بعد الدمار الكبير الذي خلّفه القصف الجوي الروسي في مستشفى كفرنبل الجراحي في ريف إدلب والذي أدّى إلى توقّف المستشفى عن العمل بشكل كامل، كان لـ"العربي الجديد" جولة في المكان وثّق من خلالها الكارثة.
في أثناء تلك الجولة، التقى "العربي الجديد" عدداً من أفراد الطاقم الطبي والتمريضي والعاملين الصحيين في المستشفى المتضرر والمعطّل. يروي لقمان الخطيب، وهو فنيّ غسيل الكلى في مستشفى كفرنبل الجراحي، كيف "تعرّض المستشفى للغارات الروسية خلال تواجد عدد كبير من المرضى". ويقول "لحسن الحظ، فإنّ أوّل غارة استهدفت أطرافه فقط، ما سمح للجميع، كوادر ومرضى، بالتوجّه إلى ملجأ المبنى".
ويشير الخطيب إلى أنّ هذا المستشفى "كان الوحيد في المدينة وقد حُرم أكثر من 600 ألف شخص من أهالي ريف إدلب من تلقي الخدمات الطبية فيه بعد الغارات"، موضحاً أنّ "الأدوات الطبية في المستشفى من أجهزة غسيل كلى وعناية مشددة وغيرها لم تعد صالحة للاستخدام، بعد تضررها من جرّاء القصف".
من جهته، يعبّر الطبيب أحمد المصطفى عن حزنه إزاء ما آلت إليه حال المرضى بعد خروج المستشفى عن العمل. ويقول إنّ "استهداف المستشفيات في ريف إدلب خلّف حالة إنسانية صعبة لا، بل مزرية بين المرضى والمصابين، إذ إنّهم ليسوا قادرين على إيجاد مكان آخر لتلقي العلاج، فالقصف استهدف كل مستشفيات المنطقة، في سراقب وكفرنبل وترملا ومعرّة النعمان".
تجدر الإشارة إلى أنّ الكوادر الطبية في مستشفى كفرنبل هي من أبرز الكوادر في المنطقة، والمستشفى كان يقدّم خدماته إلى معظم قرى وبلدات المنطقة، ولعلّ أهمّها الخدمات الجراحية. كذلك كان يقدّم منذ سنوات الخدمات الخاصة للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، سواء أكانت أمراض قلب أو كلى أو غيرها من الحالات التي تستوجب عناية مستمرة. واليوم حياة هؤلاء في خطر، لا سيّما مرضى الكلى.
ويتابع المصطفى: "إنّ المرضى بمعظمهم نُقلوا إلى أماكن أكثر أماناً، لكنّها ليست مجهّزة مثل مستشفى كفرنبل الجراحي"، مشدداً على "ضرورة تدخل الأمم المتحدة والمعنيين لإنقاذ حياة المرضى خصوصاً الأطفال والنساء والشيوخ".
في السياق، يتحدّث مجد بكور وهو من سكان مدينة كفرنبل، عن لحظات القصف الذي استهدف المستشفى. يقول إنّ منزله يقع إلى جانب المستشفى، ويقول"استيقظت على صوت انفجار وهدير طائرة. هرعت إلى سطح المبنى، لأكتشف أنّ المستشفى استُهدف أربع مرّات. كأنّما ثمّة إصرار على القضاء عليه وعلى من في داخله". يضيف مجد الذي تمكّن من توثيق بعضاً من الغارات بعدسته، أنّ "حالة من الهلع أصابت عائلتي في ذلك الوقت. وعندما وصلت إلى المستشفى، كانت الأضرار المادية كبيرة. لحسن الحظ، لم تقع خسائر بشرية لأنّ الجميع لجأ إلى القبو".
وتتعرّض المستشفيات ومراكز الدفاع المدني في ريف إدلب لاستهداف مباشر من الطيران الحربي الروسي، الأمر الذي أدّى إلى خروج عدد كبير منها عن العمل، ليجد السوريون أنفسهم وسط واقع صحيّ إنسانيّ يصحّ وصفه بأنّه مزر.