لم تحترم روسيا ما صدر عن لقاء ميونيخ، ليل الخميس ـ الجمعة، وكانت بضع ساعات كافية لإظهار مؤشرات سلبية حول التزام موسكو بالقرارات الدولية. ومع أن لقاء ميونيخ نصّ على البدء بوقف الأعمال العدائية في سورية خلال أسبوع، إلا أن روسيا واصلت عملياتها العسكرية وكان شيئاً لم يكن.
يبدو أن البنود التي صدرت عن اتفاق ميونيخ الذي ضمّ 17 دولة، واستمر أكثر من خمس ساعات، على رأسها وقف العمليات العسكرية بسورية خلال أسبوع، وإرسال مساعدات إنسانية عاجلة إلى البلدات المحاصرة، واستئناف مفاوضات السلام بجنيف في أقرب وقت، تشرعن العمليات العسكرية للنظام السوري وروسيا في أنحاء البلاد، من خلال استمرار هذه العمليات من جانب واحد.
رغم أن العمليات العسكرية الروسية مع النظام السوري، كانت العامل الأساسي في تعليق مفاوضات جنيف، ورغم اتفاق ميونيخ الذي اشترطت فيه المعارضة ترجمته على أرض الواقع قبل انضمامها إلى المحادثات السياسية في جنيف في 25 فبراير/ شباط الحالي، إلا أن النظام واصل هجومه مستعيناً بالدعم الجوي الروسي قرب بلدتي نبل والزهراء.
اقرأ أيضاً: ترحيب دولي حذر باتفاق ميونيخ حول سورية
سيطرت قوات النظام على تلال قرب منطقة الطامورة بريف حلب الشمالي، وسط استمرار المخاوف من سقوط الريف في أيدي النظام السوري و"قوات سورية الديمقراطية"، التي سيطرت على بلدة منّغ ومطارها العسكري، وعدد من القرى والبلدات المجاورة في الأيام الماضية.
على ضوء ذلك، سيطرت هواجس عديدة على قادة فصائل المعارضة السورية حيال ما صدر عن ميونيخ، وسط تخوّف من أن يكون الاتفاق الجديد تفخيخاً روسيّاً لمواصلة الهجوم من جانب واحد هو النظام السوري، بعد الاعتقاد بأن الاتفاق سيحرج موسكو لاضطراها وقف العمليات العسكرية. ما يعني إفشال حلمي النظام بالوصول إلى الحدود التركية، وقوات "حماية الشعب الكردية" للسيطرة على كامل الجانب السوري من الحدود السورية التركية، من أقصى شرق سورية حتى منطقة عفرين، شمال غرب حلب، بمسافة تزيد عن 700 كيلومتر. يعني ذلك توحيد مقاطعات الإدارة الذاتية الكردية الثلاث وتحويلها إلى قطعة جغرافية واحدة.
يرى رئيس المجلس العسكري السابق في حلب وريفها العميد زاهر الساكت، أن "اتفاق ميونيخ فيه الكثير من التلاعب بالألفاظ لاستمرار استهداف المعارضة السورية المسلحة". ويشير إلى أن "عبارة وقف الاعتداءات تعني أنه لا يحقّ لقوات المعارضة الدفاع عن نفسها، في حال تقدم قوات النظام بحجة محاربة الإرهابيين، وفي حال قامت المعارضة بالدفاع عن نفسها، تُصبح وفق الاتفاق، معتدية". يلفت الساكت، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "كان يجب أن ينصّ الاتفاق على وقف فوري للمعارك بشكل واضح، كي لا يُترك الأمر لتفسيرات مختلفة تدخلنا في دوامات".
من جانبه، يقول رئيس هيئة الأركان العامة للجيش السوري الحر، العميد الركن أحمد بري، لـ"العربي الجديد"، إن "وقف إطلاق النار، سيكون بحسب الحاجة، فمثلاً يمكن قصف جبهة النصرة وحتى لو كانوا بين المدنيين، أو يستبقون القصف على قاعدة ظنّهم أن المعارضة ستقوم بعمل ما فيسبقوها بالقصف". يوضح بري أن "الاتصالات تجري مع منسق هيئة التفاوض العليا رياض حجاب لفهم الموقف الصادر عن اتفاق ميونيخ".
في السياق نفسه، يبدو العقيد أحمد عثمان، قائد فرقة "السلطان المراد"، التي تنشط في ريفي حلب الشمالي والجنوبي، حذراً من اتفاق ميونيخ، إذ يقول لـ"العربي الجديد"، إنه "تم الاتفاق على وقف الأعمال العدائية، ونحن لا نعرف ما المقصود بالأعمال العدائية، هل هي وقف قصف المدنيين من قبل الطيران، أم تزويد المعارضة المسلحة بالأسلحة أم ماذا؟".
وحول موافقة "الفرقة" على وقف إطلاق النار بعد حديث منسق الهيئة رياض حجاب، بأن "إقرار الهدنة المؤقتة التي تهدف لإيقاف الأعمال العدائية ضد السوريين، مشروطة بموافقة الفصائل الجنوبية والشمالية بالجبهات"، يؤكد عثمان أن "هذا القرار سيناقش مع الفصائل اعتباراً من اليوم السبت، ونحن مثل بقية الفصائل نلتزم بقرار جماعي لكافة الفصائل على الأرض السورية".
ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت روسيا ستلتزم بالقرار الدولي، تحديداً لكونها طرفاً في الاتفاق وطرفاً في الحرب السورية. يشير بيان وزارة الخارجية الأميركية، الذي كشف مزيداً من التفاصيل حول وقف المعارك واستثناء الغارات، بأن مجموعة الدعم الدولية لسورية ستشكل "فرقة عمل لوقف المعارك" في إطار وقف الاشتباكات، برعاية الأمم المتحدة وقيادة مشتركة من قبل روسيا والولايات المتحدة.
يضيف البيان أن "الدول الأعضاء في المجموعة، تعهدت بتجريب كافة الوسائل لتسهيل الوصول إلى نتائج من المفاوضات المتعلقة بالحل السياسي، وتحقيق عملية الانتقال السياسي خلال 6 أشهر برقابة الأمم المتحدة، وتحضير مسودة دستور جديد، وإجراء انتخابات عادلة وحرة خلال 18 شهراً".
اقرأ أيضاً: "مؤتمر الأمن" ينطلق وسط تزايد أعمال العنف حول العالم