لا يزال الجزء الشرقي من مدينة حلب ينتظر رد الفعل الروسي على تقدم المعارضة المسلحة في مواجهة النظام، باتجاه فك الحصار عن هذا الجزء الذي رفض سكانه كل التسهيلات الروسية من أجل تهجيرهم خارج حدود مدينتهم، إذ تشير التوقعات إلى أن روسيا ستستغل فترة الانتخابات الأميركية من أجل توجيه ضربة قاسية للمعارضة، وتوجيه ضربة أخرى لسكان المدينة الذين لم يعبؤوا لا بالتسهيلات الروسية ولا بتهديداتها.
ومما يدعو للاستنتاج أن روسيا ذاهبة باتجاه عمل عسكري واسع في حلب، ما لم يتم التوافق على غير ذلك مع واشنطن، هو الاستعدادات العسكرية الروسية واستقدامها حاملة طائراتها إلى مياه البحر المتوسط، والتي رفضت كل من إسبانيا ومالطا تزويدها بالوقود. وربما يعود السبب لقناعة تلك الدول بأن حاملة الطائرات ذاهبة إلى السواحل السورية من أجل ارتكاب مجازر، لذلك امتنعت عن تزويدها بالوقود، كي لا يحسب على تلك الدول أنها ساعدت قطعة عسكرية على ارتكاب جرائم حرب. إلا أن دولة الجزائر العربية تصدت لهذه المهمة وزودتها بالوقود اللازم لإتمام إبحارها إلى سواحل سورية.
وحتى الهدنة التي أعلنت عنها موسكو من طرف واحد تعزز فرضية العمل العسكري ضد حلب الشرقية، وذلك لأن الإعلان عن هدنة خلبية في هذا التوقيت يمكن قراءته على أنه تمرير للوقت الضائع، إلى أن تحين ساعة الصفر لانطلاق الهجمات من جهة، ومن ناحية أخرى من أجل الظهور أمام المجتمع الدولي بمظهر الذي قام بما يتوجب عليه القيام به من إعطاء مهل وإعلان هدن من أجل تأمين معابر إنسانية.
لذلك يتوجب على المعارضة المسلحة الاستعداد ما أمكن لمواجهة هذا الاحتمال، الذي قد يؤدي إلى خروجهم من حلب في حال لم يحضروا أنفسهم جيداً، ولم يتوحدوا ضمن غرفة عمليات واحدة، معتمدين بشكل رئيسي على أنفسهم وعلى خطط تحييد ما أمكن من عمل الطيران الذي يعتبر السلاح الوحيد الذي يمتلكه النظام والروس، ويتغلبان من خلاله على المعارضة. وعلى المعارضة السياسية ألا تخدع بما يطرحه الروس من هدن إنسانية، لأن روسيا أثبتت، وبما لا يدع مجالاً للشك، أنها قوة احتلال، وأن من يتعامل معها من السوريين هو عميل لهذا الاحتلال.