ويحاول النظام والروس إظهار أمر إخفاء الأدلة بأنه أمر مستحيل، قائلين إن الأمر في حاجة إلى تنظيف الجدران أو تجريف الأبنية.
ويراهن المدافعون على شهادات أهل المنطقة، متغاضين عن أن أهل المنطقة هم تحت سيطرة النظام، ولا ضمانات لهم في حال رغبوا في التحدث بحرية.
ويرى ناشطون من ريف دمشق، أنّ "القلة المتبقية من المصابين في دوما، لن تجرؤ على مقابلة اللجنة حتى، إذ إن لا أحد يعلم مدى الرعب الذي يسببه النظام للأهالي، بخاصة في ظل عدم وجود قانون أو رادع حتى أخلاقي، وقد شهد السوريون الكثير من الأمثلة خلال السنوات الأخيرة من موت وإخفاء قسري وحصار وجوع"، مرجحين، من جهة أخرى، أن "يكون قد تمّ نقل جثث قتلى الهجوم الكيميائي من أماكن دفنهم".
في السياق ذاته، يؤكّد مسؤول العلاقات الخارجية في مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سورية، نضال شيخاني، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "من الممكن إخفاء أدلة استخدام الغازات السامة"، مرحجاً أن يكون النظام السوري "تعمد تأجيل دخول اللجنة المكلفة بجمع الأدلة من لبنان إلى سورية ليومين، ومن ثم إبقاءها في دمشق نحو 3 أيام من دون أن تدخل إلى دوما، ورغم أنها تحت سيطرة النظام".
ويرجح شيخاني "أن تكون مواقع الهجوم الكيميائي قد تم مسحها من قبل فرق مختصة تتبع للهندسة الكيميائية"، لافتاً إلى أن "النظام والروس لديهم أكثر من آلية للعمل على إخفاء الغازات السامة إن كان كلور أو سارين أو ما يشابههما".
ويشير إلى أن "تلك الغازات تم استخدامها في ثلاث نقاط محددة، إحداها على الطريق العام وهنا يرجح استخدام الكلور، النقطة الثانية داخل مبنى والنقطة الثالثة هي مستشفى، وفي النقطة الثانية أو الثالثة يرجح استخدام غاز أعصاب قد يكون السارين".
ويشرح أنّ "من الآليات التي قد تستخدم لإخفاء أثار الغازات السامة، مسح المناطق بمواد كيميائية أخرى، أو تدمير الأبنية المستهدفة وهنا يتم تدمير مسرح الجريمة وتفقد اللجنة القدرة على أخذ عينات، أما الشارع العام فقد يتم تجريفه إذا افترضنا استخدم به غاز السارين وإن كان المستخدم غاز الكلور فأثره يتلاشى بعد 48 ساعة تقريباً، وحتى غاز السارين يمكن أن يتلاشى بعد 10-15 يوماً، ولقد كان لدى النظام والروس الوقت الكافي لعمل ذلك".
ويلفت في هذا السياق، إلى "احتمال أن يكون النظام استخدم تركيبات كيميائية خاصة مع غاز السارين بهدف التضليل، لكن من المؤكد أنه استخدم غاز أعصاب استناداً إلى الأعراض التي أصابت الضحايا".
وحتى الساعة، لم تتمكن اللجنة الدولية من دخول مدينة دوما، إذ أرجئ دخولها، اليوم أيضاً، على خلفية إطلاق نار وقع، أمس، خلال تفقد الفريق الأولي الوضع الأمني، على رغم أن النظام والشرطة الروسية هما المسيطران بشكل تام على المدينة.
ونقلت وكالة "رويترز"، أنّه تم تأجيل إرسال مفتشي الأسلحة الكيميائية إلى دوما السورية بعد إطلاق نيران في موقع هجوم السابع من إبريل/ نيسان.
ونقلت الوكالة عن مصدر في الأمم المتحدة قوله، في وقت سابق، اليوم، إنه من غير المرجح أن يدخل مفتشو منظمة حظر الأسلحة الكيميائية دوما، اليوم، موضحاً أنّ "فريقاً أولياً دخل دوما، أمس، ولكن لم يدخلها خبراء المنظمة".
وذكرت منظمة الصحة العالمية، الأسبوع الماضي، أنّ نحو 500 شخص تلقوا علاجاً "لعلامات وأعراض"، تتفق مع التعرض لكيميائي سام بعد ما يشتبه بأنه هجوم بغاز سام على جيب للمعارضة السورية قبيل سقوطه.
وقالت المنظمة التابعة للأمم المتحدة، في بيان صدر في جنيف، إنه "على وجه الخصوص، ظهرت على المصابين بالأعراض علامات تهيج حاد في الأغشية المخاطية وفشل في الجهاز التنفسي واضطراب بالنظام العصبي المركزي".
ونبهت المنظمة إلى أنها لا تقوم بدور رسمي في تحقيقات الفحص الجنائي بشأن استخدام أسلحة كيميائية. ويسعى مفتشون دوليون مختصون بالأسلحة الكيميائية إلى الحصول على ضمانات من دمشق، بتوفير ممر آمن من وإلى دوما، لتحديد ما إذا كانت ذخيرة محظورة دولياً قد استخدمت هناك، رغم أنهم لن يوجهوا اللوم لأحد.
وقالت المنظمة أيضاً، إن تقارير أفادت بوفاة أكثر من 70 شخصاً كانوا محتمين في أقبية من القصف في الغوطة الشرقية، المعقل السابق للمعارضة والتي تقع فيها دوما.
ونقلت المنظمة عن تقارير لعاملين محليين في مجال الصحة القول، إنّ 43 من حالات الوفاة "مرتبطة بأعراض تتفق مع التعرض لكيميائيات شديدة السمية".
من جانبها، صرحت قيادات في "جيش الإسلام"، الذي كان مسيطراً على دوما، وتم تهجير كوادره مع عشرات آلاف المدنيين إلى الشمال، للكثير من الوسائل الإعلامية، بأنها تمتلك عدداً من الأدلة على استخدام الغازات السامة في دوما.