استحوذت تطوّرات الأوضاع في سوريا، وتعثّر توقيع الاتفاق الأمني مع أفغانستان، على شهادة مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية، جيمس كلابر، أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي.
وبينما أكد كلابر أن الحرب في سوريا أوجدت "كارثة تنذر بشرّ مستطير"، رجّح عدم توقيع الرئيس الأفغاني، حميد قرضاي، على الاتفاقية الأمنية التي تسعى واشنطن إلى دفع كابول إلى إقرارها.
"الكارثة" السورية
رداً على سؤال عما اذا كان يعتبر الوثائق التي نشرتها وسائل إعلام، حول التعذيب في سوريا، دليلاً محتملاً على فظائع ترتكبها الحكومة السورية، أوضح كلابر أنه يراها كذلك ويعتقد أنها صحيحة. وأضاف "لا أرى سبباً يدعو إلى الشك في ذلك. ومن الصعب القول إن شيئاً على هذا القدر الهائل من الضخامة يمكن اختلاقه".
وأشار إلى أنه "إذا نظرت إلى الكارثة الإنسانية ووجود 2.5 مليون لاجئ و6.5 مليون أو 7 ملايين من المهجرين في الداخل، ومقتل ما يزيد على 134 ألف شخص، ترى أنها كارثة تنذر بشرّ مستطير".
وفي ما يتعلق بمصير المفاوضات بين النظام والمعارضة في جنيف، التي انطلقت جولتها الثانية يوم الاثنين، أوضح كلابر أن توقعاته "ضعيفة". ورأى أن الرئيس السوري، بشار الأسد، لن يفاوض على مسألة رحيله عن السلطة، مضيفاً أن "ما تحدث فيه الطرفان في جنيف 2 يتعلق بالقضايا الإنسانية، ولكن المشكلة تكمن في إيجاد حل سياسي طويل الأمد". ولفت إلى أنه يتوقع "نوعاً من مأزق يطول أمده، لا تملك فيه الحكومة السورية القوة الكافية للاحتفاظ بسيطرتها على الأرض التي تحوزها"، معتبراً أن "تقديم مساعدات عسكرية وتدريب معارضي الأسد قد يساعد على مواجهة القوات الحكومية".
وبعد أيام من تحذيرات وزير الأمن الداخلي الأمريكي، جيه جونسون، من أن سوريا أصبحت مصدراً لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وخطراً على البلدان الأوروبية والولايات المتحدة، أشار كلابر إلى تقديرات أمريكية تفيد بأن عدد قوات المعارضة السورية الآن يتراوح بين 75 و 115 ألف مقاتل، وأنّ هؤلاء ينتظمون في أكثر من 150 جماعة "تتباين تبايناً واسعاً في اتجاهاتها السياسية". ورأى أن ما يتراوح بين 20 ألفاً و26 ألفاً منهم من "المتطرفين المؤثرين تأثيراً لا يتناسب مع أعدادهم لأنهم من بين أكثر المقاتلين فعالية في ميدان المعارك".
وأشار كلابر إلى أن المجموعات الثلاث الأكثر خطراً دولياً هي "جبهة النصرة" و"حركة أحرار الشام" و"الدولة الإسلامية في العراق والشام". كما تحدّث عن وجود قرابة 7500 مقاتل أجنبي ينحدرون من 50 بلداً، يوجد بينهم بعض مقاتلي تنظيم "القاعدة" الذين شاركوا في الحرب في أفغانستان وباكستان، ويتطلعون إلى الهجوم على أوروبا وكذلك الولايات المتحدة.
من جهته، حذّر رئيس وكالة الاستخبارات "الدفاعية" الأمريكية، مايكل فلين، في الجلسة نفسها من أن "هناك احتمالاً كبيراً بقيام عناصر من المتشددين في صفوف المعارضة السورية، بمداهمة واستغلال الأسلحة الكيميائية والبيولوجية في المخازن قبل التمكن من إزالتها من قبل المجتمع الدولي". واعتبر أنّ "عدم الاستقرار الحالي في سوريا يمثل فرصة ذهبية لتنظيم القاعدة والمنظمات المرتبطة بها للحصول على هذا النوع من الأسلحة أو العناصر المرتبطة بتصنيعها"، مشيراً إلى أن "تحريك هذه الأسلحة من المواقع الحالية إلى مواقع أخرى من أجل التخلص منها أو لأي أسباب أخرى، يزيد من خطورة وقوع هذا النوع من الأسلحة أو مكوناتها في الأيدي الخاطئة".
وحول اللامركزية في قيادة "القاعدة"، وعما إذا كان التنظيم في طريقه إلى الهزيمة، قدم المسؤولان الأمريكيان تقييمهما للوضع، اذ أجاب كلابر: "كلا، التنظيم يتحول ويقدم امتيازاته إلى جماعات أخرى، وليس فقط في شمال افريقيا، بل وفي مناطق أخرى من العالم... لا لن يهزموا".
تعثرّ الاتفاق الأمني مع كابول
في الشأن الأفغاني، توقع كلابر ألا يوقع قرضاي على الاتفاق الأمني الثنائي الذي تضغط الولايات المتحدة عليه بهدف توقيعه قبل انتهاء ولايته في نيسان/أبريل المقبل، بما يجيز لها الابقاء على أكثر من عشرة آلاف جندي في أفغانستان بعد انسحابها رسمياً في نهاية العام الجاري، للمشاركة في مكافحة الإرهاب وتدريب القوات الأفغانية.
ورداً على سؤال عما إذا كان يعتقد أنه من الأفضل أن تقرر واشنطن التريث وعدم التوقيع على الاتفاق ريثما تجرى الانتخابات الرئاسية الأفغانية، توقع كلابر ألا يوقع قرضاي الاتفاق.
أما ليفن، فانتقد قرضاي، ورأى أن "أي رئيس مقبل لأفغانستان سيكون على الأرجح أكثر كفاءة من الرئيس قرضاي، ومن المرجح أن يتيح توقيعه (على الاتفاق) ثقة أكبر من توقيع قرضاي".
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" قد نقلت عن مسؤول أميركي رفيع المستوى قوله "إذا اختار (الرئيس الأفغاني) ألا يكون جزءاً من الحل، فعلينا أن نجد وسيلة لتجاوزه".