في محافظة تعز، وسط اليمن، التي تشهد مواجهات مسلحة بين مليشيات الحوثيين والمقاومة الشعبية منذ أبريل/ نيسان الماضي، طرح طبيب مبادرة تكافلية تتمثل في إنشاء مائدة يومية مجانية لإغاثة ضحايا الحرب. وأكد صاحب المبادرة، الطبيب ياسين القباطي، أن المشروع يقدم مساعدات غذائية، ومنها سلال غذائية ومياه للشرب، للأسر المتضررة.
وقال القباطي لـ"العربي الجديد"، إنه "منذ بداية الحرب نقوم بإعداد مطبخ وسفرة (مائدة) للعمال بالأجر اليومي، الذين فقدوا أعمالهم ومصدر رزقهم بسبب الاضطرابات الأمنية المتفاقمة".
وأوضح أن الوجبات تقوم بإعدادها متطوعات ويتم شراؤها أحيانا جاهزة من المطاعم، حيث تُجهّز مائدة طويلة وسط شارع جمال الرئيسي بالمدينة. وأضاف أن الوجبة تتكوّن من أرز وبطاطا مطبوخة.
وقال القباطي إن هؤلاء اليمنيين لم يشملهم برنامج الغذاء الأممي ولم تبحث عنهم منظمات الدورات التأهيلية والمشاريع لأجل التوثيق والمال، لكنهم وجدوا في القائمين على المبادرة مشاركة بمعاناتهم.
وتقدم المائدة المفتوحة في شارع جمال بشكل يومي، وأعداد الضيوف تزيد وأيادي الخير تزيد أيضا، حسب القباطي.
ولفت إلى أن المشروع يقوم بإيصال الأغذية الجافة للمناطق الوعرة لأسر عمال الأجر اليومي، الذين فقدوا مصادر دخلهم بسبب الحرب، وأن المساعدات وصلت إلى مناطق ريفية محيطة بالمدينة.
ويُموّل المشروع من التبرعات، التي يقدمها مواطنون وتجار. وقال القباطي: "لم تصلنا أية مساعدة من الخارج سوى تبرعات أصدقائنا الأطباء في السعودية، وهي مبالغ بسيطة، ومن الداخل حصلنا على أكياس من القمح والدقيق تبرعت بها مجموعة تجارية معروفة، بالإضافة إلى توفير الوقود لتحركاتنا ومبالغ من متبرعين"، وأضاف أن "كل هذه المساعدات توزع فقط لأشد الناس حاجة من أبناء تعز، ونعتمد في عملنا على مجموعة من الشباب المتطوعين".
وأوضح أنهم لم يستلموا أية معونات من منظمات دولية بسبب حصار المدينة من قبل الحوثيين، الذين يسيطرون على منافذها ويمنعون وصول الغذاء والوقود والدواء إلى السكان.
اقرأ أيضاً: تفاقم أزمة الرواتب في اليمن.. والموظفون قلقون
وأكد متطوعون في المشروع أن الكثير من المترددين على المائدة لديهم منازل ذات مستوى جيد، لكنهم يعجزون عن توفير الاحتياجات الضرورية لأسرهم.
وقال المتطوعون إنه تم إعداد مطابخ في مدارس المدينة التي تضم مئات النازحين، وفي مجمع هائل سعيد التربوي بمدينة تعز القديمة، يتم تجهيز ثلاث وجبات يوميا لأكثر من ألفي نازح في هذه المدرسة، ونقوم باستخدام الحطب في إعداد الطعام لانعدام غاز الطهي.
وبالإضافة إلى المائدة اليومية لعمال اليومية والوجبات وسلال الغذاء لأسر النازحين، يقدم المشروع مياه الشرب لسكان المدينة، التي تعاني أزمة شديدة في المياه.
وقال ناشطون في المشروع، لـ"العربي الجديد"، إن فريق وحدة الإغاثة يقوم بتوزيع المياه على الأحياء المحرومة منها في مدينة تعز توضع في الحاويات الكبيرة الموجودة بالشوارع ومنها إلى البيوت.
وقال بيان لمشروع إغاثة ضحايا الحرب بتعز، أول أمس: "يواصل فريق إغاثة ضحايا الحرب توزيع المياه في تعز، بعد أن قطعت ومنع دخولها إلى المدينة، حيث تم توصيل المياه إلى أحياء شعب صليط وزيد الموشكي والطلعة وباب موسى وغيرها.
وأكد تقرير صادر عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (خاص)، أن الكثير من المواطنين، سواء القاطنون في المدينة أو الريف في تعز، يواجهون صعوبة بالغة في الحصول على المياه بسبب عدم توفر مادة الديزل (السولار) لدى المؤسسة العامة للمياه، مما تسبب في انقطاع المياه لأكثر من 60 يوما، ويضطر المواطنون إلى شراء المياه التي ارتفع سعرها إلى 8000 ريال (37 دولارا) للصهريج الواحد، مقارنة مع ثلاثة آلاف ريال قبل سيطرة الحوثيين.
ويواجه نحو 2.2 مليونَي مواطن في تعز أوضاعا إنسانية واقتصادية صعبة جراء الحرب التي تشنها جماعة الحوثي على المدينة منذ ما يزيد عن 6 أشهر، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية وانعدمت المشتقات النفطية والغاز في ظل الحصار، الذي تفرضه الجماعة على تدفق المشتقات النفطية والسلع.
وأدت الحرب إلى دمار واسع في المنازل والمنشآت والشركات والمؤسسات، وإلى توقف الحركة التجارية بشكل كامل، كما أدت إلى تعطيل خدمات الكهرباء والمياه والاتصالات والإنترنت، فضلا عن شُحّ المواد الغذائية في أسواق المدينة.
اقرأ أيضاً: مدن يمنية محرّرة دمّرها الحوثيون