وبين فيتيكي، الذي رأس لمدة عشر سنوات منظومة الدعاية الرسمية في ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلي، أن تل أبيب تحرص على توظيف المعلومات الاستخبارية السرية في الحملات الدعائية العلنية بهدف خدمة مصالحها في المعركة على الرواية في الساحات المختلفة.
وفي مقابلة مطولة أجرتها معه مجلة "الدفاع الإسرائيلي" (ISRAEL DEFENSE)، و
نشرتها اليوم الأحد، لفت فيتيكي إلى أن المعلومات الاستخبارية وظفت من قبل منظومة الدعاية الإسرائيلية فيما سماه "الحرب على الوعي" ضد الطرف الآخر.
وذكر أن أحد أوضح الأمثلة على توظيف المعلومات الاستخبارية السرية في تعزيز الخط الدعائي الإسرائيلي يتمثل في المؤتمر الصحافي "الدراماتيكي" الذي عقده رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في 30 إبريل/نيسان 2018 بمقر وزارة الدفاع في تل أبيب والذي عرض فيه الأرشيف النووي الإيراني الذي سيطر عليه الموساد في شهر يناير/كانون الثاني من العام نفسه وجلبه إلى إسرائيل.
وبحسب فيتيكي، فإن طاقماً مكوناً من رجال استخبارات وخبراء دعاية عكفوا لمدة شهرين على الإعداد للمؤتمر الصحافي الذي عقده نتنياهو، مشيراً إلى أن التحدي الذي واجه الطاقم تمثل في أن يراعي المؤتمر الموازنة بين متطلبات الدعاية والقيود التي يفرضها العمل الاستخباري.
وأشار إلى أنه يتم توظيف المعلومات الاستخبارية في الجهد الدعائي بحيث لا يتمكن "العدو" من التعرف على المصدر الذي زود إسرائيل بالمعلومات الاستخبارية وعلى الطرق التي تستخدمها الأجهزة الاستخبارية في جمع المعلومات.
وقال إن التوافق على طرق وأنماط عرض المعلومات الاستخبارية خلال الحملة الدعائية يستنزف وقتاً طويلاً من النقاشات والحوار بين رجال الاستخبارات والمسؤولين عن الدعاية بحيث يتم تحقيق أهداف إسرائيلية بأفضل مستوى ممكن.
وأشار فيتيكي، الذي وصفته المجلة بأنه كان الأقرب إلى نتنياهو من بين بقية موظفي ديوان رئيس الحكومة، إلى أن أول متطلب لبناء الحملة الدعائية يتمثل في تحديد الأهداف المرجوة منها، مشيراً إلى أن إسرائيل شنت حملات دعائية ضد البرنامج النووي الإيراني وحملات تهدف إلى تسويغ فرض العقوبات على طهران وضد توسعها في المنطقة، إلى جانب شن حملات ضد أطراف أخرى، مثل حركة "المقاومة الإسلامية (حماس).
وأوضح أن إسرائيل تتوجه بحملاتها الدعائية إلى جماهير ثلاثة: الجمهور الإسرائيلي، الدولي، والإقليمي، وهو ما يوجب تصميم الحملات الدعائية بحيث تكون ذات قدرة تأثير كبيرة على هذه الجماهير، مع مراعاة الاختلاف بينها؛ مشيراً إلى أن ذلك أوجب الاستعانة بعناصر دعاية يتحدثون لغات عدّة.
وأكد أنه بعد تحديد نوعية الجمهور المستهدف بالحملات الدعائية يتم تحديد الأدوات المستخدمة في محاولة التأثير عليه، مشيراً إلى أن المؤتمر الصحافي لنتنياهو والذي تم الكشف فيه عن الأرشيف النووي الإيراني هدف إلى التأثير على الرأي العام العالمي وتوجهاته من المشروع النووي الإيراني وسياسات طهران.
ولفت إلى أنه على الرغم من أن الأرشيف النووي الإيراني الذي جلبه الموساد ضم 100 ألف وثيقة، إلا أن الحملة الدعائية التي بدأت بالمؤتمر الصحافي لنتنياهو عمدت إلى توظيف الوثائق التي تدلل على أن إيران كذبت على المجتمع الدولي طيلة الوقت بشأن نواياها وراء المشروع الذري.
وقال فيتيكي إن منظومة الدعاية الرسمية تعمل بشكل وثيق مع كل من "الموساد" و"شعبة الاستخبارات العسكرية" (أمان)، مشيراً إلى أن هذه المنظومة تعتمد على التعاون مع "أمان" في كل ما يتعلق بالحملات الدعائية ضد "حزب الله"، لا سيما الحملات الهادفة إلى تسليط الأضواء على خطورة مشروع الصواريخ ذات دقة الإصابة العالية الذي يعكف عليه الحزب.
وأكد أنه بخلاف المواجهة ضد إيران و"حزب الله"، فإن تنظيم الحملات الدعائية ضد الساحة الفلسطينية مهمة معقدة، لافتاً إلى أن منظومة الدعاية الرسمية تعمل مع جهاز المخابرات الداخلية (الشاباك) في كل ما يتعلق بالحملات الدعائية ضد الساحة الفلسطينية، على اعتبار أن هذا الجهاز مسؤول بشكل أساس عن جمع المعلومات الاستخبارية عن هذه الساحة.
وبحسب فيتيكي، فإن التعاون بين منظومة الدعاية الرسمية و"الشاباك" توطد خلال الحروب الثلاثة والحملات العسكرية وجولات التصعيد التي شنتها إسرائيل على القطاع.