16 أكتوبر 2024
هل الإسلام ورقة رابحة للفوز في الانتخابات بالغرب؟
وصفت صحف فرنسية قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، منع استقبال اللاجئين، ومنع مواطني ست دول عربية وإيران دخول الولايات المتحدة، بالهذيان، في حين أن خطاب ترامب وقراراته التي وقّع بعضها في الأسبوع الأول لتسلمه مقاليد الحكم، لم تهبط من السماء فجأة، بل هي استمرار لخطاب غربي، بدأ خصوصا عقب أحداث "11 سبتمبر" في العام 2001 في الولايات المتحدة، وغزو العراق وأفغانستان. أما خطاب الكراهية هذا مع تلك الأحداث، فقد كان سابقا لها في الولايات المتحدة وفي أوروبا، لكن الجديد أن الأحزاب المتنافسة في الانتخابات في بعض الدول الغربية أخذت تعتبر هذا الخطاب مفتاح الوصول إلى قلوب ملايين الناخبين ومشاعرهم، بهدف الفوز في الانتخابات.
لقد بدا أن بعض الحملات الرئاسية للمرشحين تخطط في مراكز الحملات الانتخابية، أو مع مقرّبين للمرشح في هذه المؤسسة الأمنية أو تلك بعناية، لاستثمار "العدو الإرهابي الإسلامي" عبر طرح جملة هنا وجملة هناك، ترفع من حظوظ هذا المرشح أو ذاك، وتزيد من الأصوات لصالحه، أو القيام بعملية إرهابية يتهم بها "العدو"، أو بث فيديو لشخصية "متهمة" بالإرهاب عشيّة الانتخابات .
يستند خطاب "كره الآخر" إلى مفاهيم نظرية سياسية واجتماعية في كيفية "صناعة العدو" والحرب العادلة التي تصبح حربا لا حدود لها، لأنها مفتوحة بلا نهاية، كما الحرب الاستباقية لمراجع غربية، مثل الفيلسوف الألماني كارل شميت، ونظيره ليو شتراوس، مصدر إلهام المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الذين وضعوا "مشروع القرن الأميركي الجديد للهيمنة"، والمسمى مختصرا PNAC ومهندسي حرب العراق والشرق الأوسط الكبير والفوضى الخلاقه والحرب الأستباقية لعدو محدّد وفقا لمصالحهم.
يقول بيار كونيسا، وهو أحد كبار مديري الدراسات الاستراتيجية العسكرية ومؤلف كتاب
"صناعة العدو" إن "العدو الوهمي ليس معطى حقيقيا ولا قانونيا، بل هو أمر تخيلي". وغالبا ما تقوم الدول بإيجاد هذا العدو، لتبرير شن حروب، والدخول في نزاعاتٍ مع دول أخرى. لكن الأمر لا يقتصر على خلق عدو وهمي عالمي، بل يمكن للدول والحكومات خلق عدو داخلي، عندما تكون بحاجة إلى تحقيق مآرب تحصل عليها بواسطة مثل هذه التركيبات المتخيلة. لم يقتصر استعمال المفاهيم النظرية للفيلسوف الألماني، كارل شميت وليو شتراوس، أميركيا في صناعة "عدو وهمي" عالمي هو "الإرهاب الإسلامي"، بعد سقوط العدو الاتحاد السوفييتي لتبرير غزو وحرب وتوسع في أنحاء العالم فحسب، بل تعداه إلى النخب الأوروبية التابعة للمحافظين الجدد، ومنها الفرنسية التي ستستعمله بفعالية لخلق إسلاموفوبيا واسعة في المجتمع الفرنسي.
وقد تم استخدام هذا المفهوم الفعال والمربح في الحملة الانتخابية للولاية الثانية لجورج بوش في الولايات المتحدة، واستخدمه نيكولا ساركوزي في فرنسا، ويستخدمه اليوم بعض المرشحين من اليمين واليسار لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة لعام 2017.
ترتبط في الولايات المتحدة "صورة العربي" بالصورة التي رسمتها له هوليوود واستديوهاتها الصهيونية عبر مئات من الأفلام. وهي صورة مشوّهة، مصنوعة بإتقان، لوضع مشهد في هذا الفيلم أو في ذاك "كعدو إرهابي فلسطيني"، أو هي صورة العربي المخادع والكاذب بالقميص واليشماغ الذي لا يوثق فيه أبدا. وخصصت إدارة بوش ووزارة الدفاع (البنتاغون) ماكينة إعلامية ودعائية ضخمة بمليارات الدولارات، لتسويق حربها ضد "العدو الإسلامي" وشيطنته وتصويره بأسوأ أنواع البشر، ناهيك عن باقي الجمعيات والتجمعات، وأهمها المسيحية- الصهيونية واللوبي وجمعياته. لكن تخويف الأميركي والأوروبي وإرعابهما قد وصلا إلى الذروة، مع أحداث "11 سبتمبر" لمبنيي التجارة العالميين في نيويورك عام 2001، والذي يبقى على الرغم من افتضاح أكاذيب روايته الرسمية لشرائح واسعة من أساتذة وعلماء وطيارين ومهندسين وفلاسفة، وحتى عسكريين وضباط مخابرات يعملون في مؤسسات الحكومة، حدا فاصلا يؤرخ لما قبل هذا اليوم وبعده، ليس فقط في الولايات المتحدة وأوروبا، بل للشرق الأوسط خصوصا وللعالم عموما، لأن الولايات المتحدة استطاعت عمليا أن تفرض على دول العالم عقيدتها حول "العدو" المتمثل بما تسميه الإرهاب الإسلامي العالمي، حينما قال بوش إن من ليس معنا فهو ضدنا، ليدخل العالم وحكوماته تحت عولمة المفهوم مكرها. وشتم وزير دفاعه، دونالد رامسفيلد، أوروبا وسماها العجوزة، لأن الرئيس الفرنسي في حينه، جاك شيراك، رفض مشاركة بلاده في الحرب على العراق.
تبنّى الكونغرس مشروع "أكت باتريوت" لتقنين الحريات الشخصية والصحفية. ووفقا لهذا
القانون، تمت مراقبة العرب والمسلمين، واحتجاز عدد كبير منهم "بشكل وقائي"، واستجواب المسافرين منهم ساعات طويلة في المطارات، وبسبب ذلك وقعت جرائم عنصرية من اعتداءات وحرق متاجر ومساجد في أنحاء متفرقة من البلاد. وتم جلب ناشطين من خارج الولايات المتحدة، كما من إيطاليا وفرنسا والدول الأسكندنافية، وحبسهم في السجون الأميركية، بحجج غير قانونية، ومراقبة كثيرين منهم، وحبس متبرعين فلسطينيين، أدى إلى انتشار حالة من الشك والخوف والاتهام في أميركا تستمر إلى يومنا هذا.
أما في حملة الولاية الثانية لبوش، فقد تم توظيف أحداث الحرب في العراق وأفغانستان، لإظهار عدالة الحرب بين "المتحضر الأميركي" وجماعاتٍ بدائيةٍ، قادتها ملتحون يعيشون في أجواء القرون السحيقة في الجبال، إذ شاهد الناس حول العالم عبر الفضائيات "فيديوهات بن لادن والظواهري وأفلام ما تسمى تنظيم القاعدة"، تبث بشكل منتظم وبتكرار طوال ساعات النهار والليل، مع هبوط شعبيه بوش، بسبب الحرب، لترتفع بعدها في استطلاعات الرأي العام. وقد دعا ذلك الفرنسيين إلى التندر على الفيديوهات التي تبث غالبا بأوقاتٍ معينةٍ، لإنقاذ شعبية بوش. وحتى عندما انتخب باراك أوباما، انتشرت اعتداءات لفظية كثيرة، سمعناها وقرأناها في الإعلام الأميركي بسبب اسمه، باراك حسين أوباما، واتهامه بأنه مسلم يتخفى بالمسيحية، إذ لم تتقبل شرائح أميركية انتخاب ليس فقط رئيسا أسود، بل ويحمل اسما عربيا، خصوصا لدى أنصار حزب الشاي. هذه الجماهير اليمينية المحافظة تقليديا هي من تحفزت ونشطت لانتخاب انكلو-ساكسوني، يجاهر بمعاداته العرب والمسلمين، جعل من حملته الانتخابية مهرجانا لتصريحات حول مصادرة النفط العراقي وغيره إلى دول عربية في مقابل تحرير الجيش الأميركي لهم.
وعقب سبتمبر/ أيلول 2001، سادت أجواء الشك والعداء والكراهية أكثر وأكثر للعربي والمسلم في فرنسا بواسطة الماكينة الإعلامية، ونخبة من الإعلاميين والكتاب والمفكرين المنظرين للحرب وغزو العراق وتصادم الحضارات وترسيم الحدود في الشرق الأوسط الكبير. وبعد أن كان وباء العنصرية سائدا في الطبقات الفقيرة غير المتعلمة التي لا تجد عملا بسبب "المهاجر العربي المسلم"، كما تدّعي أحزاب اليمين المتطرّف وقلة من اليمين، انتقلت لتشمل أحزاب اليمين التقليدية وأحزاب اليسار. ويمثل تسلم ساركوزي حقيبة وزارة الداخلية في فترة حكم الرئيس جاك شيراك الثانية نقلة تاريخية في تصاعد لهجة الخطاب العدائي للعرب والمسلمين في فرنسا، حيث جرى ذلك في وقت التحاق أوروبا بالعولمة، وتعرّض الاقتصاد العالمي فيما بعد، وخلال رئاسته، لهزة أزمة 2008 التي زعزعت اقتصادات أوروبا، وأفرغت ميزانيات الدول وأنهكتها بالديون غير الشرعية وبالبطالة وتقليص الخدمات.
وغالبا ما تكون هذه الفترات تربة خصبة للعنصرية وخلق عدو كشاشة ضباب تخفي خلفه المشكلات الاقتصادية الحقيقية للبلد. ولما لا يمكن خلق عمليات إرهابية تتهم بها مجموعة كما حدث في إيطاليا مع الجيش السري غلاديو واتهام الجماعات اليسارية فيها بالإرهاب. وتلقف ساركوزي هذه اللحظة الحساسة، فوعد الفرنسيين بتنظيف هذه المناطق من شبابها العرب الذين يصوّرهم الإعلام الفرنسي بالمغتصب والمتطرف، بواسطة عربات القمامة، فلقي هذا الخطاب صدى واسعا أوصل ساركوزي إلى الفوز في الانتخابات الرئاسية عام 2007، لينفذ الكثير من القرارات المناهضة للعرب والمسلمين والقضايا العربية، كالعودة إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، كما ترغب إدارة بوش، ووقف الإعلام بشأن القضية الفلسطينية بالكامل، وفصل الصحفيين الفرنسيين المتخصصين بالشرق الأوسط من وظائفهم. وحينما ترشح ساركوزي للفترة الرئاسية الثانية، وعشية الانتخابات، ولبث الذعر بين الناس، حدثت عملية غريبة جدا اشتهرت باسم محمد مراح، الشاب من أصول جزائرية، ونشرت الصحافه أنه كان يعمل مخبرا لدى الشرطة الفرنسية، واتهم بقتل فرنسيين، وقد سجل مراح شريطا يقول ببراءته، أرسله إلى محاميته في الجزائر، ويكشف عمله مع أجهزة الدولة.
وربما اختار الرئيس الفرنسي الاشتراكي، فرانسوا هولاند، رئيسا للوزراء يتماثل خطابه مع
سلفه، هو إيمانويل فالس الذي جعل خطاب العنصرية والكراهية للعربي والمسلم طبيعيا من حكومته، والنخبة الفكرية الصهيونية التي تسانده، بعد أن كان لسنوات يستعمل القضية الفلسطينية موضوعا لفوزه في مكان إقامته المعروف بغالبية فرنسية عربية الأصول. وفي التنافس على الترشح للانتخابات الفرنسية المقبلة في 2017، يتبارى المترشحون، ومنهم فالس، في خطاب الإسلاموفوبيا، حتى وصل الأمر إلى اتهام زميله في الحزب، المترشح بونوا هامون، بأنه يساري- إسلامي، لأن الأخير "يرفض" الخطاب العنصري. ووصف حزب الجبهة الوطنية اليميني قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، منع دخول مواطني سبع دول إسلامية الولايات المتحدة، بأنه قرار شجاع. وقال ستيف بوريس، نائب رئيسة الحزب، إنه لا يستبعد أن تتخذ مارين لوبان قرارا مثل هذا، وإنه "يجب اتخاذ هذا النوع من الإجراءات، إذا اضطررنا لذلك، حتى وإن كان الأمر صادما لدى بعضهم". وصرح النائب في الحزب، المحامي جليبرت كولار، أن "ترامب اتخذ إجراءات ضد دول، كان أوباما قد حذر منها، ومن خطورتها من قبل. وبالتالي، هذه الإجراءات الاحترازية منطقية". كما دعا إدارة ترامب إلى توسيع هذه الإجراءات، لتطاول دولاً عربية أخرى، مثل المملكة العربية السعودية. ليس فوز الجبهة الوطنية اليميني في الانتخابات، أو وصوله إلى الدور الثاني، أمرا مستبعدا، بسبب الخطاب العنصري ضد الإسلام والمسلمين الفرنسيين، فقد وصل خطاب الكراهية والإسلاموفوبيا في فرنسا إلى حد بعيد وخطير، لم يصل إليه من قبل، ما لا يبشر بأي خير للفرنسيين من أصول عربية. منذ 2001، لم تتوقف الولايات المتحدة، ولا بعض حكومات الدول الغربية، ولا أحزابها عن استراتيجية التوتر والصدمة، كما تسميها الكاتبة الكندية، نومي كلان، ولا عن صناعة عدو وهمي لغزو بلدان وتدميرها، أو لشيطنة العدو نفسه وتجريمه، بحجة تصادم الحضارات، وعدم إمكانية مصالحة الدين الإسلامي مع الحداثة الأوروبية، ورفض وجوده وسحقه في المجتمع الأوروبي للفوز في الانتخابات.
لقد بدا أن بعض الحملات الرئاسية للمرشحين تخطط في مراكز الحملات الانتخابية، أو مع مقرّبين للمرشح في هذه المؤسسة الأمنية أو تلك بعناية، لاستثمار "العدو الإرهابي الإسلامي" عبر طرح جملة هنا وجملة هناك، ترفع من حظوظ هذا المرشح أو ذاك، وتزيد من الأصوات لصالحه، أو القيام بعملية إرهابية يتهم بها "العدو"، أو بث فيديو لشخصية "متهمة" بالإرهاب عشيّة الانتخابات .
يستند خطاب "كره الآخر" إلى مفاهيم نظرية سياسية واجتماعية في كيفية "صناعة العدو" والحرب العادلة التي تصبح حربا لا حدود لها، لأنها مفتوحة بلا نهاية، كما الحرب الاستباقية لمراجع غربية، مثل الفيلسوف الألماني كارل شميت، ونظيره ليو شتراوس، مصدر إلهام المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الذين وضعوا "مشروع القرن الأميركي الجديد للهيمنة"، والمسمى مختصرا PNAC ومهندسي حرب العراق والشرق الأوسط الكبير والفوضى الخلاقه والحرب الأستباقية لعدو محدّد وفقا لمصالحهم.
يقول بيار كونيسا، وهو أحد كبار مديري الدراسات الاستراتيجية العسكرية ومؤلف كتاب
وقد تم استخدام هذا المفهوم الفعال والمربح في الحملة الانتخابية للولاية الثانية لجورج بوش في الولايات المتحدة، واستخدمه نيكولا ساركوزي في فرنسا، ويستخدمه اليوم بعض المرشحين من اليمين واليسار لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة لعام 2017.
ترتبط في الولايات المتحدة "صورة العربي" بالصورة التي رسمتها له هوليوود واستديوهاتها الصهيونية عبر مئات من الأفلام. وهي صورة مشوّهة، مصنوعة بإتقان، لوضع مشهد في هذا الفيلم أو في ذاك "كعدو إرهابي فلسطيني"، أو هي صورة العربي المخادع والكاذب بالقميص واليشماغ الذي لا يوثق فيه أبدا. وخصصت إدارة بوش ووزارة الدفاع (البنتاغون) ماكينة إعلامية ودعائية ضخمة بمليارات الدولارات، لتسويق حربها ضد "العدو الإسلامي" وشيطنته وتصويره بأسوأ أنواع البشر، ناهيك عن باقي الجمعيات والتجمعات، وأهمها المسيحية- الصهيونية واللوبي وجمعياته. لكن تخويف الأميركي والأوروبي وإرعابهما قد وصلا إلى الذروة، مع أحداث "11 سبتمبر" لمبنيي التجارة العالميين في نيويورك عام 2001، والذي يبقى على الرغم من افتضاح أكاذيب روايته الرسمية لشرائح واسعة من أساتذة وعلماء وطيارين ومهندسين وفلاسفة، وحتى عسكريين وضباط مخابرات يعملون في مؤسسات الحكومة، حدا فاصلا يؤرخ لما قبل هذا اليوم وبعده، ليس فقط في الولايات المتحدة وأوروبا، بل للشرق الأوسط خصوصا وللعالم عموما، لأن الولايات المتحدة استطاعت عمليا أن تفرض على دول العالم عقيدتها حول "العدو" المتمثل بما تسميه الإرهاب الإسلامي العالمي، حينما قال بوش إن من ليس معنا فهو ضدنا، ليدخل العالم وحكوماته تحت عولمة المفهوم مكرها. وشتم وزير دفاعه، دونالد رامسفيلد، أوروبا وسماها العجوزة، لأن الرئيس الفرنسي في حينه، جاك شيراك، رفض مشاركة بلاده في الحرب على العراق.
تبنّى الكونغرس مشروع "أكت باتريوت" لتقنين الحريات الشخصية والصحفية. ووفقا لهذا
أما في حملة الولاية الثانية لبوش، فقد تم توظيف أحداث الحرب في العراق وأفغانستان، لإظهار عدالة الحرب بين "المتحضر الأميركي" وجماعاتٍ بدائيةٍ، قادتها ملتحون يعيشون في أجواء القرون السحيقة في الجبال، إذ شاهد الناس حول العالم عبر الفضائيات "فيديوهات بن لادن والظواهري وأفلام ما تسمى تنظيم القاعدة"، تبث بشكل منتظم وبتكرار طوال ساعات النهار والليل، مع هبوط شعبيه بوش، بسبب الحرب، لترتفع بعدها في استطلاعات الرأي العام. وقد دعا ذلك الفرنسيين إلى التندر على الفيديوهات التي تبث غالبا بأوقاتٍ معينةٍ، لإنقاذ شعبية بوش. وحتى عندما انتخب باراك أوباما، انتشرت اعتداءات لفظية كثيرة، سمعناها وقرأناها في الإعلام الأميركي بسبب اسمه، باراك حسين أوباما، واتهامه بأنه مسلم يتخفى بالمسيحية، إذ لم تتقبل شرائح أميركية انتخاب ليس فقط رئيسا أسود، بل ويحمل اسما عربيا، خصوصا لدى أنصار حزب الشاي. هذه الجماهير اليمينية المحافظة تقليديا هي من تحفزت ونشطت لانتخاب انكلو-ساكسوني، يجاهر بمعاداته العرب والمسلمين، جعل من حملته الانتخابية مهرجانا لتصريحات حول مصادرة النفط العراقي وغيره إلى دول عربية في مقابل تحرير الجيش الأميركي لهم.
وعقب سبتمبر/ أيلول 2001، سادت أجواء الشك والعداء والكراهية أكثر وأكثر للعربي والمسلم في فرنسا بواسطة الماكينة الإعلامية، ونخبة من الإعلاميين والكتاب والمفكرين المنظرين للحرب وغزو العراق وتصادم الحضارات وترسيم الحدود في الشرق الأوسط الكبير. وبعد أن كان وباء العنصرية سائدا في الطبقات الفقيرة غير المتعلمة التي لا تجد عملا بسبب "المهاجر العربي المسلم"، كما تدّعي أحزاب اليمين المتطرّف وقلة من اليمين، انتقلت لتشمل أحزاب اليمين التقليدية وأحزاب اليسار. ويمثل تسلم ساركوزي حقيبة وزارة الداخلية في فترة حكم الرئيس جاك شيراك الثانية نقلة تاريخية في تصاعد لهجة الخطاب العدائي للعرب والمسلمين في فرنسا، حيث جرى ذلك في وقت التحاق أوروبا بالعولمة، وتعرّض الاقتصاد العالمي فيما بعد، وخلال رئاسته، لهزة أزمة 2008 التي زعزعت اقتصادات أوروبا، وأفرغت ميزانيات الدول وأنهكتها بالديون غير الشرعية وبالبطالة وتقليص الخدمات.
وغالبا ما تكون هذه الفترات تربة خصبة للعنصرية وخلق عدو كشاشة ضباب تخفي خلفه المشكلات الاقتصادية الحقيقية للبلد. ولما لا يمكن خلق عمليات إرهابية تتهم بها مجموعة كما حدث في إيطاليا مع الجيش السري غلاديو واتهام الجماعات اليسارية فيها بالإرهاب. وتلقف ساركوزي هذه اللحظة الحساسة، فوعد الفرنسيين بتنظيف هذه المناطق من شبابها العرب الذين يصوّرهم الإعلام الفرنسي بالمغتصب والمتطرف، بواسطة عربات القمامة، فلقي هذا الخطاب صدى واسعا أوصل ساركوزي إلى الفوز في الانتخابات الرئاسية عام 2007، لينفذ الكثير من القرارات المناهضة للعرب والمسلمين والقضايا العربية، كالعودة إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، كما ترغب إدارة بوش، ووقف الإعلام بشأن القضية الفلسطينية بالكامل، وفصل الصحفيين الفرنسيين المتخصصين بالشرق الأوسط من وظائفهم. وحينما ترشح ساركوزي للفترة الرئاسية الثانية، وعشية الانتخابات، ولبث الذعر بين الناس، حدثت عملية غريبة جدا اشتهرت باسم محمد مراح، الشاب من أصول جزائرية، ونشرت الصحافه أنه كان يعمل مخبرا لدى الشرطة الفرنسية، واتهم بقتل فرنسيين، وقد سجل مراح شريطا يقول ببراءته، أرسله إلى محاميته في الجزائر، ويكشف عمله مع أجهزة الدولة.
وربما اختار الرئيس الفرنسي الاشتراكي، فرانسوا هولاند، رئيسا للوزراء يتماثل خطابه مع
مقالات أخرى
27 سبتمبر 2024
02 سبتمبر 2024
16 اغسطس 2024