هجمة على مناهج التعليم تثير جدلاً بمصر

27 ابريل 2016
وصفت التغييرات بالجذرية (يوتيوب)
+ الخط -
تتصاعد في الأوساط الثقافية المصرية موجة غضب، إزاء حذف عدد من المواد الدراسية بمناهج التعليم قبل الجامعي، للعام الدراسي المقبل.
وأثار حذف مسرحية "حدث بالغابة" المقررة على الصف السادس الابتدائي في مادة اللغة العربية في الفصل الدراسي الثاني، جدلا واسعا. وانتقد عدد من خبراء التربية، موقف وزارة التربية والتعليم بحذف المسرحية.

وأعرب مؤلفها رئيس قسم أصول التربية بجامعة عين شمس، محسن خضر، عن استيائه، قائلا في تصريحات صحافية، اليوم، "المسرحية تم تدريسها على مدار 6 سنوات، والوزارة حذفتها ضمن تنقيح وتعديل المناهج الدراسية للعام المقبل. المسرحية تناقش مفهوم الوطن والعلاقة بين الحاكم والمحكوم والانتماء".

بينما قال الأديب إبراهيم عبدالمجيد، إن "وزارة التربية والتعليم تعاملت مع المسرحية، باعتبارها محرضة على الحاكم والنظام"، مضيفا في تصريحات صحافية، "للأسف أصبح النظام يحارب الفكر ويتصدى لأي محاولة للإبداع في كل المؤسسات، وهو بذلك يرسخ في فكر الناس أنه نظام مستبد يحكم بقانون الغابة، كما روت المسرحية".

وأوضح عبد المجيد: "نعاني الآن من تركيز السلطات على تصفية التفكير في علاقة الحاكم بالمحكوم. في محاولة لقطع أي مجال للحديث حول هذه العلاقة إلا من خلال الحاكم نفسه، فلا نرى الآن روايات تحارب القمع وانتهاكات حقوق الإنسان، وعلاقة الإنسان بحاكمه بسبب الرقابة وقرارات المنع، وانتهاك الحريات وفرض قيود على الأدباء وخبراء التربية، وسط تعدّ على الأدب والأدباء في مصر".

وقال الخبير التربوي، كمال مغيث، إن "هذه الواقعة دليل على أن منظومة التعليم في مصر تحولت إلى توجيه وإرشاد الطالب نحو طريق معين، وهو السمع والطاعة للحاكم، عكس ما تنادي به المسرحية المحذوفة من الفداء من أجل الحرية وتحقيق العدل، وهذا ما لا يود النظام أن يردده، فكان عليهم أن يحذفوه".



فيما عللت لجنة مراجعة المناهج بوزارة التربية والتعليم، القرار بأنه "يوجد في المسرحية رمز غير مفهوم، وإسقاط سياسي"، وأكدت في تقرير لها عن المحذوفات، أن مبررات الحذف في وجود أفكار فرعية تعمل على تشتت التلاميذ عن الفكرة الأساسية للمسرحية، وهي الدفاع عن الوطن، إلى جانب الإفراط في التفاصيل مثل الصراع بين الحيوانات لأسباب داخلية، رغم ما يحيط بهم وبوطنهم من أخطار، ما يجعل التلميذ لا يستوعب المغزى من المسرحية، بالإضافة إلى وجود صعوبة في المسرحية تتمثل في صعوبة ربط التلميذ بين ما يحدث في الغابة والواقع.

وكانت وزارة التربية والتعليم المصرية حذفت عدة مقررات دراسية في مناهج التربية الإسلامية واللغة العربية، منها دروس قصة عقبة بن نافع بالصف الأول الإعدادي، وتم تعديل أبيات نشيد "وطني" بمنهج القراءة للصف الأول الابتدائي، من: هيا هيا يا إخواني، ليصبح "هيا هيا يا خلاني". وذلك في محاولة لصرف الأنظار عن جماعة الإخوان المسلمين.

كما حذفت وزارة التربية والتعليم المصرية، صورة واسم الدكتور محمد البرادعي، من أسماء الحاصلين على جائزة نوبل، من أحد الدروس في كتاب اللغة العربية للصف الخامس الابتدائي هذا العام، بدعوى أن "مصر كلها زعلانة منه" حسبما قال مستشار الوزير لوسائل الإعلام.

وأثناء تولي وزير التعليم السابق، محمود أبو النصر، تم حذف دروس عن "ثورة العصافير ونهاية الصقور" التي تتحدث عن حرق العصافير أعداءها، في إشارة لثورة يناير، كما تم حذف درس يتحدث عن "فتوحات صلاح الدين الأيوبي" في الوحدة الأولى من مادة اللغة العربية للصف الخامس الابتدائي.

وبحسب خبراء، فإن غالبية المحذوفات تصب في تعديلات جذرية للهوية الثقافية المصرية، حيث تم حذف الموضوعات التي تشير للصراع مع الكيان الصهيوني، وحصرها فقط في مجرد تواريخ دون تفاصيل، وجاءت مناهج الجغرافيا خالية من تبعية جزيرتي تيران وصنافير لمصر.

وبلغ عدد الكتب التي يجري تعديلها، بحسب مصادر تحدثت لـ"العربي الجديد"، 57 كتابا، بدأت طباعتها منتصف الشهر الجاري، وتضمنت المحذوفات حركات المعارضة السياسية، كما تم حذف آخر فقرة في صفحة 158 لكتاب التاريخ للصف الثالث الثانوي، والتي كانت تضم دور حركة "كفاية" التي ظهرت عام 2008، إضافة إلى مجموعة شباب الغد ودورهم في التخلص من حكم مبارك وسيطرة الحزب الوطني.

وأكدت المصادر أيضا أن ثورة يناير داخل كتاب الدراسات الاجتماعية للصف السادس الابتدائي سيتم تناولها بشكل مختصر، كما تم تجاهل فترة حكم الرئيس محمد مرسي، ولم يتم التطرق إليه في مناهج الدراسات الاجتماعية للصفوف الابتدائية، وما يتم ذكره فقط هو أن من نتائج ثورة 30 يونيو لعام 2013 عزل محمد مرسي وتسليم السلطة للمستشار عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا لحين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ثم عقد انتخابات الرئاسة وإعلان فوز عبد الفتاح السيسي بها، وذلك في الوحدة الرابعة في الدراسات الاجتماعية للصف السادس الابتدائي.

أما منهج الدراسات الاجتماعية للصف الثالث الإعدادي فركز على دور مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر" في وقائع ثورة يناير، وجاء النص في كتاب الدراسات الاجتماعية صفحة 77 كالتالي: "اختار شباب ثورة 25 يناير لعام 2011 مجموعات التواصل الاجتماعي للاحتجاج والتظاهر السلمي واتخذوا من الميادين العامة بالقاهرة والإسكندرية والسويس والمنصورة ومعظم ميادين المدن المصرية مكانا لهم".

وتضمن الكتاب صورا للجيش المصري كُتب عليها عبارة "الجيش والشعب إيد واحدة". كما تم تخفيف درس "حرب أكتوبر" ملحمة العبور في الوحدة الرابعة لمادة الدراسات الاجتماعية للصف السادس الابتدائي.

دلالات
المساهمون