قال وزير الاقتصاد والمالية المغربي، محمد بنشعبون، إن جميع التوقعات الاقتصادية في المغرب تبقى محفوفة بالمخاطر المرتبطة بتداعيات الجائحة في العام الحالي، معتبراً أن جميع التوقعات مفتوحة على إمكانية إعادة مراجعتها.
وأكد بنشعبون أن الاقتصاد المغربي سيتعرض في العام الحالي لثلاث صدمات متزامنة، عكس ما كان عليه الحال مع الأزمة المالية التي عرفها العالم منذ 12 عاماً.
وأوضح الوزير حين مثوله أمام البرلمان، اليوم الأربعاء، أن أولى تلك الصدمات ذات طابع خارجي مرتبطة بانكماش الاقتصاد العالمي، لا سيما على مستوى الشركاء الأوروبيين والذي سيكون له تأثير على القطاعات والأنشطة الموجهة للخارج.
وأضاف أن الصدمة الثانية لها علاقة بالتدابير الصحية الوقائية، التي أفضت إلى التوقف المؤقت للأنشطة الموجهة السوق الداخلية، علما أن المغرب كان قد قرر منذ مارس الدخول في نوع من الحجر والطوارئ الصحية.
وشدّد على أن الصدمة الثالثة لها علاقة بتعاقب سنتين من الجفاف، مرتبطة بضعف التساقطات المطرية التي انخفضت بنسبة 34 في المائة، ما أفضى إلى تراجع محصول الحبوب من 5.2 ملايين طن إلى 3 ملايين طن، علما أنه كانت تجاوز 10 ملايين طن في 2018.
ولاحظ أنه زيادة على الأثر الناتج عن سنة فلاحية جافة، فمن المنتظر أن يسجل الاقتصاد المغربي انكماشا لأول مرة منذ أواخر التسعينيات بناقص 5 في المائة في العام الحالي.
وشدّد على أنه في نفس السياق ستتأثر التوازنات الماكرواقتصادية (الاقتصاد الكلي) بشكل كبير، لا سيما مع ارتفاع عجز الميزانية التي ينتظر أن يبلغ 7.5 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، أي 8.4 مليارات دولار، مقابل 3.5 في المائة في العام الماضي.
ويوضح أنه من المنتظر أن يسجل الحساب الجاري لميزان المدفوعات تراجعا بنسبة 3.9 في المائة ليستقر في حدود 8 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، وذلك بسبب تراجع القطاعات الموجهة للخارج، خاصة صادرات السيارات والطيران وإيرادات السياحة وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج.
ويتوقع الوزير أن تقوم المصارف بتليين شروط تمويل الاقتصاد بعد خفض سعر الفائدة الرئيسي من قبل البنك المركزي، مما سيكون له وقع إيجابي على ولوج الشركات للتمويل وبالتالي تحريك عجلة الاقتصاد وإنعاش الاستثمار وخلق فرص العمل.
غير أنه يرى أنه بناء على توقع انخفاض بنسبة 5 في المائة للناتج الخام خلال العام الجاري، فمن المنتظر فقدان ما يناهز 227 ألف فرصة عمل في القطاع غير الزراعي و78 ألف فرصة عمل في القطاع الزراعي، ما من شأنه أن يرفع معدل البطالة من 9.2 في العام في العام الماضي إلى 13 في المائة في العام الحالي.
وخلص الوزير على أن تطورات الإطار الماكرواقتصادي، تنذر بتعرضه لتدهور مقارنة مع التوقعات الأولية في العام الحالي أو مع السنة الماضية، تحت تأثير الجائحة، معتبرا أن جميع التوقعات تبقى محفوفة بمخاطر مرتبطة بتطور الأزمة في الأشهر المقبلة.
وعمد المغرب إلى بلورة مشروع موازنة تعديلي، في سياق متسم بتراجع الإيرادات الجبائية واللجوء إلى الاستدانة داخليا وخارجيا، حيث يراد من ذلك المشروع إعادة توجيه الإنفاق بما يخفف من الإنفاق على الأجور والتسيير واستحضار انخفاض الإنفاق على الاستثمار في شركات الدولة مع زيادته عبر الموازنة.
ويسعى المغرب عبر ذلك المشروع إلى تبني تدابير تؤدي إلى تقليص عجز الميزان التجاري بما له من تأثير على رصيد المملكة من النقد الأجنبي، حيث قررت الحكومة زيادة الرسوم الجمركية على بعض السلع المستوردة، بهدف التقليص من استيرادها، في انتظار الاستعاضة عنها بالمنتج المحلي.