كانت هدى عويد في عامها الأول عندما هُجّرت مع أهلها من بلدة عمق في فلسطين المحتلة عام 1948. ومن لجوء إلى لجوء حطت في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا، جنوب لبنان.
وفي المخيم الذي يعيش على إعانات منظمة الأونروا، تربت هدى وكبرت في خيمة. وكبرت وتزوجت في المخيم، وعاشت فيه، وعملت مع زوجها، لتربي أولادها العشرة، الذين مات منهم شاب غرقاً في البحر.
تفترش هدى ببضاعتها ناحية من سوق الخضار في مخيم عين الحلوة. بضاعتها واحدة منذ بدأت هذه المهنة التي أجبرتها الظروف عليها. فهي تبيع الفاصولياء وورق الدوالي (العنب) منذ أكثر من خمسة عشر عاماً.
تقول هدى: "الفلسطينيون جاءوا إلى لبنان ولا يحملون معهم غير أجسادهم التي أتعبها الرحيل.. سكنا في المخيم، وتربينا وكبرنا فيه، ولا نعرف لنا مكاناً غيره. هنا تزوجت وعشت مع زوجي أياما حلوة ومرة.. وكانت الأيام المرة أكثر دائماً بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه معظم الفلسطينيين في لبنان، مع ما يواجههم من تضييق وحرمان من العمل في مهن عدة".
وتتابع: "وفي المخيم وضعت عشرة أولاد. وهو ما دفعني إلى العمل كي أساعد زوجي في تأمين معيشتهم. وبذلك امتهنت بيع الخضار في سوق المخيم، خصوصاً الفاصولياء والعريش (العنب)". تضيف: "أجبرت على ذلك، بسبب غربتنا الصعبة مع عدم وجود ميراث لدينا أو أي مصدر رزق آخر، كما أنني لست متعلمة كي أعمل في مجال آخر". وتضيف: "كان زوجي يبيع الخضار فخضت معه المجال نفسه، لكنّه توفي وتحملت وحدي مسؤولية العائلة من بعده". وتتابع: "الدكان الذي استأجره زوجي وكان يبيع فيه الخضار، أكمل ابني العمل فيه وها هو يبيع الخضار بدل والده أيضاً، لأنه لم يتمكن من إيجاد عمل له".
تؤكد هدى أنّ حياة الفلسطينيين في لبنان صعبة للغاية، خصوصاً من يعيشون منهم داخل المخيمات. وتشير إلى أنّ الشباب لا يحصلون على فرص عمل لهم، حتى ولو كانوا يحملون شهادات. وتتابع أنّ الكثيرين منهم عاطلون عن العمل ويفترشون شارع سوق الخضار، إما لبيع الخضار أو الطعام السريع، أو يجلسون على حواف الشارع لا لديهم عمل سوى التفكير بالهجرة ولعن الوضع الذي أوصلهم إلى ما وصلوا إليه.
تقول هدى: "منذ جئت إلى لبنان مع أهلي وأنا أعيش في مخيم عين الحلوة.. هنا عشت مرارة الحياة.. ومن ذلك فإنّ أحد أولادي العشرة فقدته في السابعة والعشرين من عمره، يوم غرق وابتلعه البحر وحرمني منه".
اقرأ أيضاً: إلهام صالح.. العمل يصون كرامة الفلسطينيين