خفضت وكالة التصنيف العالمية "ستاندرد آند بورز" (مقرها في الولايات المتحدة) تصنيفها الائتماني للديون السيادية الروسية بالعملة الصعبة اليوم الجمعة، وذلك للمرة الأولى منذ 6 سنوات. ورجّحت المؤسسة القيام بمزيد من التخفيضات إذا فرض الغرب عقوبات أشد على موسكو بسبب أزمة أوكرانيا.
إلا أن هذا الخفض أثار انزعاج موسكو، فجاء الرد سريعاً من وزير التنمية الاقتصادية الروسي ألكسي أوليوكايف الذي قال إن "القرار الخاص بخفض التصنيف الائتماني السيادي لروسيا كان متوقعاً، وهو يتسم إلى حد كبير بدوافع سياسية".
وتكتسب هذه التصنيفات أهمية مالية عالمية، كونها تحدد مدى قدرة الحكومات والشركات على الإيفاء بالتزاماتها المالية ودفع ديونها للجهات المقرضة. ما يعني أن خفض التصنيف يؤثر على مصالح الدول المالية على نطاق عالمي.
خروج الاموال من روسيا
فقد أعلنت "ستاندرد آند بورز" أن خفض التصنيف الائتماني للديون السيادية لروسيا يعكس مخاطر هروب رأس المال من هذه البلاد. وقامت المؤسسة الدولية بخفض تصنيف روسيا السيادي للديون بالعملة الصعبة في المديين القصير والبعيد، وأبقت المؤسسة نظرتها سلبية للتوقعات. وخفض التصنيف هو الأول للديون السيادية الروسية منذ ديسمبر/ كانون الأول 2008.
وفي حين يسحب المستثمرون أموالاً من روسيا منذ تضرر اقتصادها العام تزامناً مع المخاوف الغربية بخصوص القضية الأوكرانية، أعلنت "ستاندرد آند بورز" أن وتيرة خروج الأموال قد تتسارع.
وأقر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم أمس الخميس بأن العقوبات أثرت على الاقتصاد لكنه قال أيضا إن "موسكو مستعدة لاتخاذ مزيد من الاجراءات ضد أوكرانيا إذا استخدمت كييف القوة العسكرية في شرق البلاد".
الدوافع سياسية
ورفض وزير الاقتصاد الروسي خفض التصنيف قائلا إنه "بشكل جزئي قرار له دوافع سياسية."
في حين كان وزير التنمية الاقتصادية الروسي ألكسي أوليوكايف أكثر وضوحاً حين اعلن اليوم الجمعة إن "القرار يتسم إلى حد كبير بدوافع سياسية".
وذكرت وكالة "انترفاكس" الروسية اليوم أن وكالة التصنيف الدولية فسرت سبب خفضها للتصنيف الائتماني السيادي لروسيا من (BBB) إلى (- BBB) بنزوح رؤوس الأموال فى الربع الأول من عام 2014 بسبب الأزمة السياسية فى أوكرانيا وتقلُص إمكانيات اجتذاب التمويل من الأسواق المالية الخارجية.
المؤشرات سلبية
ولكن برغم المعارضة الروسية لنتائج تقرير "ستاندر اند بورز"، فإن المؤشرات الرسمية الروسية لم تكن تشي بغير وجود ازمة في اقتصادها.
فقد رفع البنك المركزي الروسي اليوم الجمعة سعر الفائدة الرئيسي إلى 7.5% من 7%، مشيرا إلى ارتفاع مخاطر التضخم. وقال البنك في بيان له إن مخاطر التضخم تتجاوز المستهدف عند 5% في نهاية عام 2014، وذلك بسبب الظروف غير المواتية في الأسواق التجارية.
كما أعلنت هيئة الإحصاء الفيدرالية الروسية، يوم أمس الخميس، وفق وكالة أنباء موسكو، أن
فائض ميزان التجارة الخارجية الروسية قد انخفض الى 31.3 مليار دولارفي يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 2014 بالمقارنة مع 32.4 مليار دولار في الفترة المماثلة من العام الماضي.
وأضافت الهيئة أن قيمة الصادرات الروسية في الشهرين الأول والثاني من العام الجاري بلغت 76 مليار دولار بانخفاض نسبته 5.8% عن الفترة نفسها من العام الماضي، فيما وصل حجم الواردات في يناير/كانون الثاني – فبراير/شباط 2014 إلى 44.7 مليار دولار بانخفاض نسبته 7.5%.
شكوك عالمية حول الوكالات
وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها التشكيك بتقارير وكالات التصنيف الدولية منها "ستاندر اند بورز". فقد قامت هذه المؤسسات باعطاء تصنيفات عالية لعدد من المصارف والمؤسسات التي تبيّن ان ديونها تحمل مخاطر عالية. ما ادى الى الأزمة المالية العالمية التي هزت اسواق المال واقتصادات الدول في العام 2008.
وقد تمت كتابة عشرات التقارير في صحف "التايمز" و"واشنطن بوست" ووكالة "بلومبيرغ" وغيرها، التي انتقدت بلهجة قاسية عمل وكالات التصنيف. وكان أبرز المنتقدين الكاتب بول كروغمان الذي كتب مقالاً في "واشنطن بوست" عقب الأزمة المالية العالمية تحت عنوان: "أميركا وستاندر اند بورز" قال فيه: "يوجد صعوبة حقيقية في الاعتقاد ان هنالك جهة تملك مؤهلات أقل من وكالات التصنيف لإصدار أحكام حول الاقتصاد الأميركي".
لا بل اعتبر عدد من النقاد ان وكالت التصنيف تصدر تقاريرها وفق ما تريده الشركات، كون الاخيرة تدفع لوكالات التصنيف في مقابل التقارير الصادرة. وقد طالب مجلس الأوراق المالية في أميركا في العام 2011 وكالات التصنيف بالكشف عن آليات احتساب التصنيفات، في حين وجه الاتحاد الأوروبي انتقادات الى أداء عمل الوكالات.