هزيمة ترامب في انتخابات آلاباما تفتح المشهد السياسي على المزيد من المفاجآت

13 ديسمبر 2017
انتكاسبة لترامب في آلاباما(إيزاك بريكن/Getty)
+ الخط -
فاز المرشح الأميركي الديمقراطي دووغ جونز في انتخابات فرعية بولاية آلاباما لمقعد في مجلس الشيوخ، وهزم خصمه الجمهوري روي مور، الذي دعمه الرئيس دونالد ترامب في هذه الولاية الجنوبية التي لم تنتخب أي ديمقراطي منذ ربع قرن وتعتبر عرين اليمين الانعزالي والتي انفردت بممارسة التمييز العنصري بين البيض وأصحاب البشرة الداكنة حتى ستينيات القرن الماضي. لكن المعادلة تغيرت بعدما أطاح بها تدخل ترامب.

وقبل عام أعطت آلاباما ترامب 73 في المائة من أصواتها بانتخابات الرئاسة، غير أنها اليوم انقلبت على المرشح الذي دعمه، والذي لم يشفع له أنه خاض المعركة تحت راية الحزب الجمهوري. انقلاب كان فيه أكثر من رابح مقابل خاسر واحد.

الحزب الديمقراطي كان أول الرابحين، حقق أول اختراق من نوعه في أعتى ساحة محافظة بالجنوب الأميركي المحسومة حصة ولاياته في مجلس الشيوخ للجمهوريين، منذ حوالى ثلاثة عقود من الزمن. ومن هذه الثغرة قد يتسلل الحزب الديمقراطي إلى ولايات أخرى، خصوصاً أن فوزه هذا يأتي في أعقاب نصر كاسح حققه في انتخابات حكام ومجالس نيابية وتنفيذية لعدد من الولايات في نوفمبر/تشرين الثاني الفائت.

الرابح الآخر هو الحملة المضادة لتنامي الحراك القومي للبيض في الولايات المتحدة الأميركية، وانكسارها في ولاية منغلقة تاريخياً مثل آلاباما، الأمر الذي يدفع باتجاه مزيد من الزخم لمواجهة ثقافة التمييز المتجددة.

كذلك خرج الحزب الجمهوري (بصفته مؤسسة) رابحاً مؤقتاً في هذه الجولة، فالمرشح مور ينتمي إلى تيار مستشار الرئيس ترامب السابق، ستيف بانون، الذي لا يخفي عداءه للحزب وقياداته؛ وبهزيمته اطمأن الحزب إلى أن قواعده التقليدية ما زالت تدين بالولاء له، وإن تسبب الأمر بخسارته مقعداً في مجلس الشيوخ، إذ تقلصت الأكثرية التي يملكها صوتاً واحداً فقط بمجموع 51 مقابل 49 للديمقراطيين.

في هذه المعادلة بقي ترامب الخاسر الأكبر، فالمعركة كانت بمثابة استفتاء حول رئاسته، خصوصاً أنّ الحزب الجمهوري نأى بنفسه عملياً عن المعركة، وتبنى ترامب وحده هذا المرشح وطروحاته ونزل بكل ثقله إلى جانبه، وناشد الناخبين التصويت له، قائلاً إنه يحتاج إلى صوته في مجلس الشيوخ لتمرير مشاريع أجندته. لكن النداء أنتج عكسه، فاز الديمقراطي بفارق حوالي عشرين ألف صوت، أي 50 في المائة مقابل 48 بالمائة، في ساحة كان الجمهوري يتفوق فيها بأضعاف هذا العدد وبسهولة تامة.

صحيح أن الروايات المُقنِعة عن سلوكيات المرشح مور والتي فضحتها عدد من النساء اللواتي كشفن عن تحرشاته المشينة بهن، قد ساهمت في تنفير شريحة واسعة من الناخبين الجمهوريين البيض وابتعادها عنه، لكن هذه العلة لم تكن كافية وحدها لتفسير سقوطه. الرئيس ترامب واجه اتهامات مماثلة وبعضها موثق أثناء حملته الانتخابية، من غير أن تؤدي إلى فشله.

انتخابات أمس، نقطة تحول حصيلتها صادمة للبيت الأبيض في أكثر من جانب. من جهة، لا بدّ أن تؤدي إلى المزيد من العراقيل لأجندة ترامب المترنحة في كل حال. 

ومن جهة ثانية، تنذر خسارته اليوم بخسائر أكبر في انتخابات الكونغرس (كل مجلس النواب وثلث مجلس الشيوخ) في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل وبما يزيد من تحويل رئاسته إلى بطة عرجاء قبل وصولها إلى منتصف مدتها، ناهيك بقطع الطريق على تجديدها، الأمر الذي من شأنه أن يحمل الكثيرين من الجمهوريين في مجلسي الكونغرس على وضع فاصل بينهم وبين الرئيس الذي تحول إلى عبء عليهم.

في ضوء هذا الانتكاس المبكر، يخشى البعض من أن يلجأ الرئيس أكثر فأكثر إلى المفاجآت الصاخبة للتعويض عن التراجع السريع في رئاسته، خصوصاً في الساحة الخارجية.



المساهمون