04 أكتوبر 2024
هل وصلت الرسالة؟
تحاول وسائل الإعلام تحليل ظاهرة العزوف عن التصويت في الانتخابات المصرية، أو عدم الإقبال (أيّاً كان المصطلح الأنسب). ولكن، هل وصلت الرسالة؟ لا أعتقد. لم تصدر الأصوات الغاضبة أو الناقدة أو الراصدة، هذه المرّة، من أوساط شبابية ثورية فقط، ولم تقتصر على صحف خاصة، ولا أكاديميين معارضين فقط، بل تجد، أيضاً، أصواتاً من مؤيدي عبد الفتاح السيسي أو القريبين من دوائر السلطة. ولكن، يغلب على كتاباتهم وأصواتهم ما يشبه اللوم والتحذير أو الاستغاثة (أحياناً). ولكن، هل وصلت الرسالة؟ لا أعتقد. الصحف القومية والحكومية والموالية للسلطة والرئيس والأجهزة مكتظة بالمقالات الصارخة كل يوم عن خطورة غياب الشباب وعواقب الإقصاء، وظاهرة العزوف عن التصويت والغضب من الأداء الحكومي وتراجع شعبية الرئيس، وخطورة استنساخ الماضي البغيض، ومسؤولية السيسي عن ذلك، وتشجيعه عودة ممارسات نظام حسني مبارك، فهل وصلت الرسالة؟ لا أعتقد.
يتحدث الجميع في مصر عن عودة برلمان 2010، وعودة الوجوه القبيحة، والبرلمان منزوع المعارضة، وبرلمان الفلول، وبرلمان العسكر والحرامية، وخطورة غياب المعارضة، وخطورة الصوت الواحد والرأي الواحد، فهل استوعب أحد؟ لا يبدو أن هناك من يهتم في دوائر السلطة، فالتحذيرات والتوقعات موجودة منذ بدء هذا المسار الخاطئ، ومنذ بداية استغلال الحرب على الإرهاب، من أجل الانتقام من ثورة 25 يناير وشبابها، ومنذ بداية مخالفة الدستور، بعد إقراره بأيام، وصولاً إلى ما نحن فيه من سياسة الإقصاء والقمع والصوت الواحد والضيق ذرعاً بالنص الدستوري ذي النيات الحسنة، ومحاولة تغييره قبل تطبيقه.
كان من السهل التوقع، منذ تفصيل القوانين ورفض الحوار المجتمعي وإصدار قوانين لم يوافق عليها أحد (تقسيم الدوائر، ومباشرة الحقوق السياسية والانتخابات البرلمانية، مثلاً)، بل كانت التوقعات لما هو أسوأ. ولكن، لن تصل الرسالة، ولن يسمع أحد. لن يلتفت من في السلطة لأي تحذيرات، وستأخذهم العزة بالإثم، وإن اهتم أحدٌ، فليس لغير امتصاص موجة غضب، ثم يستكمل بعدها مخطط عودة دولة مبارك. ربما تصل الرسالة. ولكن، ستبذل الأجهزة الأمنية التي يعتمد عليها الرئيس كل جهدها لتسفيه هذه التحذيرات، ثم تشويه مُطلقيها وتخوينهم، وعزلهم وإبعادهم، ولو كانوا سابقاً من المقربين منه. لن يهتم أحد، ولن يُعترف بغضب الشباب وإحباطهم، وإن اقتنع أحد منهم، لن يحاول تصحيح الأخطاء المتراكمة، بل سيحاولون معالجة إحباط الشباب وغضبه بمزيد من القمع والتشويه والتخوين وتلفيق القضايا لـحركة 6 إبريل، ولكل من يحاول الاعتراض أو التغريد خارج السرب. لن يهتم أحد، وإن اهتم ستأخذه العزة بالإثم، وسيبدأ الكذب والإنكار والتبرير، وإلقاء اللوم على الشباب، أو الأحزاب، أو القوى الدولية المتآمرة، أو كائنات المريخ. وإن وصلت رسالة الغضب من الفشل الإداري والفساد وغياب العدالة الاجتماعية، لن يستطيعوا إصلاح شيء، فمن أفسد شيئاً لن يصلحه، خصوصاً لو كان لا يعترف بأنه أفسد، إن لم تكن لديه الرغبة في الإصلاح من الأساس، فكل رؤيتهم، كما أعلنوا، هو الحفاظ على دولة مبارك كما هي، الحفاظ على المنظومة نفسها، وطريقة الإدارة والانحيازات الاجتماعية.
لا أعتقد أن هذا النظام سيحاول تدارك تلك الأزمة، وأتمنى أن أكون مخطئاً، فالرئيس ونظامه وأجهزته لا يشعرون بأي أزمة، ولا أي خطورة مستقبلية، فستتم معالجة الأزمة الاقتصادية، وأزمة فشل المحليات وباقي الأزمات بالتصريحات الوردية والمشروعات الوهمية، ولوم الآخر دائماً. لن يفكر أحد منهم بالحوار مع الشباب، أو الإفراج عن شباب الثورة، أو وقف التنكيل والانتقام من "6 إبريل"، أو وقف حملات الشيطنة والتشويه والتخوين، بل ستزيد معدلات التشويه والتخوين وتلفيق القضايا والقمع والتنكيل والانتقام، فجريمة مبارك الوحيدة، في اعتقادهم، الطبطبة على هؤلاء "العيال"، حتى نجحوا في إطلاق الشرارة في "25 يناير". أما دعوات الإفراج عمن لم يتورّط في الإرهاب والعنف، فتعتبر كلاماً فارغاً لديهم، فأي شاب يعترض، أو يرفض، أو ينتقد، هو أسوأ من الإرهابي.
للأسف، لا يبدو أن الرسالة وصلت، وإن وصلت لن يحاول أحد منهم التحرك والإنقاذ أو التصحيح، فمهمة إعادة النظام القديم مقدسة لديهم، ولو قادت إلى مزيد من الانحدار والتخلف والتفكك.
يتحدث الجميع في مصر عن عودة برلمان 2010، وعودة الوجوه القبيحة، والبرلمان منزوع المعارضة، وبرلمان الفلول، وبرلمان العسكر والحرامية، وخطورة غياب المعارضة، وخطورة الصوت الواحد والرأي الواحد، فهل استوعب أحد؟ لا يبدو أن هناك من يهتم في دوائر السلطة، فالتحذيرات والتوقعات موجودة منذ بدء هذا المسار الخاطئ، ومنذ بداية استغلال الحرب على الإرهاب، من أجل الانتقام من ثورة 25 يناير وشبابها، ومنذ بداية مخالفة الدستور، بعد إقراره بأيام، وصولاً إلى ما نحن فيه من سياسة الإقصاء والقمع والصوت الواحد والضيق ذرعاً بالنص الدستوري ذي النيات الحسنة، ومحاولة تغييره قبل تطبيقه.
كان من السهل التوقع، منذ تفصيل القوانين ورفض الحوار المجتمعي وإصدار قوانين لم يوافق عليها أحد (تقسيم الدوائر، ومباشرة الحقوق السياسية والانتخابات البرلمانية، مثلاً)، بل كانت التوقعات لما هو أسوأ. ولكن، لن تصل الرسالة، ولن يسمع أحد. لن يلتفت من في السلطة لأي تحذيرات، وستأخذهم العزة بالإثم، وإن اهتم أحدٌ، فليس لغير امتصاص موجة غضب، ثم يستكمل بعدها مخطط عودة دولة مبارك. ربما تصل الرسالة. ولكن، ستبذل الأجهزة الأمنية التي يعتمد عليها الرئيس كل جهدها لتسفيه هذه التحذيرات، ثم تشويه مُطلقيها وتخوينهم، وعزلهم وإبعادهم، ولو كانوا سابقاً من المقربين منه. لن يهتم أحد، ولن يُعترف بغضب الشباب وإحباطهم، وإن اقتنع أحد منهم، لن يحاول تصحيح الأخطاء المتراكمة، بل سيحاولون معالجة إحباط الشباب وغضبه بمزيد من القمع والتشويه والتخوين وتلفيق القضايا لـحركة 6 إبريل، ولكل من يحاول الاعتراض أو التغريد خارج السرب. لن يهتم أحد، وإن اهتم ستأخذه العزة بالإثم، وسيبدأ الكذب والإنكار والتبرير، وإلقاء اللوم على الشباب، أو الأحزاب، أو القوى الدولية المتآمرة، أو كائنات المريخ. وإن وصلت رسالة الغضب من الفشل الإداري والفساد وغياب العدالة الاجتماعية، لن يستطيعوا إصلاح شيء، فمن أفسد شيئاً لن يصلحه، خصوصاً لو كان لا يعترف بأنه أفسد، إن لم تكن لديه الرغبة في الإصلاح من الأساس، فكل رؤيتهم، كما أعلنوا، هو الحفاظ على دولة مبارك كما هي، الحفاظ على المنظومة نفسها، وطريقة الإدارة والانحيازات الاجتماعية.
لا أعتقد أن هذا النظام سيحاول تدارك تلك الأزمة، وأتمنى أن أكون مخطئاً، فالرئيس ونظامه وأجهزته لا يشعرون بأي أزمة، ولا أي خطورة مستقبلية، فستتم معالجة الأزمة الاقتصادية، وأزمة فشل المحليات وباقي الأزمات بالتصريحات الوردية والمشروعات الوهمية، ولوم الآخر دائماً. لن يفكر أحد منهم بالحوار مع الشباب، أو الإفراج عن شباب الثورة، أو وقف التنكيل والانتقام من "6 إبريل"، أو وقف حملات الشيطنة والتشويه والتخوين، بل ستزيد معدلات التشويه والتخوين وتلفيق القضايا والقمع والتنكيل والانتقام، فجريمة مبارك الوحيدة، في اعتقادهم، الطبطبة على هؤلاء "العيال"، حتى نجحوا في إطلاق الشرارة في "25 يناير". أما دعوات الإفراج عمن لم يتورّط في الإرهاب والعنف، فتعتبر كلاماً فارغاً لديهم، فأي شاب يعترض، أو يرفض، أو ينتقد، هو أسوأ من الإرهابي.
للأسف، لا يبدو أن الرسالة وصلت، وإن وصلت لن يحاول أحد منهم التحرك والإنقاذ أو التصحيح، فمهمة إعادة النظام القديم مقدسة لديهم، ولو قادت إلى مزيد من الانحدار والتخلف والتفكك.