يستمرّ البحث حتى الساعة عن جواب علميّ مؤكد عن مصدر فيروس كورونا. أغلب دراسات العلماء تتمحور حالياً حول الخفّاش الذي يفترض أنّه نقله إلى الإنسان عبر حيوان بديل، قد يكون آكل النمل الحرشفي الذي تتمّ المتاجرة بلحمه وجلده على مستوى واسع حول العالم، وبأساليب وحشية.
لكن جائحة "كوفيد ــ 19" لم تكن الوحيدة التي انطلقت من الحيوانات، وذلك بشكل أساسي بسبب توغّل الإنسان في الطبيعة وتغيير مسارها ونظامها البيئي، وارتفاع نسب الصيد والتعذيب والرعاية غير الصحية للحيوانات.
الموت الأسود (الطاعون)
خلال القرن الرابع عشر، تشير الإحصاءات إلى أنّ الطاعون أدى إلى وفاة ثلث سكان أوروبا، وذلك بعد انتشاره بشكل جنوني وسريع. وطيلة هذه القرون، اعتبرت الجرذان المسؤولة عن نقل الطاعون إلى الإنسان، وذلك عبر البراغيث التي تعيش على أجسادها.
لكن عام 2017، توصّل العلماء إلى وقائع غيّرت مئات السنين من الاعتقاد الخاطئ. إذ نشر عدد من الباحثين في مجلة PNAS العلمية الأميركية نتيجة دراسة تظهر أن بعض أنواع البراغيث والقمل، التي تعيش على جسد الإنسان، هي سبب انتشار الموت الأسود في أوروبا.
ورغم أن الجرذان ساهمت في تسريع هذا الوباء في حقبات أخرى من التاريخ، وذلك بعد انتقال البراغيث منها إلى جسد الإنسان، إلا أنّ الموجة الثانية من الوباء في القرون الوسطى في أوروبا، لم يكن سببها الجرذان بحسب الدراسة.
لوحة للرسام ميشال سير تصوّر الطاعون في فرنسا (Getty)
الإنفلونزا الإسبانية
لسنوات طويلة، بقيت الخنازير متهمة بنشر الإنفلونزا الإسبانية التي قتلت مئات الملايين حول العالم، منذ بدايتها عام 1918. لكن مع تطوّر الدراسات والكشف على عينات جسدية من أحد ضحايا الوباء (احتفظ بأنسجته للدراسة)، تبيّن أن حيواناً آخر هو سبب الوباء، وفق ما نشرت مجلة "نايتشر" العلمية الأميركية. وكشفت دراسة، أشرف عليها عالم البيئة وعالم الأحياء التطوري مايكل ووروبي، أن مصدر الفيروس هو طيور محلية وبرية في أميركا الشمالية.
حصدت الإنفلونزا الإسبانية حياة مئات الملايين (يونيفرسال إيمدجز)
الإيدز
لعلّ أحد أخطر وأسوأ الأمراض والفيروسات الحديثة كان فيروس "نقص المناعة المكتسب" أو الإيدز. عام 1999، حلّ العلماء لغزاً استمرّ 20 عاماً حول أصل الفيروس، بحسب ما نقلت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية وقتها. إذ تبيّن أن الفيروس انتقل إلى البشر عبر الصيادين الذي يقومون بقتل قرود الشمبانزي للحصول على الطعام وبيع لحمها. وبحسب الدراسة فإن القتل التجاري لأعداد كبيرة من الشمبانزي والغوريلا والقرود من أجل اللحوم عرض للخطر الصيادين وواصل نقل العدوى. وجاءت هذه الخلاصة لتضع حداً للأساطير التي حيكت حول أصل الإيدز وأبرزها ممارسة البشر الجنس مع القرود.