14 نوفمبر 2024
هل نامت فواتير وحيد حامد؟
طالت فترات غياب الكاتب والسيناريست وحيد حامد على قنوات رجال الأعمال في السنتين الأخيرتين من دون مبرر وطني واضح، وخصوصا أن البلاد تحتاج إلى جهود كتّابها وفنانيها وعباقرتها، فصعب بالطبع أن يعتزل زعماء التغيير منازلهم، كمحمود سعد ودكتور مصطفى حجازي، وعمرو حمزاوي ودكتور خالد فهمي (بالسفر إلى الخارج)، ويسري فودة وريم ماجد، والمذيعة حاملة الكفن، وجمال الشاعر الذي استقال على الهواء مباشرة، وحسين عبد الغني المتحدث الإعلامي لجبهة الإنقاذ، وقد يكون في جزيرة سيلان يعد لموجة ثورية ثالثة، والصمت النادر لعادل حمودة الذي صنع أوبريتين من الدموع على أطفال قطار أسيوط، ولم يتحفنا بأي أغنيةٍ دامعةٍ على كل المذابح والقتلى الذين راحوا من مصر خلال السنوات التي اقتربت من الأربع، من مذبحة رابعة حتى سواقي التوك التوك، واضح أن أغلبهم من الهند، وليس من شباب العجمي ومارينا، أما إبراهيم عيسى فيكتم حسراته، وستكون هي مذكرات ما بعد الخمسين (وانتظروها بشغف والنسخة بخمسين جنيها، مع مراعاة التبليغ الفوري عن البائع حينما تحس أن النسخة مزورة). أما عبد الحليم قنديل فهو مشغول بالدماء التي سفكتها جماعة الإخوان المسلمين منذ سنة 1928، والتي لو توفرت، لاستطعنا أن نقتلع إسرائيل من جذورها (ولن تستطيع أن تتدخل في أمورنا الاستراتيجية والعسكرية في شكل ناتو عربي جديد، تتصدر إسرائيل فيه الزعيم الاستراتيجي معلوماتيا)، "وزغردة يا موج القنال زغرودة"، على رأي الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، أما حمدين صبّاحي الذي لا يخرج إلا للعزاء، أو باعتصام عائلي على الضيّق داخل الحزب لتقليل التكلفة من ساندوتشات المعتصمين، وخصوصا بعدما وصل سعر ساندوتش الطعمية أو الفول للطبقة العاملة (العامل والفلاح) إلى جنيهين كاملين.
ولو مددنا خط الاعتزال طويلا لمتنا من الضحك، وخصوصا حينما نذكر توفيق عكاشة (ومليونياته) المضروبة بأختام وتجهيزات أمن الدولة والمخابرات، بعدما عاد إلى خيوله وفرسانه والتزم الدار مع البط. ونحن بدورنا، نوجه عتابنا فقط لوحيد حامد باعتباره "كاتبا حرا"، ويعمل من وحي ضميره في غرفة فندقة عشقا للوطن، خصوصا بعدما زاد قهر الشرطة للمواطنين الغلابة مجدي مكين القبطي المسكين صاحب العربة الكارو، وانتهى الحال بسائق توك توك المنوفية، ألم يذكرك الأمر بفيلم البريء؟ لماذا لم تخرجك كل هذه الأحداث عن صمتك، كما أخرجتك فواتير الدكتور مرسي "المضروبة" في مطعم في شرم الشيخ؟ فهل نقول كما قالت كتب التراث آسفة: "لقد اعتزلنا واصل"؟ أم سوف ننتظر منك فيلما ثائرا على غرار ثورتك الحامية على فواتير مرسي المضروبة؟ ولكن بما أن سوق الإنتاج "مش ولابد"، فيجب أن تعتمد على السيناريو الذي يمس موضوعاتٍ لا تحتاج خطة إنتاج مهولة، على غرار الناصر صلاح الدين مثلا أو فيلم جميلة بوحريد، فلماذا لا تكمل الجزء الثاني من فيلم البريء؟ ألا ينفع مجدي مكين، صاحب العربة الكارو، القبطي المسكين، أن يكون بريئا سينمائيا لفيلمك؟ أم أن القماشة ليست عريضة دراميا؟ ألا ينفع سائق توك توك المنوفية أن يكون بريئا؟
ألا تنفع البنت المتخلفة عقليا التي اغتصبها أمين الشرطة أن تكون قماشة نسائية، بشرط أن تخرجها ساندرا، وخطة الإنتاج موجودة ومتوفرة باعتبارها سندا للنظام وأغانيه الوطنية "من النوبة للشرقية للقليوبية لزنيم"، وابن بهجت قمر موجود، والكلمات متوفرة، وحسين الجسمي على الرحب والسعة. وإن تعبتك القماشة وضاقت دراميا، فعليك بالجزء العاشر من "الجماعة". ولكن، في ظل المعلومات الواردة، وأنت تكتب من غرفتك المطلة على النيل، لا بد أن تستعين بفواتير مرسي (غير المضروبة هذه المرة) في محبسه، بعدما قيل إنه أكل 50000 بطة من بكين، ثمن البطة 400 يورو، بخلاف تكلفة الشحن والجمارك، وطهاة فنادق خمس نجوم جاءت بهم إدارة السجن من جامايكا، وكله مثبت في الفواتير، ونحن على أبواب رمضان، والكذبة الدرامية في رمضان بعشر أمثالها، طالما يضحك لها الناس.