مع كل شخصية جديدة تتقمّصها على الشاشة هيام أبو شديد، تعرّي نفسها من كل السمات التي تشكّل هويتها الفردية. العيون تُطفئ نظراتها، الصوت يخنق نبرته والجسد يدفن نفسه في اللاحركة. تغرق هيام تماماً في سكون هذا الموت اللذيذ، قبل أن تستيقظ مجدداً وتبدأ في ضخّ الدم في عروق الشخصية الجديدة التي تؤدّيها. تختار لها ثيابها، نظراتها، كلماتها، صوتها، مشيتها وحتى عطرها. وعندما تصبح جاهزةً تذهب بها إلى الضوء، لتولد أمام عدسات الكاميرا ويتعرّف إليها الجمهور، فإما يحبّها أو يكرهها، ولكنه في كلتا الحالتين يتعلّق بها مُكرهاً لأنها حاضرة بلحمها ودمها لتذكّره بأنها تشبهه بطبيعتها الإنسانية.
ومع كل عمل تمثيلي جديد، تتكرر عملية الموت والولادة هذه لدى هيام أبو شديد، التي تؤكد في مقابلة خاصة أجرتها معها "العربي الجديد"، أن "لذّة الأداء التمثيلي العميق لا تضاهيها لذّة، وهي الغاية بحدّ ذاتها، وإن تعددت الأهداف".
أبو شديد التي خطت أولى خطواتها على خشبة المسرح إلى جانب الممثل القدير أنطوان كرباج في مسرحية "زلمك يا ريّس"، أطلّت للمرة الأولى على الشاشة الصغيرة عبر تلفزيون لبنان في "شباب 82" لأنطوان غندور، لتكرّ بعدها سبحة الأعمال التلفزيونية والمسرحية والإذاعية. بعدها انقطعت عن التمثيل 20 عاماً للتفرّغ لتربية ولديها كندا وكريم، قبل أن تعود في مسلسل "عصر الحريم" للكاتبة منى طايع، وتفتح فصلاً جديداً في مشوارها التمثيلي لتطلّ بمروحة كبيرة من الأعمال الدرامية، مثل "ياسمينة" و"عشق النساء" و"من كل قلبي"، وصولاً إلى "أمير الليل" و"الكاتب" و"بروفا" و"خمسة ونص" و"بلحظة" و"كل الحب كل الغرام"... وغيرها.
وأبو شديد، التي درست الإخراج والتمثيل، بين جامعة بول فاليري في فرنسا ومعهد الفنون الجميلة في لبنان، لا ترى، رغم ذلك، أن الدراسة الأكاديمية هي شرطٌ لازِم لدخول مجال التمثيل، وتستشهد بالممثلة العالمية صوفي مارسو، التي "حققت نجاحاً عالمياً باهراً رغم أنها لم تدخل مجال التمثيل من باب الدراسة والاختصاص، فإذا كان الشخص يحبّ أن يختبر مجالاً فنياً معيّناً يمكنه أن يطوّر نفسه، وهذا شيء، وأن يصقل موهبته من خلال المحترفات والدورات التدريبية والجهد الشخصي، وهذا شيء آخر".
وفي مقابل ظاهرة جوع الشهرة التي تحرّك البعض، ترى أبو شديد أن "الفنان يجب أن تكون لديه نذور ثابتة تماماً مثل الرهبان، حيث عليه أن ينذر العفّة، فلا يجب أن يصبح الجنس وسيلةً يحقق من خلالها الشهرة، ويجب أن ينذر التواضع بمعنى أن يكون واعياً إزاء (الأنا). إذْ حتى عند تحقيق الشهرة، يجب ألا يدع (الأنا) الخاصة به تصبح أكبر من فنّه، ويجب أيضاً أن ينذر الفقر، فلا يكون المال هو الغاية، بحيث يبدأ بممارسة ما هو محظور أخلاقيًا لكي يحقق النجاح والمال. فالابتذال ليس محصوراً بالجسد فقط".
وعن مغامرتها التمثيلية الجديدة، حيث تطلّ في مسلسل بعنوان "العودة" (كتابة رائد أبو عجرم ومعالجة درامية طارق سويد وإخراج إيلي السمعان)، تكشف أنها اختارت أن تشارك في المسلسل، ولو أن دورها محصور في مشهد واحد لا غير، تطلّ من خلاله في العمل الدرامي الذي يمتدّ إلى ثلاثين حلقة.
وتقول في هذا الخصوص: "لم أستطع أن أرفض، وقبلت أن أشارك بمشهد واحد بشخصية (ياسمينا)، لأن المشهد قوي جداً ورغبت بأدائه. ولأنَّ لدي قناعة بأن الفنان يجب أن يؤدّي أحياناً دوراً قصيراً. لا سيّما إن كان واثقاً من أن هذا الدور سيترك انطباعاً قوياً، حتى وإن كانت مساحته صغيرة، وجاء ضمن إطار الإطلالة الخاصة". وتشرح أبو شديد، التي سبق أن دخلت مجال الكتابة الدرامية والسينمائية، أن "الفن شقان، التجاري، وهو شق ذكي يعرف كيف يُسوِّق لنفسه، ويعمل على صناعة النجومية، وهذا ليس خطأ وهو موجودٌ، أينما كان في العالم، وهناك خطٌّ ثان، وهو يشبهنا كطلاب معهد فنون، ممن يعملون في المسرح، ويبقى في رأسهم صوت خشبة المسرح وعتمة الكواليس وجلسة المكياج لإبراز الشخصية واختفاء الممثل. والخطان جائزان، فالفنان هو الذي يختار، والناس تحب أيضاً النجومية".
اقــرأ أيضاً
وبموازاة المسيرة التمثيلية الناجحة لهيام أبو شديد، ثمَّة مسيرةٌ إعلامية لا تقلّ بريقاً. إذْ كان من أولى محطاتها المضيئة تقديمها لبرنامج "استديو الفن" في دورتي 1992 و1996، بإصرار من المخرج الراحل سيمون أسمر، الذي تعترف بأنه آمن بها، وكان من الأشخاص الذين فتحوا لها الباب العريض لإثبات نفسها في مجال تقديم البرامج التلفزيونية المنوّعة، وهو ما فعلته لاحقاً بعدما كرّست جدارتها في مجال البرامج الحوارية، لا سيّما الاجتماعية منها. فنجحت في برنامج "سنة عن سنة"، الذي وثق حياة كبار الفنانين اللبنانيين، واستطاعت أن تحقق جدلاً إيجابياً في برنامجي "جدل" و"جدل حُرّ"، ثم في برامج أخرى، مثل "وأنا كمان" و"الكلمة إلك"، وصولاً إلى برنامج "حروب وإيمان".
وهي اليوم ما زالت تطمح لتقديم مضمون تلفزيوني يشبهها، ولكنها ترى في المقابل أن الاتجاه الحالي هو نحو البرامج المثيرة للجدل والفضائحية.
وترى أن "التمييز الجندري يحكم نظرة المحطات للإعلاميين والإعلاميات، إذْ تُوضَع الإعلامية على الرف بعدما تتخطّى الأربعين من عمرها، في حين أن المنابر تبقى متاحةً للرجل الإعلامي حتى وإن تقدّم في السن، وهو بعكس ما يجري في دول الخارج حيث تُقدَّر الإعلاميات صاحبات الخبرة، ويبقين قيمة مضافة موجودةً على الشاشة".
أبو شديد التي خطت أولى خطواتها على خشبة المسرح إلى جانب الممثل القدير أنطوان كرباج في مسرحية "زلمك يا ريّس"، أطلّت للمرة الأولى على الشاشة الصغيرة عبر تلفزيون لبنان في "شباب 82" لأنطوان غندور، لتكرّ بعدها سبحة الأعمال التلفزيونية والمسرحية والإذاعية. بعدها انقطعت عن التمثيل 20 عاماً للتفرّغ لتربية ولديها كندا وكريم، قبل أن تعود في مسلسل "عصر الحريم" للكاتبة منى طايع، وتفتح فصلاً جديداً في مشوارها التمثيلي لتطلّ بمروحة كبيرة من الأعمال الدرامية، مثل "ياسمينة" و"عشق النساء" و"من كل قلبي"، وصولاً إلى "أمير الليل" و"الكاتب" و"بروفا" و"خمسة ونص" و"بلحظة" و"كل الحب كل الغرام"... وغيرها.
وأبو شديد، التي درست الإخراج والتمثيل، بين جامعة بول فاليري في فرنسا ومعهد الفنون الجميلة في لبنان، لا ترى، رغم ذلك، أن الدراسة الأكاديمية هي شرطٌ لازِم لدخول مجال التمثيل، وتستشهد بالممثلة العالمية صوفي مارسو، التي "حققت نجاحاً عالمياً باهراً رغم أنها لم تدخل مجال التمثيل من باب الدراسة والاختصاص، فإذا كان الشخص يحبّ أن يختبر مجالاً فنياً معيّناً يمكنه أن يطوّر نفسه، وهذا شيء، وأن يصقل موهبته من خلال المحترفات والدورات التدريبية والجهد الشخصي، وهذا شيء آخر".
وفي مقابل ظاهرة جوع الشهرة التي تحرّك البعض، ترى أبو شديد أن "الفنان يجب أن تكون لديه نذور ثابتة تماماً مثل الرهبان، حيث عليه أن ينذر العفّة، فلا يجب أن يصبح الجنس وسيلةً يحقق من خلالها الشهرة، ويجب أن ينذر التواضع بمعنى أن يكون واعياً إزاء (الأنا). إذْ حتى عند تحقيق الشهرة، يجب ألا يدع (الأنا) الخاصة به تصبح أكبر من فنّه، ويجب أيضاً أن ينذر الفقر، فلا يكون المال هو الغاية، بحيث يبدأ بممارسة ما هو محظور أخلاقيًا لكي يحقق النجاح والمال. فالابتذال ليس محصوراً بالجسد فقط".
وعن مغامرتها التمثيلية الجديدة، حيث تطلّ في مسلسل بعنوان "العودة" (كتابة رائد أبو عجرم ومعالجة درامية طارق سويد وإخراج إيلي السمعان)، تكشف أنها اختارت أن تشارك في المسلسل، ولو أن دورها محصور في مشهد واحد لا غير، تطلّ من خلاله في العمل الدرامي الذي يمتدّ إلى ثلاثين حلقة.
وتقول في هذا الخصوص: "لم أستطع أن أرفض، وقبلت أن أشارك بمشهد واحد بشخصية (ياسمينا)، لأن المشهد قوي جداً ورغبت بأدائه. ولأنَّ لدي قناعة بأن الفنان يجب أن يؤدّي أحياناً دوراً قصيراً. لا سيّما إن كان واثقاً من أن هذا الدور سيترك انطباعاً قوياً، حتى وإن كانت مساحته صغيرة، وجاء ضمن إطار الإطلالة الخاصة". وتشرح أبو شديد، التي سبق أن دخلت مجال الكتابة الدرامية والسينمائية، أن "الفن شقان، التجاري، وهو شق ذكي يعرف كيف يُسوِّق لنفسه، ويعمل على صناعة النجومية، وهذا ليس خطأ وهو موجودٌ، أينما كان في العالم، وهناك خطٌّ ثان، وهو يشبهنا كطلاب معهد فنون، ممن يعملون في المسرح، ويبقى في رأسهم صوت خشبة المسرح وعتمة الكواليس وجلسة المكياج لإبراز الشخصية واختفاء الممثل. والخطان جائزان، فالفنان هو الذي يختار، والناس تحب أيضاً النجومية".
وبموازاة المسيرة التمثيلية الناجحة لهيام أبو شديد، ثمَّة مسيرةٌ إعلامية لا تقلّ بريقاً. إذْ كان من أولى محطاتها المضيئة تقديمها لبرنامج "استديو الفن" في دورتي 1992 و1996، بإصرار من المخرج الراحل سيمون أسمر، الذي تعترف بأنه آمن بها، وكان من الأشخاص الذين فتحوا لها الباب العريض لإثبات نفسها في مجال تقديم البرامج التلفزيونية المنوّعة، وهو ما فعلته لاحقاً بعدما كرّست جدارتها في مجال البرامج الحوارية، لا سيّما الاجتماعية منها. فنجحت في برنامج "سنة عن سنة"، الذي وثق حياة كبار الفنانين اللبنانيين، واستطاعت أن تحقق جدلاً إيجابياً في برنامجي "جدل" و"جدل حُرّ"، ثم في برامج أخرى، مثل "وأنا كمان" و"الكلمة إلك"، وصولاً إلى برنامج "حروب وإيمان".
وهي اليوم ما زالت تطمح لتقديم مضمون تلفزيوني يشبهها، ولكنها ترى في المقابل أن الاتجاه الحالي هو نحو البرامج المثيرة للجدل والفضائحية.
وترى أن "التمييز الجندري يحكم نظرة المحطات للإعلاميين والإعلاميات، إذْ تُوضَع الإعلامية على الرف بعدما تتخطّى الأربعين من عمرها، في حين أن المنابر تبقى متاحةً للرجل الإعلامي حتى وإن تقدّم في السن، وهو بعكس ما يجري في دول الخارج حيث تُقدَّر الإعلاميات صاحبات الخبرة، ويبقين قيمة مضافة موجودةً على الشاشة".