بدأ، اليوم الخميس، سريان الهدنة الجديدة التي أعلنت روسيا منذ أيام أنها ستطبق بحلب، لمدة ثماني ساعات قبل أن تمددها روسيا لثلاث ساعات إضافية لتبلغ إحدى عشرة ساعة، بالتوازي مع إعلان النظام السوري عن هدنة لثلاثة أيام، لتعلن بعدها الأمم المتحدة أن روسيا أبلغتها أن قصف حلب سيتوقف لإحدى عشرة ساعة يومياً، ولمدة أربعة أيام، اعتباراً من اليوم.
وأتت الهدنة، بحسب المسؤولين الروس، وبحسب بيان "القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة" التابعة للنظام السوري، بهدف "السماح لمقاتلي المعارضة والمدنيين المحاصرين بالخروج من حلب"، على عكس الهدف من اتفاق وقف الأعمال العدائية، الذي انهار الشهر الماضي بحلب، والذي كان يتمثل بإيصال المساعدات للمدنيين بمناطق سيطرة المعارضة المحاصرة في المدينة.
وروّجت وسائل إعلام النظام السوري المحلية، خلال الأيام الأربعة الأخيرة، أخباراً تفيد بفتح ممرات لعبور المدنيين ومسلّحي المعارضة من أحياء حلب الشرقية، التي تسيطر عليها المعارضة والمحاصرة من قبل قوات النظام، على أساس أن قوات النظام التي تحاصر أحياء حلب الشرقية فتحت ستة معابر للمدنيين الراغبين بمغادرة المناطق المحاصرة، ومعبرين اثنين للمسلحين الراغبين بالمغادرة.
وألقت طائرات النظام السوري المروحية، صباح الخميس، آلاف المنشورات الورقية التي تدعو أهالي الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة في حلب لمغادرتها، من أجل أن "يغتنموا الفرصة قبل فوات الأوان".
بدورها، أكّدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في مؤتمرٍ صحافي، أنّ "السلطات السورية تواصل الاستعدادات لاحتمال إجلاء المدنيين وأفراد الفصائل المسلّحة الخارجة عن القانون من شرق حلب".
وأشارت إلى أنّ "الحكومة السورية تؤكّد على استعدادها لضمان الخروج الآمن من شرق حلب المحاصر لكل الراغبين، بمن فيهم المسلحون الذين عرض عليهم إلقاء السلاح أو الانسحاب إلى مناطق أخرى من البلاد من اختيارهم".
وكل ذلك يشير بوضوح إلى أن هدف النظام السوري وروسيا في حلب، بات متجسداً فقط بإخلاء مناطق سيطرة المعارضة السورية في المدينة من سكانها ومن قوات المعارضة التي تدافع عن هذه المناطق، على الرغم من حملة القصف الروسي العنيف والهجمات البرية التي تقودها مليشيات عراقية وإيرانية ومحلية بهدف اقتحام مناطق سيطرة المعارضة بحلب.
ويأتي ذلك ليؤكد أيضاً أن روسيا تجاوزت كل المطالبات السابقة، التي كانت تتمحور حول إرساء هدنة تسمح بإدخال المساعدات الإنسانية للمدنيين المحاصرين في حلب، لتصل إلى أن تعلن من جانبها وقفا للقصف على حلب لإعطاء فرصة لعملية تهجير كبيرة، قد تطاول نحو ثلاثمئة ألف مدني ما زالوا محاصرين في المدينة.
في المقابل، رحّب المبعوث الأممي الخاص إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، في مؤتمر صحافي عقده اليوم الخميس، بالهدنة التي أعلنت عنها موسكو في حلب، بوصفها تمثّل "فرصة لإجلاء المصابين من أحياء شرق المدينة". وشدد على وجوب موافقة عناصر جبهة "فتح الشام" (النصرة سابقاً) على خطّة إخراجهم من شرق حلب، مضيفاً أنّ الأمم المتّحدة تتوقع البدء في عملية إجلاء المصابين من حلب، يوم غد الجمعة، على أن يتمّ نقلهم إلى غرب حلب أو إلى إدلب.
ويشير هذا إلى بدء تماهي موقف الأمم المتحدة ممثلةً بالمبعوث الدولي الخاص مع الموقف الروسي، لجهة قبول مبدأ الإخلاء الذي يفضي إلى التهجير بدلاً من المطالبة سابقاً بفك الحصار وفتح الممرات الإنسانية وإدخال المساعدات للمحاصرين في حلب.
وكانت الأمم المتحدة قد أشرفت سابقاً على تطبيق اتفاقيات إخلاء أبرمها النظام السوري قضت بتهجير الآلاف من مناطق عديدة في محيط دمشق وبمدينة حمص نحو مناطق الشمال السوري التي تسيطر عليها المعارضة، وكان أبرزها الزبداني وداريا والمعضمية وأحياء حمص القديمة وحي الوعر في حمص.