في هذا السياق، وفي تقريرٍ لها من بيونغ تشانغ، اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن موافقة بيونغ يانغ على المشاركة في الأولمبياد الشتوي للعام 2018، إثر اختراق دبلوماسي تمّ التوصل إليه أخيراً، بددّ بعض المخاوف من وقوع أكثر السيناريوهات سوءاً، أو على الأقل أرجأها، مؤقتاً. لكن بحسب الصحيفة، فإن التحدي الأمني الأكبر لسيول يبقى التنبؤ بأفعال الشمال الكوري بسبب سجلّه في تأجيج العنف حين تستضيف جارته أحداثاً رياضية ذات طابع دولي.
ولفتت الصحيفة كذلك إلى أن وصول فريق الرياضيين الكوريين الشماليين الخميس الماضي، إلى بيونغ شانغ، كجزءٍ من بعثة أوسع تضم خمسمئة شخص، يشكّل بحدّ ذاته تحدّياً أمنياً مستقلاً، لجهة الالتزام بحمايتهم من هجمات متطرفين كوريين جنوبيين.
وقد أعرب منظمو الألعاب الأولمبية الشتوية في سيول عن مخاوفهم من أن تقوم بيونغ يانغ باختبار صاروخ أو سلاح نووي خلال الدورة الحالية، أو أن تثير سلسلة استفزازات قد توصل للحرب. لكن هذه المخاوف هدأت حين تم التوصل في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، إلى اتفاق الكوريتين على المشاركة في افتتاح الألعاب الأولمبية تحت راية علم موحد.
بالرغم من ذلك، نقلت الصحيفة الأميركية عن رئيس معهد الديمقراطية الليبرالية في سيول، يو دونغ رول، اعتقاده بأن بيونغ يانغ "ستفتعل المشاكل بطريقة أو بأخرى خلال الألعاب للتشويش على إنجاز اختتام هذه الدورة بنجاح"، مذكّراً بـ"تاريخ طويل في عهد سلالة (الرئيس الكوري الشمالي) كيم لم تبادر فيه كوريا الشمالية إلى التعاون بطريقة سليمة مع كوريا الجنوبية، ولو لمرة واحدة".
من جهته، رأى الباحث في الشأن الكوري الشمالي شين بيوم شول، من "الأكاديمية الوطنية الدبلوماسية" في سيول، أن "احتمال قيام بيونغ يانغ باختبار نووي أو صاروخي يبقى ضئيلاً"، معتبراً أن "الشمال قد يستغل الألعاب الأولمبية كأداة بروباغندا سياسية لإظهار رغبته في السلام مع جيرانه في الوقت ذاته الذي يطور فيه قوته النووية".
ويعرب المسؤولون الأمنيون في كوريا الجنوبية عن مخاوف عديدة تنتابهم، منها الخشية من حدوث أمرٍ ما قد يغضب الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون ويدفعه لطلب سحب الرياضيين المشاركين من بلاده، والردّ على طريقته. فتيل تأجيج هذا الغضب حاضرٌ، لاسيما حينما قام محتجون ينتمون لليمين المتطرف في سيول الشهر الماضي بحرق صورة لكيم، وذلك خلال زيارة وفد كوري شمالي للمدينة. بيونغ يانغ وصفت الحادث عبر إعلامها الرسمي بـ"الجريمة البشعة". وإذا ما اضطرت للانسحاب من الألعاب الأولمبية، ستلقي اللوم على سيول.
وفي السياق ذاته، يخشى المنظمون من هجوم إلكتروني، ينفذه الكوريون الشماليون، أو روسيا التي منعت من المشاركة في الحدث بسبب فضيحة المنشطات، والتي سمح لرياضييها بالمنافسة فقط تحت العلم الأولمبي.
وفيما تعد كوريا الجنوبية واحدة من أكثر الوجهات السياحية أمناً في العالم، مع معدل جرائم منخفض وسجل خال من النشاط الإرهابي، إلا أن سلطات الهجرة الوطنية أعلنت الشهر الماضي ترحيل 19 أجنبياً يشكلون خطراً إرهابياً، وذلك نقلاً عن صحيفة "كوريا تايمز" المحلية.
من جهتها، تطرقت مجلة "أتلانتك" في تقرير لها إلى استغلال التيار المحافظ في كوريا الجنوبية للألعاب الأولمبية الشتوية، التي وصفها بـ"اولمبياد بيونغ يانغ"، متهماً الليبراليين بالتسامح مع كوريا الشمالية.
(العربي الجديد)