إشاعة تملأ الإنترنت تدّعي أن شرب الماء دفعة واحدة يُسبب أمراضًا في الكبد ويساعد على انتشار التشمّع أو التليّف الكبدي. في الحقيقة لا أساس علميّ للموضوع وحتى لو كان يبدو ساذجًا فلا بأس بالإجابة عنه، بسبب أن الإشاعة انتشرت وتناقلها كثير من البُسطاء وقليلي المعرفة على أنها حقيقة.
يُعرف نسيج الكبد بقابليته على التجدّد، حيث إن موت بعض الخلايا لا يؤثّر على الخلايا المجاورة لها لأنها تتكاثر على نفس الهيكل وبنفس التنظيم. لكن عندما يكون الضرر شاملًا لمساحة كبيرة من الكبد وممتدًا بشدة فهذا من الممكن أن يؤدي إلى تدمير الهيكل المكوّن للنسيج الكبدي؛ مؤديًا إلى استعجال تكاثر الخلايا لتعويض النقص الحاصل في الخلايا فيكون تكاثر الخلايا بصورة غير مستقرّة بالمرة فتتحول الى بؤر وتجمعات غير منتظمة من الخلايا الجديدة والتي لا تجد طريقًا سليمًا أيضًا لوصول الدم نتيجة لزيادة إنتاج الألياف حولها كمحاولها لـ"ترقيع" الصدع الناتج عن دمار الهيكل العام، فيزيد إنتاج الألياف بصورة غير طبيعية حتى يحدث ما يُسمّى بـ "التليّف الكبدي".
هذا كان التليّف الكبدي باختصار، أما أن يتمّ إشاعة أن شرب الماء دفعة واحدة يؤدّي إلى تليّف الكبد فهذه مغالطة ساذجة، حيث إن من المعروف والمؤكّد منذ زمن طويل أن الطعام والشراب يبقيان في المعدة مدّة لا تقلّ عن العشر دقائق كاملة في حال كون المعدة فارغة تمامًا، أي أنك لو حاولت شرب الماء دفعة واحدة وكنت على عطشٍ شديد فإن جُلّ ما يصل إلى الإثني عشر هو جزء بسيط وبعد عشر دقائق، هذا تبعًا لتقلّصات وانقباضات المعّدة ويكمل الماء مساره إلى الأمعاء.
ما علاقة كلّ هذا بالكبد؟ إمتصاص الماء يتمّ تدريجيًا وعلى مساحة واسعة ولو شربت لترين من الماء دفعة واحدة فلن يصل إلى الأمعاء أكثر مما تحتمل، ولن تمتصّ الأمعاء أكثر من احتياجات الجسم.
هذه حقائق؛ إن المعدّة لا تحتمل أكثر من سعتها، إن المعدة ليست مفتوحة على الاثني عشر، والاثنى عشر ليس مفتوحًا على الكبد في ظل الظروف الطبيعية ولن تمتصّ الأمعاء من المياه أكثر من حاجة الجسم. ومن المستحيل أن تكون هنالك علاقة بين شرب الماء والتسبّب في تليّف الكبد