تؤكد مصادر حكومية عراقية وأخرى في هيئة النزاهة، أن وزارات الخارجية والصحة والدفاع والداخلية والنقل والتعليم العالي والعدل، هي أكثر الوزارات العراقية فساداً، لكن وجود وزراء حزبيين على رأسها يمنع فتح ملفاتهم قضائياً.
وقد تسلّم رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، مؤخراً، ملفاً من هيئة النزاهة يتضمن تعيين وزيرة الصحة عديلة حمود، زوجها وشقيق زوجها وثلاثة من أشقائها وابن عمها على رأس أقسام العقود والمناقصات ومكاتب التفتيش والحسابات، بعد طرد المسؤولين السابقين عقب توليها الوزارة.
واعتبر النائب في البرلمان العراقي، علي البديري، أن "وزارة الصحة أصبحت تدار من قبل أسرة الوزيرة عديلة حمود"، داعياً البرلمان إلى "استجواب الوزراء الذين حوّلوا وزاراتهم إلى أسر".
وأوضح بيان، أن "أقرباء حمود أصبحوا هم من يديرون الوزارة"، مضيفاً أن "من يحتاج إلى أي خدمة في الوزارة، فإن عليه الاتصال بأسرة الوزيرة".
كما تضمن الملف، تعيين وزير الخارجية إبراهيم الجعفري، ثلاثين من أقربائه في مفاصل حساسة في الوزارة، بينما وضع صهره في مكتبه وخوّله التوقيع والتصرف في غيابه. كذلك عيّن الجعفري العشرات من أعضاء حزبه في سفارات عراقية مختلفة خارج البلاد، بينهم أعضاء مليشيات ليست لديهم خبرة بالعمل الدبلوماسي.
وبحسب الملف، فإن الوزير نفسه قام بتوظيف عاملين في قناة (بلادي) التي يملكها في وظائف حساسة داخل وزارة الخارجية، التي لا يعلم الجعفري بعدد كبير من البيانات التي تصدر عنها.
كذلك، كشفت مواقع إخبارية عراقية، عن تعيين ابن شقيقة جبر صولاغ، القيادي في المجلس الإسلامي الأعلى ووزير النقل المستقيل، ابن خالته في منصب سكرتير ثالث في السفارة العراقية في موسكو، رغم أنه لا يحمل شهادة ابتدائية.
واتهم عضو البرلمان عن التيار الصدري، ياسر الحسيني، الجعفري، بتعيين أقربائه في الوزارة.
وقال، خلال مؤتمر صحافي عقده في مبنى البرلمان الأسبوع الماضي، إن "الجعفري لم يحضر للوزارة إلا نادراً، وهناك المئات من البريد اليومي المتكدس على مكتبه ولم يوقع عليه".
وأضاف: "وزير الخارجية سلك سلوكاً مغايراً عن ما جرت عليه العادة في الدولة العراقية، واستقبل مسؤولي دول العالم في مكتبه الشخصي، وليس في مقر الوزارة"، مشيراً إلى أن "هنالك عدداً من التعيينات في وزارة الخارجية من أقارب الوزير، إضافة إلى وجود شكاوى من سفراء البلد في الخارج الذين يحضرون للعراق ولا يستطيعون اللقاء بالوزير بسبب كثرة سفره".
أما وزارة الداخلية، وفقاً للتقرير، فقد تحولت إلى مقر لمليشيا "حزب الله" بزعامة هادي العامري.
ويكشف التقرير أيضاً، أن وزير التعليم، علي الأديب، منح مشروع تطوير وافتتاح مقاصف المدارس، لابن شقيقه المقيم خارج البلاد، بينما تولى شقيق زوجة وزير العدل، حيدر الزاملي، مهمة إطعام السجناء، وتسبب في وفاة وتسمم قسم كبير منهم في عدة مرات، بسبب سوء الأطعمة وفسادها، بدون أن تتم محاسبته.
وفي السياق ذاته، عيّن زوج ابنة أمين عام مجلس الوزراء، مهدي العلاق، المدعو مصطفى الكاظمي، في منصب رئيس جهاز المخابرات. والكاظمي صحافي مغمور، وكاتب مقال في إحدى الصحف المحلية الأسبوعية.
وكان رئيس الوزراء العراقي الأسبق، إياد علاوي، قد شن هجوماً لاذعاً، أمس الاثنين، على الحكومة ومؤسساتها، مبينا أن "المرحلة الحالية هي مرحلة اللادولة، ومن لديه مسألة يريد يحلها يذهب إلى مليشيات الحشد الشعبي أو السفارة الإيرانية أو الأميركية، لا لأجهزة الدولة".
على مدى السنوات الثلاث عشرة الماضية التي أعقبت احتلال العراق، ظل ملف الفساد المالي كواحد من أبرز المشاكل التي تعيق استقرار البلاد، بعد ملف الأمن والإرهاب والمليشيات.
وعلى الرغم من تنظيم حركات مدنية مختلفة في البلاد، عشرات المظاهرات خلال عام 2016، تطالب الحكومة العراقية بموقف حازم إزاء هذا الملف وإحالة المتورطين في عمليات الفساد إلى القضاء، إلا أن أيا من ذلك لم يتحقق.
وبحسب تقديرات غير رسمية صدرت عن منظمات دولية ومحلية، اعتبرت أن أكثر من نصف العمليات "الإرهابية" وجرائم العنف، تقف وراءها ماكينة الفساد المالي والإداري، من خلال تغليب العامل الحزبي والطائفي والقرابة على الكفاءة في تولي المناصب الحساسة.
ويرزح العراق اليوم في قائمة أكثر الدول العربية فقراً بسبب الفساد، في الوقت الذي تزداد فيه ثروات وأملاك السياسيين والقادة الأمنيين وأقربائهم بشكل لافت.
وأطلق ناشطون، صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء وهمية مختلفة، لكشف ما لديهم من ملفات فساد، وعادة ما يذيّلون المنشور بعبارة "نسخة منه إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي".