كان ديميتريو ألبيرتيني في موقف متأخر ومن ثم كارلو تافيكيو كان الأقرب، ولكن بعد عبارة الأخير العنصرية انقلبت الموازين، وعاد ألبيرتيني إلى الصراع من جديد، ومن ثم بسبب ضعف شخصية لاعب ميلان السابق أصبحت صفوف من يطالب برئيس انتقالي ومؤقت لقيادة الاتحاد الإيطالي لكرة القدم تضم أسماء رنانة، من اليوفي إلى روما ومن فيورنتينا إلى سمبدوريا. هذا هو المشهد المشوش الذي تكون بعد المشاركة الكارثية للمنتخب الإيطالي في كأس العالم في البرازيل قبل أسابيع معدودة، ولاسيما عقب استقالة رئيس الاتحاد أبيتي ومدرب المنتخب برانديلي والمسؤول الفني أريجو ساكي. ولكن ما الذي حدث فور استقالة الرئيس السابق وما هي التيارات التي تتصارع من أجل السلطة والنفوذ الآن؟
كان الفشل الإيطالي شيئا مفاجئا، ولم يكن يتوقعه أحد وكان مدوياً لدرجة أن الطاقم الفني والإداري أُجبر على تقديم استقالته فور خروج المنتخب الإيطالي مبكراً من كأس العالم، وعليه لم تكن البيئة مهيئة لشيء من هذا القبيل؛ ولذا لم تكن الحلول الإدارية والفنية موجودة، والتخبط من قبل التحالفات التي كانت وراء بقاء أبيتي وتعيين برانديلي ومساندة أفكار أريجو ساكي، أصبحت تتضارب بحثاً عن قاعدة جديدة لتفادي انهيار الاتفاقات والمخططات التي تم وضعها في شهر إبريل/نيسان الماضي.
هنالك من أراد استغلال هذا الانهيار وهزيمة التحالفات التي أدت إلى بقاء أبيتي وبرانديلي للتغيير والانطلاق من الصفر، وهذا الحزب كان بقيادة يوفنتوس وروما ولاتسيو الذين كانوا حليفاً مسانداً للفكر الجديد، خصوصاً بما يتعلق بالترويج الخارجي للكرة الإيطالية. هذا الحزب أو التحالف وجد في ألبيرتيني الشخص الجديد والوجه المحبوب وذا الشعبية القادر على كسب ثقة الرأي العام، والرفع من المعنويات المنهارة للشارع الإيطالي بعد غرق المنتخب. ولكن سرعان ما تبخر كل هذا الحماس لألبيرتيني، عقب حديثه للصحافة واعترافه العلني بأنه لا يملك برنامجاً محدداً ووصفة معينة للخروج من عنق الزجاجة.
زاد هذا الخروج الصحافي غير الموفق من قوة صفوف الحزب الآخر الذي يقوده ميلان والذي يعتبر تافيكيو الاسم المناسب لقيادة الاتحاد نحو شاطئ الأمان. الكل حتماً يعرف ديميتريو ألبيرتيني، لاعب ميلان السابق ونائب الرئيس السابق أبيتي، ولكن من هو تافيكيو النائب الآخر لأبيتي؟
ولد كارلو تافيكيو عام 1943 في ضواحي مدينة ميلانو، ويملك خبرة كبيرة في عالم المصارف والمال والأعمال وفي إدارة الأندية الصغيرة وفي عام 1987 أصبح رئيساً لرابطة الهواة بعد نجاح كبير كرئيس لنادي بونتي لامبريزي للهواة، ومنذ ذلك العام لم يترك أروقة الرابطات الصغرى إلى يومنا هذا، ومن عام 2007 يشغل منصب نائب رئيس الاتحاد الإيطالي. يعني نتحدث عن شخص له خبرة كبيرة وفي نفس الوقت متقدم في السن وجزء لا يتجزأ من النظام السابق وفي المراحل المبدئية للترشيحات كان متأكداً من الفوز بعد أن تحصل على 67% من الأصوات الممكنة.
كان بين يدي تافيكيو فوز محقق، ولكنه تبخر بعد عبارته الحزينة والشهيرة "في إنجلترا يتم انتداب اللاعب وفقاً لمؤهلاته، بينما في إيطاليا يتم التعاقد مع أي أوبتي بوبا كان قبل أسبوع يأكل الموز فوق الشجرة"، وانقلب الرأي العام على تافيكيو وتقلص الفارق بينه وبين ألبيرتيني، ولكنه لم يتقلص لدرجة تفوق ألبيرتيني الذي استمر في عدم إقناع رؤساء الأندية والرأي العام، فهو في مقابلاته الصحفية عرض نفس مخطط أبيتي الذي تم الإعلان عنه في شهر نيسان/إبريل الماضي بكل تفاصيله وبدون إضافة شيء من عنده، وهذه الحيرة والفوضى والجدل الذي اندلع بعد عبارة تافيكيو أجبر رئيس اللجنة الأولمبية، مالاجو على التدخل وبشكل صارم للإشراف على هذه الفترة الانتقالية.
طلب البعض من مالاجو نفسه قبول منصب الرئاسة، ولكن هذا الأخير رفض لالتزامه المكثف مع اللجنة الأولمبية، وربما لأنه أدرك عمق الانقسام بين الأحزاب التي تكوّن الاتحاد.
استمر الانقسام بمرور الأيام والآن المشهد أصبح أكثر تشوشاً. فمن جهة الحزب الذي يساند ألبيرتيني أصبح غير واثق من هذا الأخير، خصوصاً يوفي وروما اللذين انضما إلى جبهة، و فيورنتينا وسمبدوريا وتشيزينا وتورينو وسمبدوريا وإيمبولي وكالياري الذين يطالبون بانسحاب كل من أبيتي وألبيرتيني، وتعيين مفتش أو رئيس مؤقت يقود الاتحاد في الموسم الحالي ويحدد موعداً جديداً للانتخابات وفتح المجال لمرشحين جدد، ومن جهة أخرى هنالك حزب من يريد المضي قدماً مع تافيكيو، وعلى رأسه ميلان ولاتسيو الذي ترك تحالف أنييلي مبكراً لكي ينضم إلى قافلة جالياني.
ومن هو هذا الاسم في حال قبل مالاجو اقتراح الرئيس المؤقت؟ بعد انسحاب رئيس فريق فيراري للسباقات، مونتيزيمولو (هنا تدخل عائلة أنييلي كان حاسماً، فقد تم وضع الفيتو عليه بعقد طويل المدى براتب خرافي)، تم ذكر اسم جان فرانكو فراتيني، وزير الخارجية السابق ولكن البيئة رفضت تدخل السياسيين وبشدة.
وستكشف الـ48 ساعة المقبلة، عن المفاجأة التي ذكرها مالاجو في لقاء صحافي اليوم، عسى أن تمسح أشهراً من الصراعات والاتفاقات، التي سممت أروقة الاتحاد والرابطة.