وتابع العمادي: "على مدى الأشهر الأربعة الماضية شهدت دولة قطر أزمتها الخاصة – ضحايا حصار تعسفي بري وبحري وجوي فرضته السعودية ومصر والإمارات والبحرين.
لكن إذا كان هدف هذا الحصار تركيع قطر، فقد حقق العكس تماماً. فبعد أن استشعرنا الخطر اغتنمنا الفرصة وعززنا أنفسنا سياسياً واقتصادياً".
وشرح أنه "لسنوات عديدة، تنتهج دولتنا استراتيجية التنويع الاقتصادي العالمي والاستثمار الحكيم والطويل الأمد. لذلك أنشأت قطر علاقات تجارية قوية مع مختلف شعوب العالم.
ومنذ 5 حزيران/ يونيو – يوم بدء الحصار – قمنا بمضاعفة الجهود لتعزيز العلاقات القائمة وإنشاء علاقات جديدة، والنتائج ماثلة للعيان".
وتابع المقال أن "اقتصادنا بيّن قدرته على الصمود ونجح في التكيّف مع الحصار. كل يوم هناك فرص جديدة متاحة، كما أصبح الاكتفاء الذاتي طموحاً يشترك فيه جميع المقيمين في قطر. وفي جميع الأحوال لم يطرأ على الحياة اليومية في قطر بالمعنى الاقتصادي أي انقطاع، بل أخذت في التحسن بطرق عديدة".
وأضاف: "حالياً يجري البحث عن أسواق جديدة. من أبرز الأمثلة على ذلك الاتفاق الذي أعلنت عنه قطر مؤخراً، والذي يقتضي تصدير الغاز الطبيعي المسال إلى بنغلاديش على مدى السنوات الخمس عشرة المقبلة. كذلك سعت قطر إلى البحث عن سوق جديدة ومتوسعة لها في جنوب آسيا لتصدير الغاز الطبيعي المسال، وستستفيد استفادة كاملة من هذه الفرصة".
وشرح العمادي "أطلق ميناء حمد الذي افتتحته قطر حديثاً طرقاً بحرية جديدة إلى مختلف البلدان، بما في ذلك عمان وتركيا والهند وباكستان، بما يتجاوز قدرات ميناء جبل علي الإماراتي. نتيجة لذلك انخفضت تكاليف الشحن بنسبة 31% منذ فرض الحصار".
وقال "كذلك بسبب قيود التنقل الجوي، قمنا بإنشاء طرق تجارية جديدة أدت إلى رفع مستويات الكفاءة. فقد اعتاد المورّدون الهنود للمواد الغذائية على المرور بالإمارات والسعودية قبل وصولهم إلى قطر، فأصبحوا يشحنون منتجاتهم مباشرة إلى قطر، وهو ما سيحقق على المدى الطويل كفاءة أكبر من حيث الكلفة والوقت".
واعتبر العمادي أنه "ستساهم وفرة البدائل الغذائية أيضاً في إبقاء الأسعار منخفضة على المدى الطويل. بل إن هذا التعطيل فتح فرصاً جديدة في مجال السفر الجوي: فبفضل السعة الفائضة للخطوط الجوية القطرية تمكنّا من توسيع عروض خدماتنا في أسواق الأرباح العالية وإضافة 24 سوقاً جديدة خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة".
وأضاف: "قد يتساءل المستثمرون عن المخاطر المالية التي قد تتسبب بها دول الحصار بالنسبة لقطر. في حين يؤدي الحصار إلى تسريع عملية تنويع الاقتصاد القطري باتجاه مشاريع مرتكزة على المعرفة، ما يزال النفط والغاز يشكلان أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي. وبالفعل، بفضل هذه الثروة المعدنية ما تزال لدينا سيولة عالية: لدينا ما نحتاج إليه من أصول وأمن لضمان الاستقرار الاقتصادي في المستقبل".
ولفت إلى أن "أصولنا الخارجية واستثماراتنا الخارجية تتجاوز 250 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو لا يكفي فقط للدفاع عن عملتنا واقتصادنا، بل وللتنويع في أنشطة جديدة ومبتكرة. نحن لسنا بحال من الأحوال مرحبين بهذا الحصار. فقد أدى إلى آثار إنسانية جسيمة على مستوى فصل الآباء عن أبنائهم، والطلاب عن مدارسهم، والأحباء عن بعضهم البعض. لكننا نرى فيه محفزاً على التفكير الجديد والفرص التجارية والدبلوماسية الجديدة".
وبينما تؤتي هذه المقاربة ثمارها وتضمن عدم حدوث أي انقطاع على مستوى التجارة ونوعية الحياة بالنسبة لمعظم القطريين، تابع العمادي، "علينا ألا ننسى أولئك الذين يستهدفهم الحصار: العاديين الذين يرغبون في العمل والتعلم والعيش بيننا".
وقال إنه "بينما يلتقي مندوبون من جميع أنحاء العالم في واشنطن هذا الأسبوع ضمن الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، سنتناول قضايا تشكل مصدر قلق عالمي، كالتوقعات الاقتصادية العالمية ومكافحة الفقر والتنمية الاقتصادية وفعالية المساعدات".
وختم العمادي المقال قائلاً: "ليثق العالم أن الإخلال بالتضامن الإقليمي والأزمة الإنسانية التي فرضها جيراننا لن تُنسى، وأن قطر ستواصل القيام بدورها في ضمان استمرار النمو العالمي والتنمية الإقليمية. لقد تشكلت سابقة خطيرة بفرض هذا الحصار غير القانوني، والذي يخالف الاتفاقيات الدولية الراسخة منذ زمن طويل. مع ذلك تأتي مع هذا الخطر فرصة لمعالجة هذا الظلم الجسيم – فرصة ينبغي على المجتمع المالي العالمي المجتمِع في العاصمة الأميركية أن يغتنمها".