واشنطن بحثت التدخل عسكرياً لتحرير دبلوماسيين إسرائيليين في مصر عام 2011

25 ابريل 2018
متظاهرون أمام السفارة الإسرائيلية بالقاهرة 2011 (محمد حسام/فرانس برس)
+ الخط -

كشف تحقيق تلفزيوني إسرائيلي، النقاب، عن أن كلاً من الولايات المتحدة وإسرائيل، درستا إمكانية التدخل عسكرياً، لفك الحصار الذي كان يفرضه متظاهرون مصريون على السفارة الإسرائيلية في القاهرة، في سبتمبر/أيلول 2011.

وفي التحقيق الذي بثته، الليلة الماضية، قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية "كان"، ضمن برنامج "زمن حقيقي"، قال كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع الأميركي آنذاك ليون بانيتا، إنّهما درسا أن تقوم وحدات أميركية خاصة باقتحام السفارة، وإخراج الموظفين منها، وعدم السماح للمتظاهرين بالمس بهم.

وزعم التحقيق، أنّ عشرات الآلاف من المتظاهرين المصريين الذين كانوا يحيطون بالسفارة، كانوا عازمين على قتل الموظفين الذين كانوا يتحصنون في مبناها، رداً على قيام الجيش الإسرائيلي بقتل خمسة من الجنود المصريين، في ثكنة عسكرية تتاخم الحدود المشتركة في سيناء.

وذكر التحقيق، أنّه في اليوم التالي لاندلاع المظاهرة في محيط السفارة الإسرائيلية، تمكّن 85 من أعضاء السلك الدبلوماسي وعائلاتهم، من مغادرة المبنى، في حين بقي ستة موظفين آخرين هناك.

وقال رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد" آنذاك تامير باردو، إنّه الوحيد الذي عارض إخلاء جميع موظفي السفارة الإسرائيلية في القاهرة، بُعيد اندلاع المظاهرة حولها، "بسبب الأهمية الكبيرة لبقائها بالنسبة لإسرائيل".

وكشف باردو، أنّه كان يمثّل قناة الاتصال الوحيدة بين إسرائيل ومصر في ذلك الوقت، مشيراً إلى أنّه أجرى اتصالات مع مدير المخابرات العامة المصرية مراد موافي.

وأضاف أنّه تبين له أنّ التطمينات التي قدّمها موافي، بشأن الحفاظ على حياة موظفي السفارة، "لا تستند إلى الواقع"، حيث أنّه في أعقاب هذه التطمينات، تمكّن المتظاهرون الغاضبون من تدمير الجدران الثلاثة التي تفصل المبنى الذي تتواجد فيه السفارة، عن الشارع الرئيس.

"شرف عظيم أن أتحدّث معك"


وقال إسحاك ليفانون السفير الإسرائيلي في القاهرة، آنذاك، إنّ رئيس المجلس العسكري محمد طنطاوي، لم يرد على اتصالات المسؤولين الإسرائيليين، عازياً ذلك إلى أنّ الجنرالات المصريين كانوا يخشون التدخل، خوفاً من أن ينتهي مصيرهم إلى نفس المصير الذي انتهى إليه الرئيس حسني مبارك.

التظاهرات احتجاجاً على قتل خمسة جنود بسيناء (خالد دسوقي/getty) 


من ناحيته، قال وزير الحرب الإسرائيلي، آنذاك، إيهود باراك، أنّه ونتنياهو توصّلا لقناعة مفادها أنّه يتوجّب التوجه للإدارة الأميركية، وطلب مساعدتها في التدخل العاجل، مشيراً إلى أنّه اتصل بنظيره الأميركي ليون بانيتا، الذي وعده بالتدخل العاجل.

لكن ريك شيفن، مدير مكتب بانيتا، قال إنّ محاولاته لربط طنطاوي ببانيتا "باءت بالفشل".

وأشار باراك إلى أنّه في ظل عجز القيادة الإسرائيلية وبانيتا عن التواصل مع طنطاوي، فقد طلب من نتنياهو التوجّه مباشرة للرئيس باراك أوباما وطلب مساعدته.


"وسائل غير دبلوماسية"

من ناحيته، قال نتنياهو إنّ طنطاوي لم يرد على أوباما، مما جعل إسرائيل تفكّر في وسائل "غير دبلوماسية" لحل الأزمة.

ويشير معد التحقيق أساف جولان، إلى أنّ الاتصالات التي أجرتها المستويات السياسية والعسكرية في كل من إسرائيل والولايات المتحدة، أبرزت فكرة التدخل العسكري لفك الحصار عن السفارة، وتحرير العاملين الستة.

وقال بانيتا إنّه درس مع الإسرائيليين فكرة أن تقوم وحدات أميركية خاصة بعملية، لإخراج موظفي السفارة الإسرائيلية.

لكن أحد مستشاري أوباما الذين تحدثوا في التحقيق، أشار إلى أنّه سرعان ما تم تجاوز الفكرة، بسبب "التداعيات الخطيرة" التي يمكن أن تترتب عليها.

وتبين أنّه قد صدرت التعليمات، لثلاثة من ضباط جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" الذين يعملون كحراس في السفارة، بإطلاق النار حتى آخر رصاصة، في حال تمكّن المتظاهرون من اقتحام الشقة التي كانوا يتواجدون فيها مع ثلاثة آخرين من الموظفين.

كان يتحصّن بالمبنى ستة موظفين إسرائيليين (خالد دسوقي/فرانس برس) 



وقال السفير ليفانون، إنّه "على الرغم من أنني لم أتلق تعليمات واضحة بهذا الشأن، إلا أنني أبلغت حراس سفارتنا بعدم التردد في فتح النار على المتظاهرين في حال اقتحموا المكان".

ويتضح من إفادة بانيتا، أنّ التحول الفارق في مسار الأحداث، جاء أثناء قيامه، بعد يومين، من محاصرة السفارة، بالمشاركة في حفل جماهيري في واشنطن، حيث تم إبلاغه أنّ طنطاوي يريد الحديث معه.

وأضاف: "قلت لطنطاوي: أيها الجنرال نريد مساعدتك، هناك مشكلة كبيرة يمكن أن تحدث، نرجو أن تتدخل". وبلهجة لا تخلو من السخرية، قال بانيتا ضاحكاً: "فوجئت أنّ طنطاوي يقول لي إنّه لشرف عظيم أن أتحدّث معك، وأنك مدعو لزيارة القاهرة"، فقاطعته قائلاً: "أيها الجنرال لا نريد أن نتحدث عن هذا الآن، فقط ساعدنا في حل المشكلة"، مشيراً إلى أنّ طنطاوي قدمّ له تعهداً بالعمل من أجل إنقاذ العاملين في السفارة الإسرائيلية.


الكوماندو المصرية


بدوره، قال يورام كوهين رئيس جهاز "الشاباك"، إنّه في أعقاب اتصال طنطاوي بانتيا، اتصل به ضابط مصري كبير، عرّف عن نفسه بأنّه قائد قوات "الكوماندو" المصرية، وطلب منه التنسيق سوياً لتحرير العاملين في السفارة.

وأضاف أنّه تم الاتفاق على أن يقوم عناصر وحدة الكوماندو المصرية، بارتداء الزي المدني، والتعامل على أساس أنّهم جزء من المتظاهرين، والقيام في نفس الوقت بدفعهم للخارج.

كما كشف أنّه تم الاتفاق مع الجنرال المصري، على أن يقوم عناصر الكوماندو بطرق باب الشقة التي كان يتحصّن فيها طاقم الموظفين الإسرائيليين، بشكل معين، بحيث يتبين لهم أنّ من يقوم بطرق الباب هم وحدة الكوماندو المصرية التي جاءت لتحريرهم.

وحدة كوماندو مصرية حررت الموظفين الإسرائيليين (خالد دسوقي/فرانس برس) 


وكشف باراك أنّ موظفي السفارة الإسرائيلية، ارتدوا ملابس عسكرية مصرية، أثناء خروجهم مع وحدة الكوماندو، حيث تم نقلهم في إحدى ناقلات الجند التي كانت تتواجد أسفل السفارة.


وقد علّق باردو على الأحداث قائلاً: "كانت جميع التقديرات الاستخبارية لدينا تفيد بأنّ نظام مبارك هو الأكثر استقراراً، وأنّ مصر الدولة العربية المحصنة من الهزات، لكن الواقع نسف هذه التقديرات".

واتضح من التحقيق، أنّ موظفي السفارة الإسرائيلية، حرصوا على إتلاف عدد كبير من الوثائق السرية، قبيل مغادرتهم المبنى، برفقة وحدة الكوماندو المصرية.