبة على مثل هذا الأمر، ولكن لا بدّ من إصلاح الأمور واستبدال النواب".

المساهمون