وفي السياق، زار رئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد، نهاية الأسبوع الماضي مدينة قابس جنوب تونس، لتسلم دفعة أولى من 24 طائرة من نوع "OH-58D Kiowa Warrior" بهدف تطوير قدرات الجيش التونسي في حربه المعلنة مع الاٍرهاب منذ سنوات.
وهذه الطائرات هي طائرة هليكوبتر صغيرة للمراقبة والهجمات المحدودة، لها قدرة كبيرة على التحرك والمناورة والمراقبة الواسعة في كل الأوقات، خصوصاً في الليل. وبالإمكان تجهيزها بقاذفات الروكات (مقذوفات أصغر من الصواريخ) من نوع "هيدرا 70 مليمتراً" وحتى بصواريخ "هيل فاير" لتدمير البنايات وحتى الدبابات، وبإمكانها تثبيت العدو في انتظار وصول طائرات الكوماندوس.
ويبدو أن تونس وكرواتيا حظيتا باستعمال هذه الطائرات، في حين تشير بعض المواقع المتخصصة في التسليح إلى أن الولايات المتحدة الأميركية لم تعد تستعملها، وهو ما جعل سعرها يتراجع نسبياً بالمقارنة مع جدواها الكبيرة.
وكانت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأميركية، قد أعلنت منذ أبريل/نيسان 2016 عن موافقتها على عملية بيع محتملة لمروحيات OH-58D Kiowa Warrior وما يرافقها من معدات لتونس، إضافة إلى التدريب والدعم.
وأشار موقع متخصص في هذه القضايا، خصوصاً في سلاح الجوّ، أن القيمة الإجمالية لهذه الطائرات تقدر بحوالي 100.8 مليون دولار، بحسب ما أعلنت الوكالة الأميركية للتعاون الدفاعي الأمني. وأكدت الوكالة أن هذه الصفقة "ستساهم في السياسة الخارجية وأهداف الأمن القومي للولايات المتحدة الأميركية من خلال المساعدة على تحسين أمن تونس، الذي كان ولا يزال قوة هامة للاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي في منطقة شمال أفريقيا".
وبالإضافة إلى هذه الطائرات، قال الموقع إن الحكومة التونسية قدمت طلباً لشراء 25 نظام ملاحة مدمجاً و24 نظام تحذير من الصواريخ وصواريخ "هيل فاير" وعدد من الأنظمة التي سيتم تركيبها على كل مروحية من أجهزة راديو مختلفة وأجهزة إرسال وطاقم للكشف عن إشارات الرادار ورشاشات وقاذفات صواريخ.
وتشمل الصفقة أيضاً اقتناء أجهزة رؤية ليلية والشعلات المضادة للإجراءات المتقدمة تحت الحمراء و82 رأساً حربياً شديد الانفجار لدعم منظومة القتال APKWS، ووسائل الدعم والدعم التقني وخدمات الدعم والتدريب.
ويشكل وصول هذه الطائرات منعرجاً حاسماً في حرب الجيش التونسي ضد المجموعات المتشددة المتحصنة في الجبال التونسية على الحدود مع الجزائر خصوصاً. وربما تشكل الطائرات تحولاً استراتيجياً في هذه المعارك. وسيكون بمقدور الجيش مراقبة تنقلات المسلحين جوّاً ومهاجمتهم من دون خسائر، وهو ما سيحد بشكل كبير من قدرات هذه المجموعات، وسيزيد من جهود قطع الإمدادات عنهم. كما من غير المستبعد أن يحسم هذا التطور بشكل كبير "معركة الجبل" التي أرهقت الأمن التونسي على مدى سنوات وتسببت في خسائر بشرية واقتصادية وسياسية كبيرة.
وقال الخبير المتخصص في الشؤون الأمنية والعسكرية والجماعات المتطرفة، فيصل الشريف، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ هذه الطائرات صغيرة ويسهل أن تخترق الجبال والغابات ولها قدرة هجومية خلافاً لبقية الطائرات. وأكد أن هذا الصنف من الطائرات باهظ الثمن، مبيناً أن مقاومة الارهاب في الجبال تتطلب طائرات من صنف معين يتيح ملاحقة المسلحين ليلاً، خصوصاً أن أغلب تحركاتهم تتم في هذا التوقيت.
ووفقاً للشريف، فإنه في السابق كان يتم رصد الإرهابيين ثم يتم الاتصال بسلاح المدفعية ليتولى التصويب تجاههم، في حين أنه بواسطة هذه الطائرات يمكن تتبع الإرهابيين بالأشعة الحمراء والتصويب تجاههم بدقة عالية.
من جهته، أفاد عقيد أركان حرب متقاعد، محمد صالح الحيدري، في حديث مع "العربي الجديد"، بأن هذه الطائرات تعتبر طائرات مقاتلة وهي من أعلى طراز، ومخصصة للرصد والتعقب، كما أنها مجهزة بأجهزة إلكترونية متطورة جداً.
وذكّر بأن تونس سبق أن طلبت من الولايات المتحدة دعمها بتجهيزات إضافية تساعدها في حربها على الإرهاب، وبالتالي فإنه حتى الجيش الأميركي قد لا تكون لديه نفس الإضافات الموجودة بالطائرات. ولفت إلى أنه يمكن بواسطة هذه الطائرات تعقب الإرهابيين في الجبال بكل سهولة، لا سيما أنها تتضمن أجهزة رؤيا ليلية ونهارية. وأشار إلى أنه حتى لو كان الإرهابيون يختبئون وراء الأشجار أو في مخابئ معينة، فإن هذه الطائرات تكشفهم لأنها مزودة بأجهزة حرارية تتعقب الكائنات الحية.
ووفقاً للحيدري، فإن هذه الطائرات مزودة بأسلحة من نوع قذائف صاروخية صغيرة، وهي من نوع "روكات" ومدفع رشاش قادر على القضاء على المسلحين بسهولة، الأمر الذي سيتيح محاصرة الارهابيين والقضاء عليهم.
واعتبر عقيد أركان حرب أنّ القوات الخاصة من الكومندوس تساند عمل هذه الطائرات وتتبعها، فبعد رصد المقاتلين تتولى هذه الفرق محاصرتهم والقضاء عليهم. ولفت إلى أنه يمكن تعقب المقاتلين في أي مكان من تونس في الشمال الغربي في جبال عين دراهم، وصولاً إلى الجنوب في جبال الشعانبي وسمامة. وأوضح ان تونس لديها تجربة كبيرة في إعداد وتكوين الطيارين ولديها قرابة 20 طياراً في اختصاص الطائرات المروحية. ولفت إلى أنه عادة ما يتم الاستعانة بالطيارين القدامى من ذوي الخبرة، وأنه بعد تدريب قصير مثل الذي يخضع إليه الآن هؤلاء، فإنهم سيكونون جاهزين وفي أقرب وقت لاستعمال هذه الطائرات.
وكانت تونس طلبت أيضاً شراء 12 طائرة "بلاك هوك" بقيمة تبلغ 700 مليون دولار وتشمل التجهيزات الإضافية والتدريبات وسيتم تسليمها لتونس ما بين سنتي 2017 و2018. وأكدت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" أن الدفعة الأولى من هذه الطائرات ستصل تونس في شهر مايو/أيار المقبل.