وللتذكير، فإن شعبية الحكومة الفرنسية وماكرون كانت، حتى نهاية الشهر الماضي، مستمرة في خطها المنحدر منذ شهور. وسبب ذلك الأساسي رفض سياسات الرئيس وإصلاحاته، لا سيما قانون التقاعد الجديد، الذي يؤذن بوضع البلد على سكّة اقتصاد ليبرالي يخشاه أغلب الفرنسيين كما يبدو.
وزادت الطين بلّة "الفضيحة" الجنسية التي أجبرت، منتصف الشهر الماضي، مرشح الحزب الحاكم لرئاسة بلدية باريس، والمتحدث السابق باسم الحكومة، بنجامان غريفو، على الانسحاب من السباق الانتخابي، ما كبّد الأغلبية عدداً من النقاط في استطلاعات الرأي.
وجاء لجوء حكومة ماكرون، نهاية الشهر الماضي، إلى المادة 49-3 من الدستور، التي تسمح له بتمرير قانون التقاعد من دون التصويت عليه في البرلمان، ليمثل النقطة التي أفاضت الكأس. وفي استطلاع لشركة "أودوكسا" لاستطلاعات الرأي، نشرته في 25 فبراير/ شباط الماضي، فإن 66% من الفرنسيين، أي اثنين من كل 3 فرنسيين، كانوا يعتقدون أن لديهم "رئيساً سيئاً". وحال رئيس الوزراء، إدوار فيليب، في هذا الاستطلاع، هو تقريباً من حال ماكرون، إذ تصل نسبة الذين لا يعتبرونه "رئيس وزراء جيداً" إلى 64%.
وكان هذا الخط المنحدر مستمراً، كما يبدو، حتى أول من أمس الخميس، حين أعلن الرئيس الفرنسي، في كلمة متلفزة، عدداً من الإجراءات لمواجهة أزمة فيروس كورونا الذي يعصف بالبلد.
ويبدو أن القرارات التي اتخذها ماكرون وحكومته، من إغلاق للمدارس والجامعات، وإعلان لخطة دعم اقتصادي بـ"عدة عشرات من المليارات"، مع دعوة الفرنسيين إلى التزام منازلهم والعمل منها، ومنع التجمّعات، قد رفعت من ثقة الفرنسيين بقيادته للبلد.
وأظهر استطلاع مشترك لـ"هارّيس إنتراكتيف" و"إيبوكا"، نُشر أمس الجمعة، أن 66% من المستطلعة آراؤهم قالوا إنهم "مقتنعون" بقرارات الرئيس بخصوص فيروس كورونا. وترتفع هذه النسبة إلى 72 لدى الذين تابعوا كلمة ماكرون المتلفزة كاملةً.
وقال استطلاع آخر، نشره معهد "إيلاب" أمس الجمعة أيضاً، إن نحو 6 من كل 10 فرنسيين (59 في المائة) يضعون "ثقتهم" بالرئيس والحكومة لمواجهة الأزمة. وتشير هذه الدراسة إلى أن أبرز الإجراءات التي أعلنها ماكرون تلقى ترحيباً وموافقة واسعة بين المستطلعة آراؤهم، لا سيما السماح قانونياً بالعمل من المنزل (95%)، وتكفل نفقات الشركات التي تستمر بالدفع لموظفيها العاملين من منازلهم (94%)، وإغلاق المراكز التعليمية، من الحضانة حتى الجامعة (82%).
وتأتي هذه الأرقام، التي تشير إلى تحسن في سمعة الحكومة لدى الفرنسيين، قبل ساعات قليلة من انطلاق الانتخابات البلدية، يوم غد الأحد، والتي أكد ماكرون إجراءها في موعدها، بعد تكهنات استمرت عدة أيام حول إمكانية تأجيلها.
ومن شأن تحسن كهذا في سمعة ماكرون وحكومته أن يقف إلى جانب الحزب الحاكم "الجمهورية إلى الأمام"، في هذه الانتخابات، وهو الذي يدخلها بحظوظ أقلّ مما كان يتمنّى، خصوصاً أن الأجواء التي خلقتها إصلاحات ماكرون، ولجوء حكومته لفرض قانون التقاعد الجديد، قد فتحا الباب على تصويت عقابي ضد سياساته في الانتخابات البلدية.