كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن تفاصيل تخبّط داخلي وأخطاء صحافية كبيرة أدّت إلى سجن مصدر لموقع "ذا إنترسبت" المعروف بكشفه الفساد وبتحقيقاته الكبيرة التي تنحاز إلى الناس. وتحدثت الصحيفة عن طريقة إنشاء الموقع وتمويله من قبل بيير أوميديار، عبر شركة "فيرست لوك ميديا"، والصحافيين غلين غرينوالد ولورا بويتراس اللذين كشفا عام 2013 أسرار إدوارد سنودن وأخبرا العالم عن كشفه الخروقات التي تقوم بها وكالة الأمن القومي الأميركي.
وتحدثت الصحيفة عن الأموال التي بدأ منها "ذا إنترسبت" وتلك التي تقاضاها صحافيوه النجوم، بالإضافة إلى المشاكل بين الموظفين مع إدارتهم حول إنشاء المؤسسة، وبينها نقاشات عن العِرق ودونالد ترامب وغيرها. لتصل إلى عام 2017، حين كانت لغوية في وكالة الأمن القومي الأميركي تحمل اسم رياليتي وينر (25 عاماً حينها) تسمع تدوينة صوتية لـ"ذا إنترسبت"، وطبعت تقريراً سرياً عن الهجمات الإلكترونية الروسية على برامج التصويت الأميركية، والذي بدا أنه يعالج بعض شكوك غرينوالد بشأن التدخل الروسي في حملة عام 2016 وأرسلته إلى صندوق بريد "ذا إنترسبت" في واشنطن، في أوائل مايو/أيار.
وأعطت المحررة بيتسي ريد ونائبها روجر هودج القصة إلى صحافيين تلفزيونيين معروفين: ماثيو كول وريتشارد إسبوزيتو. تعاون كول الذي كان يعمل سابقًا في NBC، مع غرينوالد في قصص سنودن وكان ضمن طاقم العمل. تم إحضار إسبوزيتو، وهو أيضًا مخضرم في بث الأخبار في NBC News وABC News، من الخارج، وهو الآن المتحدث الرئيسي باسم إدارة شرطة نيويورك.
وكان الإهمال بشأن حماية وينر محيرًا بشكل خاص في منظمة تأسست على الأمن. وظف "ذا إنترسبت" قادة في مجال الأمن الرقمي لمثل هذه المواقف. لكنّ كول لم يشركهم على الإطلاق.
قال كول وإسبوزيتو إنه تم دفعهما لتسريع نشر القصة، لكن كول أقر أيضًا بخطأ عدم التشاور مع فريق الأمن.
وبحسب "نيويورك تايمز"، سارع "ذا إنترسبت" إلى نشر قصة عن التقرير، متجاهلا أبسط الاحتياطات الأمنية. أرسل المراسل الرئيسي للقصة نسخة من الوثيقة التي تحتوي على علامات تظهر بالضبط أين ومتى تمت طباعتها، إلى وكالة الأمن القومي ومكتب شؤون الإعلام، باستثناء تحديد وينر على أنها المسربة.
في 3 حزيران/ يونيو، بعد حوالي ثلاثة أسابيع من إرسال وينر رسالتها، ظهر عنصران من الـ"إف بي آي" في منزلها في جورجيا لاعتقالها. أعلنوا عن الاعتقال بعد وقت قصير من نشر مقال "ذا إنترسبت" في 5 يونيو.
وقالت والدتها بيلي وينر ديفيز، في مقابلة عبر الهاتف الأسبوع الماضي: "لقد باعوها، وأفسدوا الأمر حتى يتم القبض عليها، ولم يحموا مصدرهم".
يعد الفشل في حماية مسرِّب مجهول خطيئة أساسية في الصحافة، على الرغم من أنه في هذه الحالة هو أن "ذا إنترسبت" لا يبدو أنه حاول حماية مصدره. فتح الموقع على الفور تحقيقا، مما أكد التفاصيل التي أعلنتها وزارة العدل بسعادة بعد أن ألقت القبض على وينر. تضمنت حقيقة أن "ذا إنترسبت" قاد السلطات إلى وينر عندما وزع الوثيقة في محاولة للتحقق منها، ثم نشر الوثيقة كاملة مع علامات التعريف على الإنترنت.