وأشاد الضيف بدور "النهضة" حسب البيان نفسه، في إنجاح التجربة التونسية، فيما أبدى استعداد الاتحاد للمشاركة في مراقبة الانتخابات البلدية المقررة يوم 6 مايو/أيار الشهر المقبل.
ويبدو الخبر في الظاهر عاديا مثل أي لقاء يتم بين مسؤولين حزبيين تونسيين وسفراء وممثلين عن المجتمع الدولي، إلا أن زيارة برغميني بالذات وتوجهه إلى مقر النهضة وإشادته بدورها في الانتقال الديمقراطي يبدو ملفتا للانتباه، لأن السفير كان قد وجّه منذ بضعة أسابيع انتقادات حادة للحركة، واصفا إياها بـ"جماعة الإخوان المسلمين".
وكان برغميني يتحدث في برنامج تلفزيوني لقناة الحوار التونسية بعد تصنيف تونس السلبي في تبييض الأموال ومقاومة الاٍرهاب، ويرد على انتقاد رئيس النهضة لذاك التصنيف، قائلا بأسلوب لا يخلو من دقة وإشارات قوية، "هل هناك شخصية سياسية أو حزب يريد أن يمنع الأوروبيين والتونسيين من العمل معاً لمقاومة الاٍرهاب وتبييض الأموال؟ نتمنى ألا نكون قد قرأنا جيداً هذا البيان الذي يحتاج قطعاً إلى مراجعة".
وهذه التصريحات تعني أن انتقاد "النهضة" لتصنيف تونس في تلك القائمة السوداء يشكل مانعا للأوروبيين والتونسيين الآخرين، من العمل لمقاومة الاٍرهاب، في إشارة سياسية قوية، لأن ذاك الموقف الصادر عن النهضة قد يصنف من الاتحاد الأوروبي في خانة التشجيع على تبييض الأموال وعدم مقاومة الاٍرهاب.
وتزامن موقف برغميني مع موقف قوي آخر لشخصية فرنسية أخرى، وهو رئيس الوزراء الفرنسي السابق جان بيار رافاران، الذي اعتبر أن تونس قد تنحرف عن مسارها إذا تأكدت نوايا التصويت ومنحت حركة النهضة الأغلبية في الانتخابات البلدية القادمة.
وأصر سفير الاتحاد الأوروبي، في نفس الحوار المذكور على وصف حركة "النهضة" بحزب جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما اعتُبر تهديدا صريحا للحركة بعدم الاقتراب من خطوط حمراء يرسمها الاتحاد الأوروبي وبعض سفراء الدول الكبرى.
وكان رئيس مجلس شورى الحركة، عبد الكريم الهاروني، قد ردّ على توصيف سفير الاتحاد الأوروبي حركة النهضة بأنها "الإخوان المسلمين" في تونس، معتبراً أن "السفير أخطأ وعليه الاعتذار عما قاله في أول فرصة…وأن توصيفه لا يعني تغيّرا في موقف الاتحاد الأوروبي".
وتأتي زيارة السفير لمقر الحركة ولقاؤه رئيسها وإشادته بدورها في الانتقال الديمقراطي في تونس لترفع "سوء الفهم" ربما، أو لتصحيح العلاقة معها، ولكنها في كل الحالات تبيّن موقفا جديدا لسفير الاتحاد الأوروبي في تونس.