تعرّف الجمهور المصري على صوت هبة طوجي مع أغنية "لا بداية ولا نهاية"، التي كتبت كلماتها على اللحن الفرنسي لأغنية "Les Moulin de mon Coeur"، خصوصاً عندما جمعت بين الأغنية الأصلية وأغنيتها في أول ظهور لها في برنامج "ذا فويس" بنسخته الفرنسية، وظهرت طوجي بإمكانات صوتية غير موجودة على الساحة الفنية. إلى جانب هذه الأغنية، قدمت أيضاً "تانغو الحرية"، على اللحن الشهير للموسيقار الأرجنتيني أستور بيازولا؛ بألحان غريبة تستطيع إظهار قدرات هبة الصوتية.
قبل أقل من شهر، طرحت المطربة اللبنانية أغنيتها الجديدة، "سلم على مصر"، إهداء إلى مصر وشعبها. بعدها، أقامت أولى حفلاتها في مصر، وأثار الحفل جدلاً كبيراً بسبب ارتفاع أسعار تذاكره. كانت هذه هي المرة الأولى التي تغني فيها باللهجة المصرية، في محاولة منها لاكتساب مكانة جديدة وقاعدة جماهيرية أكبر.
بالطبع، هو تفكير تسويقي ذكي من أسامة الرحباني، مكتشفها ومتبنيها، الغناء لمصر للمرة الأولى وأغنية وطنية، أو بمعنى أدق أغنية سياحية، وقبل حفلتها. هكذا، ضمن أسامة وهبة نجاح الأغنية قبل تقديمها. جاءت الأغنية في شكل فيديو كليب بسيط، واضح أنه تم تصويره سريعاً، كما كانت صناعة الأغنية أيضاً فيها كثير من الاستعجال، ربما حتى تتمكن من طرحها قبل الحفلة، حتى يتسنى لها غناؤها "لايف" أمام الجمهور المصري.
ربما، أول ما يتبادر إلى ذهن المستمع أثناء الإصغاء إلى "سلم على مصر، هو صوت صباح في أغنية "سلمولي على مصر"؛ الأغنية التي قدمتها الشحرورة في فيلم "نار الشوق" عام 1970، أي قبل أن تولد هبة طوجي بـ 17 عاماً. كانت أغنية صباح من تأليف الشاعر حسين السيد وألحان الموسيقار محمد الموجي. لعلّ أغنية صباح، رغم أنه مر عليها قرابة 50عاماً، ما زالت تعبّر عن مصر حتى اليوم.
تتشابه الأغنيتان في كثير من الأشياء؛ فكلتاهما تنتميان إلى الأغاني السياحية ذات النكهة الوطنية، وبصوت لبناني ولهجة مصرية، حتى اسم العملين متشابه. كيف لم تأت الأغنية في بال صناعها وهم في مرحلة التحضير؟ سواء كاتب الأغنية نادر عبد الله، أو ملحنها أسامة الرحباني، أو حتى طوجي نفسها. كيف لم يتوقعوا حدوث هذه المقارنة؟ لكن يبقى السؤال الأهم والأكثر إلحاحا؛ لماذا نشعر أن صباح أصدق وهي تغني؟ وهل بعد 50 عاماً من الآن، يمكن لأحد أن يتذكر أغنية طوجي كما نتذكر نحن أغنية صباح؟
أعتقد أن الصدق في الصناعة المنتج الفني، هو العامل الرئيسي لانتشاره، وحفظه عن ظهر قلب. كتب حسين السيد مشاعر شخص مشتاق حقاً لزيارة مصر، حتى عند ذكر أماكن وإنجازات مثل "الهرم الثاني" (السد العالي)، أو خان الخليلي والصاغة والحسين، والكباري والشوارع والأشخاص من دون تحديد. كانت الأغنية، رغم تحديدها لأماكن، تنقل إحساس السائح الذي زار مصر ويشتاق لها، من دون تجميل زائد أو مبالغة في الوصف والمشاعر.
أما نادر عبد الله، فحاول أن يقدم أغنية كتحيات الأفراح الشعبية، ذكر أشخاصا عديدين، حتى الشخصيات الدينية (الشعراوي والبابا) في محاولة ساذجة ومفتعلة من أجواء الروح الوطنية. واضح أن الأغنية كتبت على عجل، كتبت كي ترضي الجميع، لا لتعبر عن مشاعر اشتياق حقيقية. صباح كانت تغني العمل بعد فترة مكثت خلالها في لبنان، صباح تغني وهي لها تاريخ كبير من الأغاني والأفلام المصرية، تاريخ يجعلك تصدق حقاً اشتياقها للمكان/مصر.
إلى جانب ذلك، تعبّر أغنية صباح عن مشاعر آنية، لا تستدعي الماضي بهدف افتعال الحنين، بعكس أغنية طوجي، التي تحاول في كل مقطع استثارة جو النوستالجيا عند المصريين. هي أغنية كتبها مصري، ويبدو أنه نسي أن من ستغنيها ليست مصرية، فجاءت الأغنية تكراراً لأشياء كثيرة عامة، لا تعبر عن علاقة شخصية، مثل ما عبرت عنها كلمات حسين السيد.
جاءت الأغنيتان في شكل طقطوقة. استطاع الموجي أن ينقل للمستمع الجو المصري، باستخدام آلات الإيقاع وصاجات من بداية الأغنية، وترك مساحات صوتية عالية لصباح في بداية كل مقطع، حتى تؤكد اشتياقها وجديتها في السلام والاشتياق. في المقابل، لم يستطع أسامة الرحباني تقديم هذا اللحن المصري، فجاءت الأغنية وكأنها غريبة حقاً عن البلد المقصود، وكأنها الزيارة الأولى، فمن أين أتى الاشتياق؟ وبالطبع، فإن الكلام الضعيف والمركب من باب الالتزام بالقافية، جعل اللحن غير مريح، حتى الكورال في أغنية صباح كان كورالاً حقيقياً؛ أشخاصا ينقلون السلام حقا. بينما كان الكورال مع طوجي عبارة عن تكرار لصوت الفنانة نفسه.
اقــرأ أيضاً
كانت أغنية صباح ضمن أحداث درامية في الفيلم، رغم تجسيدها شخصيتها الحقيقة في الشريط هي وابنتها هويدا، إلا أن الأغنية كانت ضمن سياق درامي، جعل للأغنية مصداقية، بعكس طوجي التي قدّمت أغنيتها بمناسبة إقامتها حفلاً في القاهرة، وتريد اكتساب حب وإعجاب الجمهور. حاولت طوجي أن تكسب مساحة جديدة، على حساب جودة العمل نفسه. ربما كان من الأفضل أن تغني هبة أغنية صباح في حفلة مصر.
من السهل تقديم أغنية لمناسبة ما أو غرض ما، لكن من الصعب أن يصدقك الناس من دون أن تكون صادقاً أنت مع هذه المشاعر وهذه الكلمات، كانت حقاً صباح تشتاق لمصر، كان كل صناع الأغنية يدركون هدف العمل وكيفية صناعته، بعكس صناع أغنية "سلم على مصر"، كان هدفهم هو صناعة أغنية باللهجة المصرية كي تغنيها في حفلتها وقد فعلوا ذلك.
قبل أقل من شهر، طرحت المطربة اللبنانية أغنيتها الجديدة، "سلم على مصر"، إهداء إلى مصر وشعبها. بعدها، أقامت أولى حفلاتها في مصر، وأثار الحفل جدلاً كبيراً بسبب ارتفاع أسعار تذاكره. كانت هذه هي المرة الأولى التي تغني فيها باللهجة المصرية، في محاولة منها لاكتساب مكانة جديدة وقاعدة جماهيرية أكبر.
بالطبع، هو تفكير تسويقي ذكي من أسامة الرحباني، مكتشفها ومتبنيها، الغناء لمصر للمرة الأولى وأغنية وطنية، أو بمعنى أدق أغنية سياحية، وقبل حفلتها. هكذا، ضمن أسامة وهبة نجاح الأغنية قبل تقديمها. جاءت الأغنية في شكل فيديو كليب بسيط، واضح أنه تم تصويره سريعاً، كما كانت صناعة الأغنية أيضاً فيها كثير من الاستعجال، ربما حتى تتمكن من طرحها قبل الحفلة، حتى يتسنى لها غناؤها "لايف" أمام الجمهور المصري.
ربما، أول ما يتبادر إلى ذهن المستمع أثناء الإصغاء إلى "سلم على مصر، هو صوت صباح في أغنية "سلمولي على مصر"؛ الأغنية التي قدمتها الشحرورة في فيلم "نار الشوق" عام 1970، أي قبل أن تولد هبة طوجي بـ 17 عاماً. كانت أغنية صباح من تأليف الشاعر حسين السيد وألحان الموسيقار محمد الموجي. لعلّ أغنية صباح، رغم أنه مر عليها قرابة 50عاماً، ما زالت تعبّر عن مصر حتى اليوم.
تتشابه الأغنيتان في كثير من الأشياء؛ فكلتاهما تنتميان إلى الأغاني السياحية ذات النكهة الوطنية، وبصوت لبناني ولهجة مصرية، حتى اسم العملين متشابه. كيف لم تأت الأغنية في بال صناعها وهم في مرحلة التحضير؟ سواء كاتب الأغنية نادر عبد الله، أو ملحنها أسامة الرحباني، أو حتى طوجي نفسها. كيف لم يتوقعوا حدوث هذه المقارنة؟ لكن يبقى السؤال الأهم والأكثر إلحاحا؛ لماذا نشعر أن صباح أصدق وهي تغني؟ وهل بعد 50 عاماً من الآن، يمكن لأحد أن يتذكر أغنية طوجي كما نتذكر نحن أغنية صباح؟
أعتقد أن الصدق في الصناعة المنتج الفني، هو العامل الرئيسي لانتشاره، وحفظه عن ظهر قلب. كتب حسين السيد مشاعر شخص مشتاق حقاً لزيارة مصر، حتى عند ذكر أماكن وإنجازات مثل "الهرم الثاني" (السد العالي)، أو خان الخليلي والصاغة والحسين، والكباري والشوارع والأشخاص من دون تحديد. كانت الأغنية، رغم تحديدها لأماكن، تنقل إحساس السائح الذي زار مصر ويشتاق لها، من دون تجميل زائد أو مبالغة في الوصف والمشاعر.
أما نادر عبد الله، فحاول أن يقدم أغنية كتحيات الأفراح الشعبية، ذكر أشخاصا عديدين، حتى الشخصيات الدينية (الشعراوي والبابا) في محاولة ساذجة ومفتعلة من أجواء الروح الوطنية. واضح أن الأغنية كتبت على عجل، كتبت كي ترضي الجميع، لا لتعبر عن مشاعر اشتياق حقيقية. صباح كانت تغني العمل بعد فترة مكثت خلالها في لبنان، صباح تغني وهي لها تاريخ كبير من الأغاني والأفلام المصرية، تاريخ يجعلك تصدق حقاً اشتياقها للمكان/مصر.
إلى جانب ذلك، تعبّر أغنية صباح عن مشاعر آنية، لا تستدعي الماضي بهدف افتعال الحنين، بعكس أغنية طوجي، التي تحاول في كل مقطع استثارة جو النوستالجيا عند المصريين. هي أغنية كتبها مصري، ويبدو أنه نسي أن من ستغنيها ليست مصرية، فجاءت الأغنية تكراراً لأشياء كثيرة عامة، لا تعبر عن علاقة شخصية، مثل ما عبرت عنها كلمات حسين السيد.
جاءت الأغنيتان في شكل طقطوقة. استطاع الموجي أن ينقل للمستمع الجو المصري، باستخدام آلات الإيقاع وصاجات من بداية الأغنية، وترك مساحات صوتية عالية لصباح في بداية كل مقطع، حتى تؤكد اشتياقها وجديتها في السلام والاشتياق. في المقابل، لم يستطع أسامة الرحباني تقديم هذا اللحن المصري، فجاءت الأغنية وكأنها غريبة حقاً عن البلد المقصود، وكأنها الزيارة الأولى، فمن أين أتى الاشتياق؟ وبالطبع، فإن الكلام الضعيف والمركب من باب الالتزام بالقافية، جعل اللحن غير مريح، حتى الكورال في أغنية صباح كان كورالاً حقيقياً؛ أشخاصا ينقلون السلام حقا. بينما كان الكورال مع طوجي عبارة عن تكرار لصوت الفنانة نفسه.
كانت أغنية صباح ضمن أحداث درامية في الفيلم، رغم تجسيدها شخصيتها الحقيقة في الشريط هي وابنتها هويدا، إلا أن الأغنية كانت ضمن سياق درامي، جعل للأغنية مصداقية، بعكس طوجي التي قدّمت أغنيتها بمناسبة إقامتها حفلاً في القاهرة، وتريد اكتساب حب وإعجاب الجمهور. حاولت طوجي أن تكسب مساحة جديدة، على حساب جودة العمل نفسه. ربما كان من الأفضل أن تغني هبة أغنية صباح في حفلة مصر.
من السهل تقديم أغنية لمناسبة ما أو غرض ما، لكن من الصعب أن يصدقك الناس من دون أن تكون صادقاً أنت مع هذه المشاعر وهذه الكلمات، كانت حقاً صباح تشتاق لمصر، كان كل صناع الأغنية يدركون هدف العمل وكيفية صناعته، بعكس صناع أغنية "سلم على مصر"، كان هدفهم هو صناعة أغنية باللهجة المصرية كي تغنيها في حفلتها وقد فعلوا ذلك.