طلب نظام بشار الأسد من مقاتلي المعارضة السورية في بلدة قدسيا، شمال غرب العاصمة دمشق، تسليم أسلحتهم و"تسوية أوضاعهم"، أو الخروج من المنطقة، مهددا بـ"الحل العسكري والإبادة الجماعية" في حال عدم رضوخ فصائل المعارضة التي تسيطر على البلدة لشروطه.
وعُقد مساء أمس الأربعاء اجتماع بين لجنة المفاوضات في قدسيا وبين مندوب النظام، المدعو عدنان الأفيوني، وهو مفتي النظام في دمشق وريفها، والذي بدأ بنقل التهديد والوعيد لأبناء المنطقة، وفق مصادر في الائتلاف الوطني السوري.
وذكرت المصادر، في حديث مع "العربي الجديد"، أن مندوب النظام أملى شروط الأخير من أجل التوصل لاتفاق "مصالحة" في البلدة، وتتضمن "تسوية أوضاع من يريد تسوية وضعه، وخروج كل من لا يريد تسوية وضعه إلى خارج المدينة"، و"تسليم كل السلاح الموجود بالمدينة، واستلام سلاح من النظام لإنشاء حواجز لجان شعبية".
كما تضمنت شروط النظام قيام المتخلفين عن الخدمة العسكرية في جيش النظام والمنشقين عنه "بالخدمة داخل المدينة لمدة ستة أشهر، ثم يتم الالتحاق بجيش النظام، أو الحصول على تأجيل عن الخدمة بأي طريقة، والذي لا يريد تسوية وضعه يستطيع الخروج إلى خارج المدينة".
وذكرت المصادر أن مندوب النظام منح مقاتلي المعارضة مهلة يومين للحصول على الجواب، مهدداً بـ"الحل العسكري والإبادة الجماعية"، مشيرة إلى أن هذا المندوب أوضح أن النظام "يريد إنهاء ملف قدسيا بالكامل، إن كان بالقوة أو بالتسوية، وأنه سيضع كل القوة الممكنة للسيطرة عليها".
وقالت عضو وفد المعارضة السورية المفاوض، سهير الأتاسي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن ما وصفته بـ"مسلسل الهدن المحلية" يُستخدم من قبل نظام الأسد كـ"أداة للتهجير القسري، ورسم حدود سورية المفيدة مازال قائماً وسارياً، وبتسارع يدعمه حلفاء النظام.. بينما أصدقاء الشعب السوري يغضون الطرف عن هذا المسار الذي يقوّض ويحل محل مسار جنيف".
في غضون ذلك، لا تزال قوات نظام الأسد ومليشيات الشبيحة (الفئة الأكثر دموية من مؤيدي النظام) تحاول اقتحام عدة بلدات في شمال غرب دمشق، منها قدسيا والهامة، منذ عدة أيام، ولكن قوات المعارضة تصدها وتكبدها خسائر بالأرواح.
وتقع قدسيا والهامة شمال غرب العاصمة دمشق بعدة كيلومترات، وانضمتا للثورة في أسابيعها الأولى من عام 2011، إذ جرى تمزيق صورة لحافظ الأسد كانت على واجهة بلدية قدسيا، في حدث كان مؤشراً على أن البلدتين قررتا الذهاب في الحراك الثوري إلى مداه الأقصى.
وحاولت قوات نظام الأسد ومليشيات "الشبيحة" اقتحام بلدة قدسيا في أواخر عام 2012، وارتكبت مجازر بحق مدنيين، ونفذت عمليات إعدام ميداني، وعمليات سرقة واسعة للمحلات التجارية، والمنازل، لكنها لم تستطع إخضاع البلدتين، فخرجتا عن سيطرة النظام منذ ذلك الحين.
وتوصل النظام وفصائل المعارضة المسلحة إلى عدة هدن بعد ذلك، كان النظام يبادر إلى خرقها، فارضاً حصاراً على البلدتين لممارسة مزيد من الضغط على المعارضة كي توقع على اتفاق تخرج بموجبه إلى الشمال السوري.
واضطرت هذه الفصائل، في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، إلى الموافقة على اتفاق خرج على إثره عشرات من مقاتلي المعارضة وعائلاتهم إلى محافظة إدلب في الشمال السوري، وتعهّد من بقي منهم بعدم التعرض لقوات نظام الأسد، مقابل إدخال المواد الغذائية والحد الأدنى من الخدمات الأساسية، كالكهرباء والماء.