تزداد احتياجات اليمنيين الحياتية يوماً بعد يوم، ويجدون أنفسهم متكيّفين مع أزماتهم بكلّ الطرق المتاحة، وإن أتت مضرّة. ومع تصاعد الحرب في البلاد، راح سكّان كثيرون يُحرَمون من الخدمات الأساسية، لا سيّما مع انعدام الدخل وقطع رواتب موظفي القطاع العام منذ 14 شهراً. فقد انضمّ كثيرون من أبناء الطبقة المتوسطة من أمثال أساتذة الجامعات والقضاة وكبار ضباط الجيش والأمن، إلى قافلة المحتاجين إلى مساعدات إنسانية. وهو ما يشير إلى الوضع الكارثي للشريحة الفقيرة الكبرى في البلاد، وبالتالي معاناة اليمن من أكبر كارثة في انعدام الأمن الغذائي في العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
سعيد مهيوب نازح يمني من محافظة حجة، يشكو لـ "العربي الجديد" من أنّ "أسعار كل شيء باتت ترتفع بصورة شهرية، ولم نعد نجد ما نأكله سوى القمح الذي نصنع منه أطباقاً متنوّعة، من قبيل الفتة والعصيدة أنواع الخبز". يضيف أنّ أكبر المتضررين من الأزمة الغذائية في عائلته، هما طفلاه اللذان لم يبلغا بعد الخامسة واللذان يتضاءل حجمهما، مشيراً إلى حزنه وشعوره بالعجز وهو يشاهد ضعف ولدَيه بسبب عدم قدرته على توفير الغذاء ذي القيمة الغذائية العالية.
ومع نقص المساعدات الدولية التي وصلت فقط إلى 55 في المائة من المبلغ المطلوب لإغاثة نحو نصف السكان المحتاجين في أواخر سبتمبر /أيلول الماضي، يحاول المواطنون الذين لا تصلهم المساعدات تدبّر أمورهم بكلّ الوسائل المتاحة، وإن أثّر ذلك سلباً على حياتهم ومستقبلهم. فهمي الصراري على سبيل المثال، مدير العلاقات العامة في "شبكة النماء اليمنية للمنظمات الأهلية"، يقرّ لـ "العربي الجديد" بأنّ "ثمّة أسرة واحدة من بين كل أسرتَين اثنتَين مديونة في سبيل الحصول على الغذاء. وقد ارتفعت النسبة بنحو 53 في المائة منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء مع نهاية 2014، بحسب تقييم أعدّته الشبكة شمل عيّنة من أكثر من أربعة آلاف أسرة". ويؤكد الصراري أنّ "الفرق بين الأسر الحضرية وتلك الريفية التي تعاني من الفقر ونقص الغذاء، لم يعد كبيراً مثلما كان قبل عام 2014، وهو الأمر الذي يشير إلى مدى تأثّر سكان المدن بسبب انقطاع المرتبات بصورة رئيسية". ويتابع أنّ "عدد الأسر الحضرية التي لم تحصل على أيّ غذاء فاق عدد الأسر الريفية بسبب انعدام موارد الدخل"، موضحاً أنّ "كثيرين من أفراد الأسر خرجوا بحثاً عن فرص عمل أو اشتغلوا في أعمال لم يسبق لهم أن اختبروها ولقاء أجر يومي. يُذكر أنّ كثيراً من تلك الأعمال كانت دون مستوياتهم التعليمية أو الاجتماعية، لكنّهم لم يكترثوا لذلك".
اقــرأ أيضاً
في السياق، قيّم تقرير أعدّه برنامج الأغذية العالمي في اليمن أساليب تكيُّف أكثر من ستّة آلاف و700 أسرة فقيرة من الريف والحضر مع أزماتهم الغذائية تحديداً. وتبيّن أنّ 59 في المائة من الأسر حصلت على الغذاء من المحلات بالدين، فيما حصلت 51 في المائة من الأسر على قروض مالية من أفراد، وغالباً للحصول على الغذاء. إلى ذلك، سُجّل نزوع نحو 27 في المائة من الأسر إلى تخفيض نفقاتها الخاصة بالتعليم والصحة من أجل شراء الغذاء، في حين نفدت الأصول القيمة لنحو 17 في المائة من الأسر والمدخرات المالية لنحو 15 في المائة من الأسر المشمولة بالتقرير. وقد اضطرّت الأزمة في اليمن اثنان في المائة من الأسر في صنعاء إلى التسوّل، فيما سُجّل انخفاض في معدّل استهلاكها الغذائي بنحو 57 في المائة عمّا كان عليه قبل الحرب. كذلك، فإنّ نحو اثنَين في المائة من الأسر اضطرت إلى سحب أبنائها أو بناتها من المدارس، مع خفض استهلاكها الغذائي بنحو 33 في المائة.
إلى ذلك، يقول الباحث التنموي محمد الماوري إنّ "أحد أكبر مآخذ جهود الإغاثة في البلاد هو استمرار المنظمات الإغاثية في توزيع المواد الغذائية الاستهلاكية سريعة النضوب من دون تنفيذ مشاريع مستدامة تقوم على ضمان توفير الغذاء للسكان بصورة مستمرة، مثل مشاريع استصلاح الأراضي الزراعية وتوفير مداخيل الزراعة التي أصبحت أسعارها خارج متناول المزارعين ودعم المزارعين بأنظمة الري الاقتصادية أو استغلال مياه السيول في ريّ الأراضي الزراعية". ويشير الماوري إلى أنّ "الجهود الإنسانية الدولية لا تساند اليمنيين في تقوية اقتصادهم، إذ تجلب الغذاء من الخارج بدلاً من شرائه من اليمن أو من الفلاحين بهدف زيادة عرض العملة الصعبة أو المحلية لدعم الاقتصاد اليمني المنهار".
اقــرأ أيضاً
سعيد مهيوب نازح يمني من محافظة حجة، يشكو لـ "العربي الجديد" من أنّ "أسعار كل شيء باتت ترتفع بصورة شهرية، ولم نعد نجد ما نأكله سوى القمح الذي نصنع منه أطباقاً متنوّعة، من قبيل الفتة والعصيدة أنواع الخبز". يضيف أنّ أكبر المتضررين من الأزمة الغذائية في عائلته، هما طفلاه اللذان لم يبلغا بعد الخامسة واللذان يتضاءل حجمهما، مشيراً إلى حزنه وشعوره بالعجز وهو يشاهد ضعف ولدَيه بسبب عدم قدرته على توفير الغذاء ذي القيمة الغذائية العالية.
ومع نقص المساعدات الدولية التي وصلت فقط إلى 55 في المائة من المبلغ المطلوب لإغاثة نحو نصف السكان المحتاجين في أواخر سبتمبر /أيلول الماضي، يحاول المواطنون الذين لا تصلهم المساعدات تدبّر أمورهم بكلّ الوسائل المتاحة، وإن أثّر ذلك سلباً على حياتهم ومستقبلهم. فهمي الصراري على سبيل المثال، مدير العلاقات العامة في "شبكة النماء اليمنية للمنظمات الأهلية"، يقرّ لـ "العربي الجديد" بأنّ "ثمّة أسرة واحدة من بين كل أسرتَين اثنتَين مديونة في سبيل الحصول على الغذاء. وقد ارتفعت النسبة بنحو 53 في المائة منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء مع نهاية 2014، بحسب تقييم أعدّته الشبكة شمل عيّنة من أكثر من أربعة آلاف أسرة". ويؤكد الصراري أنّ "الفرق بين الأسر الحضرية وتلك الريفية التي تعاني من الفقر ونقص الغذاء، لم يعد كبيراً مثلما كان قبل عام 2014، وهو الأمر الذي يشير إلى مدى تأثّر سكان المدن بسبب انقطاع المرتبات بصورة رئيسية". ويتابع أنّ "عدد الأسر الحضرية التي لم تحصل على أيّ غذاء فاق عدد الأسر الريفية بسبب انعدام موارد الدخل"، موضحاً أنّ "كثيرين من أفراد الأسر خرجوا بحثاً عن فرص عمل أو اشتغلوا في أعمال لم يسبق لهم أن اختبروها ولقاء أجر يومي. يُذكر أنّ كثيراً من تلك الأعمال كانت دون مستوياتهم التعليمية أو الاجتماعية، لكنّهم لم يكترثوا لذلك".
إلى ذلك، يقول الباحث التنموي محمد الماوري إنّ "أحد أكبر مآخذ جهود الإغاثة في البلاد هو استمرار المنظمات الإغاثية في توزيع المواد الغذائية الاستهلاكية سريعة النضوب من دون تنفيذ مشاريع مستدامة تقوم على ضمان توفير الغذاء للسكان بصورة مستمرة، مثل مشاريع استصلاح الأراضي الزراعية وتوفير مداخيل الزراعة التي أصبحت أسعارها خارج متناول المزارعين ودعم المزارعين بأنظمة الري الاقتصادية أو استغلال مياه السيول في ريّ الأراضي الزراعية". ويشير الماوري إلى أنّ "الجهود الإنسانية الدولية لا تساند اليمنيين في تقوية اقتصادهم، إذ تجلب الغذاء من الخارج بدلاً من شرائه من اليمن أو من الفلاحين بهدف زيادة عرض العملة الصعبة أو المحلية لدعم الاقتصاد اليمني المنهار".