هولندا توقف تمدد اليمين الشعبوي: اطمئنان أوروبي لـ"الانتصار"

برلين

شادي عاكوم

avata
شادي عاكوم
17 مارس 2017
F134AE81-DD28-4BCB-B7B1-6CBD44638EF4
+ الخط -
تعكس أجواء الارتياح التي سادت هولندا أولاً، وباقي الدول الأوروبية ثانياً، في أعقاب ظهور نتائج الانتخابات التشريعية الهولندية، التي تمكن من خلالها حزب "الشعب من أجل الحرية والديمقراطية" الحاكم بقيادة رئيس الوزراء مارك روتي من الحفاظ على موقعه القوي في وجه حزب "الحرية" اليميني المتطرف بقيادة غيرت فيلدرز، الذي كان يُخشى من تحقيقه مفاجأة توصله إلى الحكم، حجم التوتر الذي تعيشه القارة العجوز، خصوصاً على الصعيد الرسمي بسبب المخاوف من تمدد اليمني الشعبوي ووصوله إلى الحكم وذلك قبل استحقاقات انتخابية حاسمة داخلها، بدءاً من فرنسا التي تستعد لانتخاباتها الرئاسية (23 إبريل/نيسان و7 مايو/أيار المقبلين)، ووصولاً إلى ألمانيا التي تجرى فيها انتخابات تشريعية بين شهري أغسطس/آب وأكتوبر/تشرين الأول المقبلين.



حافظ حزب "الشعب من أجل الحرية والديمقراطية" الحاكم، بقيادة رئيس الوزراء مارك روتي، على موقعه القوي تشريعياً، لكنه خسر 8 مقاعد، حاصلاً على 33 مقعداً من أصل 150 في البرلمان. من جهته، تقدّم حزب "الحرية" اليميني المتطرف بقيادة غيرت فيلدرز، 5 مقاعد عن الدورة الماضية، ليصبح رصيده 20 مقعداً برلمانياً. أما التقدم الكبير فكان لحزب "الخضر"، بقيادة المغربي الأصل، جيسي فراس كلافر، الذي كسب 10 مقاعد إضافية عن دورة عام 2012، ليصبح رصيده 14 مقعداً نيابياً. ويتحدر كلافر من أصول مغربية لجهة والده، ومن أصول "إندو" (خليط إندونيسي وهولندي) لجهة والدته. كلافر الذي بات رئيساً لحزبه عام 2015، تمكن من جعله يحصل على 14 مقعداً في الانتخابات الحالية، فارضاً نفسه كشريك محتمل في أي ائتلاف حكومي، وكخصم مفترض لحزب "الحرية" اليميني المتطرف، تحديداً في ملفات الهجرة وكره الأجانب. أما الخاسر الأكبر من نتائج الانتخابات، فكان حزب العمال، الذي تراجع 29 مقعداً عن الدورة الماضية، مكتفياً بـ9 مقاعد في البرلمان الجديد. ولوحظ أن اليمين المتطرف و"الخضر" كانا الرابحين الأساسيين، على الرغم من تناقضهما.

ولم تتأخر الأحزاب الهولندية في التعبير عن موقفها من النتائج. وفيما حرص روتي على التعبير عن سعادته، ووصف النتائج بأنها "أول انتصار على الشعبوية السيئة"، وقال أمام حشد من مناصريه في لاهاي، مساء الأربعاء، إنه "بعد البريكست، خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، قالت هولندا كفى للشعبوية السيئة".
من جهته، هنأ فيلدرز منافسه على فوز حزبه بالمركز الأول بالانتخابات، معرباً عن "استعداده لخوض معارضة قوية"، ومبدياً فخره بـ"النتائج التي حققها الحزب، وروتي لم يتخلص مني بعد".
من جهتها، تنفست الدول الأوروبية، التي تشهد تصاعداً لأحزاب اليمين المتطرف، الصعداء بعدما ظهرت نتائج الانتخابات في هولندا. وقد انعكس الارتياح الأوروبي في المواقف الصادرة عن أبرز الدول وتحديداً فرنسا وألمانيا.

وفي السياق، أعلن المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفن زايبرت، أن "المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أجرت اتصالاً هاتفياً مع روتي هنأته بإعادة فوز حزبه بالانتخابات ضد فيلدرز. وعبّرت له عن أملها في مواصلة التعاون كأصدقاء وجيران وأوروبيين". من جهته اعتبر نائب المستشارة وزير الخارجية الألماني، زيغمار غابريال، في تقييمه للانتخابات في هولندا، بأنها "تمثل نجاحاً لأوروبا، وعلامة جيدة ومحل تفاؤل لنتيجة الانتخابات المقبلة في فرنسا".



بدوره مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي لمنصب المستشار الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي مارتن شولتز، رأى أن "الأغلبية الساحقة من الهولنديين، قد عبرت عن رفض واضح لمواقف فيلدرز نحو شعوب بأكملها. وهذا خبر سار لأوروبا وهولندا". ووصف رئيس ديوان المستشارية بيتر ألتماير هولندا بـ"البطلة"، مغرداً على "تويتر": "نحن نحب البرتقالي (في إشارة إلى هولندا) لتصرفاته وأفعاله. تهانينا على هذه النتيجة الرائعة". واعتبر القيادي في الحزب المسيحي الاجتماعي مانفرد فيبر، أن "النتائج الهولندية بمثابة ضربة قاسية لجميع الشعبويين المناهضين لأوروبا".
الارتياح الأوروبي انسحب إلى فرنسا أيضاً، إذ هنأ الرئيس فرنسوا هولاند، روتي، معتبراً أن "هذا الانتصار هو انتصار واضح ضد التطرف، وقيم الانفتاح واحترام الآخر والإيمان بأوروبا هي الحل الوحيد ضد الاندفاعات للقومية والعزلة".

أما رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، فرحب بهذا الفوز الصريح لمارك روتي، مشيراً إلى أن "التصويت كان لأوروبا ضد المتطرفين"، فيما اعتبر رئيس الوزراء الإيطالي باولو جنتيلوني بأن "اليمين المناهض للاتحاد الأوروبي خسر الانتخابات في هولندا".

إلا أن أستاذة علم الاجتماع بجامعة كورنيل في الولايات المتحدة، مابل برزين، رأت أنه "يجب عدم اعتبار هزيمة فيلدرز، وهو في البرلمان منذ نحو 20 عاماً، علامة على أن النزعة الشعبوية في أوروبا تتراجع". واعتبرت أنه "لا يمثل موجة شعبوية. بل هو جزء من المشهد السياسي وأداء حزبه لا يشي لنا بالكثير عن النزعة الشعبوية في أوروبا". ومضت قائلة "الانتخابات التي ستعطي مؤشراً حقيقياً ستكون مسعى مارين لوبان للرئاسة الفرنسية. هذه الانتخابات هي التي ستشهد الأحداث الشعبوية المهمة وهذا ما يجب أن نركز عليه". وتتركز الأنظار على فرنسا بانتظار موعد الانتخابات الرئاسية وسط توالي الفضائح المرتبطة بالمرشحين الرئيسيين: فرانسوا فيون وإيمانويل ماكرون ومارين لوبان. وإن كان الأول تلقى سيلاً من الاتهامات أكثر من الآخرين، إلا أن حظوظه عادت وارتفعت في الآونة الأخيرة، في سياق ضمانه أحد المركزين الأولين في الدورة الأولى للرئاسة المقررة في 23 أبريل المقبل. ومع أن تقدّم فيلدرز هولندياً، لا يعني بالضرورة فوزا محتملا للوبان، إلا أن الترجيحات تشير إلى ضمان موقعها في الجولة الأولى والعبور للدورة الثانية في 7 مايو، من دون حسمها لمصلحتها.

أما في ألمانيا، تبدو ميركل أكثر قوة، فحزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المناهض للمهاجرين والاتحاد الأوروبي، قبل انتخابات الصيف. وهي في تهنئها روتي، بدت أكثر ثقة عن ذي قبل، خصوصاً أن نتائج الانتخابات الرئاسية النمساوية، واستفتاء التعديلات الدستورية في إيطاليا، في 4 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أقلقاها، لكن النتائج الهولندية الجيدة، ستتيح لميركل، فرصة جديدة لمواجهة المدّ اليميني والتحديات المتوقع أن تعصف بالاتحاد الأوروبي في السنوات المقبلة.

ذات صلة

الصورة

سياسة

أعلنت وزارة الدفاع التركية، ليل أمس الأربعاء، قتل العديد من مسلحي حزب العمال الكردستاني وتدمير 32 موقعاً لهم شمالي العراق.
الصورة
احتجاج ضد مقتل الطفلة نارين غوران في تركيا، 9 سبتمر 2024 (فرانس برس)

مجتمع

لم تلق جريمة قتل بتركيا، ما لقيه مقتل واختفاء جثة الطفلة، نارين غوران (8 سنوات) بعدما أثارت قضيتها تعاطفاً كبيراً في تركيا واهتماماً شخصياً من الرئيس التركي
الصورة
عبد الله النبهان يعرض بطاقته كلاجئ سوري شرعي (العربي الجديد)

مجتمع

تنفذ السلطات التركية حملة واسعة في ولاية غازي عنتاب (جنوب)، وتوقف نقاط تفتيش ودوريات كل من تشتبه في أنه سوري حتى لو امتلك أوراقاً نظامية تمهيداً لترحيله.
الصورة
الشاب الفلسطيني بسام الكيلاني، يونيو 2024 (عدنان الإمام)

مجتمع

يُناشد الشاب الفلسطيني بسام الكيلاني السلطات التركية لإعادته إلى عائلته في إسطنبول، إذ لا معيل لهم سواه، بعد أن تقطّعت به السبل بعد ترحيله إلى إدلب..