بفرحة عارمة يستقبل الآباء والأمهات مواليدهم الجدد، غير أنّ ثمّة حيرة تُسجّل في الأجواء وتتعلق باختيار اسم الوافد أو الوافدة الجديدَين. فالاختيار عملية غير سهلة في فرنسا، بالنسبة إلى الفرنسيين وكذلك العرب وحاملي الجنسيات الأخرى على حدّ سواء، لا سيّما في ظلّ التحفّظ على بعض الأسماء. والتحفّظ يأتي على خلفية أسباب تختلف طبيعتها، ولعلّ توفير أزمات نفسية على الأطفال واحد منها، في حال احتمال إثارة تلك الأسماء سخرية أقران الصغار لاحقاً.
لا يخفي عبد الرحيم الريفي، وهو مهاجر عربي، أنّ ابنه أسامة عانى، قبل سنوات، كثيراً من جرّاء سخرية أقرانه التي كانت تأتي أحياناً مخيفة منطوية على ما يشبه التهديد، في المدرسة وفي فسحات الترفيه وكذلك في أثناء مباريات كرم القدم. ويتساءل: "كيف لا، في حين أنّ اسم أسامة صار في ذلك الزمن (بداية القرن الواحد والعشرين) أشهر اسم عربي في العالم؟". اليوم، يبلغ ابنه من العمر 24 عاماً، لكنّ عبد الرحيم لا ينسى "كم كانت الظروف صعبة لنا جميعاً. الحلّ كان في الانتقال إلى مدينة جديدة، ثمّ تغيير اسم ابني. لكنّني لم أفعل لأسباب كثيرة، منها صعوبة العثور على فرصة عمل في مكان آخر".
اقــرأ أيضاً
وإذا كانت الأجيال الأولى من المهاجرين العرب لم تتردد كثيراً في اختيار أسماء أبنائها، ولا سيّما أنّها كانت تلجأ إلى أسماء الآباء والأجداد، إلا أنّ الأجيال اللاحقة التي صارت تعي ضرورة اندماج أبنائها في المجتمع، خصوصاً عند وصول هؤلاء إلى سوق العمل، فإنّها راحت تختار أكثر فأكثر أسماء أقرب إلى الذائقة الفرنسية، مثل سامي وياسين ويانيس ونورا ومريم وماريا وليديا وناديا، مع اتجاه أقلية من العائلات العربية إلى الأسماء اللاتينية مثلما فعل اليهود في فرنسا قبل عقود طويلة. فعائلات عربية كثيرة اكتشفت مع مرور الوقت، أنّ اختيار أسماء أبنائها ليس عملية سهلة وأنّ التحصيل العلمي والقدرات والخبرات لا تكفي وحدها. ففي خلال البحث عن فرص عمل، سِيَر ذاتية عدّة لم يطّلع عليها المشغّلون لأنّ الاسم العربي يقلق كثيرين.
يقول الباحث الفرنسي علي بوكبّوس لـ"العربي الجديد"، إنّ "تغيير الاسم أو اختيار اسم لاتيني لا يحلّان كل المشكلات، لكنّهما يُعَدّان في فرنسا دليلاً على الاندماج في المجتمع". من حين إلى آخر، تعود قضية الأسماء لتُطرَح للنقاش، ويجد العرب والمسلمون أنفسهم مُطالَبين من قبل اليمين واليمين المتطرّف بالتخلّي عن أسمائهم. يضيف بوكبّوس أنّه "على الرغم من هجمات الداعين إلى فرض أسماء لاتينية على مواليد المهاجرين والمتحدرين من الهجرات، وهم في الغالب يشعرون بالرعب من فكرة تحوّل المجتمع الفرنسي إلى مجتمع متعدد الثقافات مثل كندا، فإنّ الردّ سهل عليهم. يتوجّب على هؤلاء قراءة أسماء من قتلوا في صفوف الجيش الفرنسي في أثناء الحربَين العالميّتَين وكذلك حروب فرنسا الكولونيالية، ليجدوا بالتالي أسماء عربية واضحة بينها". لكنّ ثمّة عائلات عربية، من حين إلى آخر، تحاول صنع الحدث بطريقتها وإثارة الجدال، حتى لو لم يكن ذلك في مصلحتها وفي مصلحة العرب والمسلمين عموماً في هذا البلد.
يتذكّر العجوز الجزائري، موحند أمزيان، بشيء من الغضب المخفّف، بسبب مرور الوقت، قصة أحد جيرانه الذي أطلق على ابنه اسم "أسامة"، بعد أشهر فقط من هجوم 11 سبتمبر/ أيلول 2001، وكيف أنه هُدِّد بسحب كل المساعدات الاجتماعية التي كانت تقدَّم إليه، فاضطر بالتالي إلى اختيار اسم آخَر. لكنّ هذه المشاكل تتكرر، ففي العام الماضي رفضت بلدية تولوز (جنوب غرب)، قبول تسجيل اسم "جهاد". وبعد اللغط الذي حصل، بدا المعنيون متفهمين للرفض، إذ إنّ "الأسماء لا تنقص"، واختير بالتالي اسم "جاهيد" بديلاً عنه.
اقــرأ أيضاً
وقبل أسابيع، تكرر الأمر في مدينة ديجون (وسط شرق)، واعترضت البلدية على اسم "جهاد". وهو اعتراض أكّده مدّعي الجمهورية في المدينة بالقول إنّه "حتى إذا كان اسم جهاد يُطلَق كثيراً في العالم العربي، وهو الذي يعني الحرب المقدسة وجهاد النفس وبالتالي ذو معنى إيجابي، إلا أنّه في فرنسا يكتسب معنى آخر في السياق الحالي. فهو مرتبط من دون شك بالحركات الإسلامية الأصولية". يُذكر أنّ السجلات المدنية الفرنسية توثّق ولادة 500 شخص منذ 1970، يحملون اسم "جهاد". وإذا كان مدّعي الجمهورية قد استحضر السياق الاجتماعي الحالي الذي يجعل هذا الاسم "صعب التحمّل"، إلّا أنّ الإدارة المكلَّفة بالسجل المدني أشارت كذلك إلى الضرر الذي يمكن أن يتعرّض له المولود في المستقبل.
لا يخفي عبد الرحيم الريفي، وهو مهاجر عربي، أنّ ابنه أسامة عانى، قبل سنوات، كثيراً من جرّاء سخرية أقرانه التي كانت تأتي أحياناً مخيفة منطوية على ما يشبه التهديد، في المدرسة وفي فسحات الترفيه وكذلك في أثناء مباريات كرم القدم. ويتساءل: "كيف لا، في حين أنّ اسم أسامة صار في ذلك الزمن (بداية القرن الواحد والعشرين) أشهر اسم عربي في العالم؟". اليوم، يبلغ ابنه من العمر 24 عاماً، لكنّ عبد الرحيم لا ينسى "كم كانت الظروف صعبة لنا جميعاً. الحلّ كان في الانتقال إلى مدينة جديدة، ثمّ تغيير اسم ابني. لكنّني لم أفعل لأسباب كثيرة، منها صعوبة العثور على فرصة عمل في مكان آخر".
وإذا كانت الأجيال الأولى من المهاجرين العرب لم تتردد كثيراً في اختيار أسماء أبنائها، ولا سيّما أنّها كانت تلجأ إلى أسماء الآباء والأجداد، إلا أنّ الأجيال اللاحقة التي صارت تعي ضرورة اندماج أبنائها في المجتمع، خصوصاً عند وصول هؤلاء إلى سوق العمل، فإنّها راحت تختار أكثر فأكثر أسماء أقرب إلى الذائقة الفرنسية، مثل سامي وياسين ويانيس ونورا ومريم وماريا وليديا وناديا، مع اتجاه أقلية من العائلات العربية إلى الأسماء اللاتينية مثلما فعل اليهود في فرنسا قبل عقود طويلة. فعائلات عربية كثيرة اكتشفت مع مرور الوقت، أنّ اختيار أسماء أبنائها ليس عملية سهلة وأنّ التحصيل العلمي والقدرات والخبرات لا تكفي وحدها. ففي خلال البحث عن فرص عمل، سِيَر ذاتية عدّة لم يطّلع عليها المشغّلون لأنّ الاسم العربي يقلق كثيرين.
يقول الباحث الفرنسي علي بوكبّوس لـ"العربي الجديد"، إنّ "تغيير الاسم أو اختيار اسم لاتيني لا يحلّان كل المشكلات، لكنّهما يُعَدّان في فرنسا دليلاً على الاندماج في المجتمع". من حين إلى آخر، تعود قضية الأسماء لتُطرَح للنقاش، ويجد العرب والمسلمون أنفسهم مُطالَبين من قبل اليمين واليمين المتطرّف بالتخلّي عن أسمائهم. يضيف بوكبّوس أنّه "على الرغم من هجمات الداعين إلى فرض أسماء لاتينية على مواليد المهاجرين والمتحدرين من الهجرات، وهم في الغالب يشعرون بالرعب من فكرة تحوّل المجتمع الفرنسي إلى مجتمع متعدد الثقافات مثل كندا، فإنّ الردّ سهل عليهم. يتوجّب على هؤلاء قراءة أسماء من قتلوا في صفوف الجيش الفرنسي في أثناء الحربَين العالميّتَين وكذلك حروب فرنسا الكولونيالية، ليجدوا بالتالي أسماء عربية واضحة بينها". لكنّ ثمّة عائلات عربية، من حين إلى آخر، تحاول صنع الحدث بطريقتها وإثارة الجدال، حتى لو لم يكن ذلك في مصلحتها وفي مصلحة العرب والمسلمين عموماً في هذا البلد.
يتذكّر العجوز الجزائري، موحند أمزيان، بشيء من الغضب المخفّف، بسبب مرور الوقت، قصة أحد جيرانه الذي أطلق على ابنه اسم "أسامة"، بعد أشهر فقط من هجوم 11 سبتمبر/ أيلول 2001، وكيف أنه هُدِّد بسحب كل المساعدات الاجتماعية التي كانت تقدَّم إليه، فاضطر بالتالي إلى اختيار اسم آخَر. لكنّ هذه المشاكل تتكرر، ففي العام الماضي رفضت بلدية تولوز (جنوب غرب)، قبول تسجيل اسم "جهاد". وبعد اللغط الذي حصل، بدا المعنيون متفهمين للرفض، إذ إنّ "الأسماء لا تنقص"، واختير بالتالي اسم "جاهيد" بديلاً عنه.
وقبل أسابيع، تكرر الأمر في مدينة ديجون (وسط شرق)، واعترضت البلدية على اسم "جهاد". وهو اعتراض أكّده مدّعي الجمهورية في المدينة بالقول إنّه "حتى إذا كان اسم جهاد يُطلَق كثيراً في العالم العربي، وهو الذي يعني الحرب المقدسة وجهاد النفس وبالتالي ذو معنى إيجابي، إلا أنّه في فرنسا يكتسب معنى آخر في السياق الحالي. فهو مرتبط من دون شك بالحركات الإسلامية الأصولية". يُذكر أنّ السجلات المدنية الفرنسية توثّق ولادة 500 شخص منذ 1970، يحملون اسم "جهاد". وإذا كان مدّعي الجمهورية قد استحضر السياق الاجتماعي الحالي الذي يجعل هذا الاسم "صعب التحمّل"، إلّا أنّ الإدارة المكلَّفة بالسجل المدني أشارت كذلك إلى الضرر الذي يمكن أن يتعرّض له المولود في المستقبل.