ويمنع إبعاد المهاجرين إلى أوروبا منذ صدور قرار من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في 2012. وتنص المادة الثالثة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان على أنه "لا يجوز تعريض أي شخص للتعذيب أو للمعاملة أو العقوبة غير الإنسانية والمهينة".
وقال الوزير البلجيكي على هامش اجتماع وزراء داخلية دول الاتحاد الأوروبي، في لوكسمبورغ أمس، إن "إيطاليا ملزمة بإنقاذ المهاجرين في البحر، ويجب أن ترحب بهم، دون أن تتمكن من إعادتهم إلى ليبيا أو أي مكان آخر. طالما سيظل هذا الأمر (إعادة اللاجئين) غير ممكن، فسوف نعيش فوضى. يجب أن نكون قادرين على إعادة القوارب التي تحمل المهاجرين مرة أخرى. يجب إيجاد طريقة للالتفاف على المادة الثالثة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان".
وقوبلت التصريحات بتنديد واسع من قبل الطبقة السياسية البلجيكية والأوروبية. ما دفع بمكتب تيو فرانكن، إلى إصدار توضيح، جاء فيه أن "وزير الدولة المكلف بشؤون الهجرة واللجوء لا يعني أنه ينبغي التحايل على المادة الثالثة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، ولكن إعادة النظر في التفسير الواسع الذي اعتمدته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان".
وقال أستاذ القانون في جامعة بروكسل المستقلة، فيليب دي برويكر، والمتخصص في قضايا اللجوء والهجرة، لـ"العربي الجديد"، إن "المادة تحمل قرارا مطلقا، ولا تترك المجال لأي استثناء". مشيرا إلى أن "ما يجب تحديده اليوم، هو ما إذا كانت هذه التصريحات تعكس موقف الوزير فرانكن، أم موقف الحكومة البلجيكية".
ووزّع المتحدث باسم رئيس الوزراء البلجيكي، فريدريك كاديرلييه، تصريحًا على وسائل الإعلام اليوم، للتأكيد على أن "الحكومة لم تتخذ أي قرار حول هذا الموضوع، وأنها تحترم القانون الدولي".
وأثار بيان مكتب وزير الهجرة البلجيكي التوضيحي نقطة أخرى خلافية تتعلق بالتفكير في عقد اتفاق مع تونس، مثل الاتفاق الموقع بين الاتحاد الأوروبي وتركيا. وشدد على أن "الهدف هو دعم تونس لقبول العودة القسرية أو الطوعية للمهاجرين لأسباب اقتصادية إلى بلدهم الأصلي، أما بالنسبة للاجئين فيمكن النظر إلى بدائل للاستقبال أو الاندماج المحلي أو إعادة التوطين. من الواضح أنه لا ينبغي أن يكون التوطين بالضرورة في أوروبا، بل يمكن القيام بذلك في إطار عالمي كما تجري مناقشة ذلك حاليا في الأمم المتحدة".
ويرى فيليب دي برويكر أن هذا المقترح "مستحيل التحقيق. اقتراح فرانكن لا يتحدث عن إعادة تونسيين إلى تونس، ولكن أشخاص قادمين من ليبيا عبر تونس، وهذا أمر غير معقول. مثل هذا الاتفاق سيضعف حكومة بلد لايزال يعيد بناء نفسه بعد الربيع العربي".
ويضيف دي برويكر أن "الاتحاد الأوروبي أيضا لا يحترم بشكل قاطع المادة الثالثة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، فبشكل غير مباشر تم انتهاكها بالفعل، لكن لا يمكن إيجاد إثبات على ذلك من الناحية القانونية". في إشارة إلى أخبار متداولة حول التعاون مع ليبيا في هذا السياق.
وفي نهاية عام 2016، تبنى الاتحاد الأوربي سلسلة من الإجراءات لإغلاق طريق المتوسط. بينها تكوين قوات خفر السواحل الليبية بدعم من الاتحاد الأوروبي، واعتبرت العديد من منظمات حقوق الإنسان، أن الأمر هو وسيلة للتحايل، من جملة أمور، على المادة الثالثة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
ويتابع "في الواقع، إن عمليات الإنقاذ في البحر هي التزام مسجل في القانون البحري. سواء تعلق الأمر بناقلات النفط أو السفن العسكرية أو السفن التجارية، فإن عليها إنقاذ القوارب التي تواجه مشاكل. بينما لا تطبق المادة الثالثة سوى في حال التقاء سفينة من دولة عضو في الاتحاد الأوروبي بالمهاجرين في عرض البحر".
ويلخص دي برويكر الأمر قائلا: "تدخل خفر السواحل الليبي، إذا ثبت أن أوروبا تمليه، أو مركز التحكم البحري الإيطالي، فإنه سيكون تلاعبا بقانون البحر" وفضلا عن ذلك، فإن "حرس السواحل الذين يعتقلون المهاجرين يعيدونهم إلى ليبيا، والتي لا تعتبر دولة آمنة. لذا فإن إعادة المهاجرين يعد انتهاكا للمادة الثالثة. أوروبا تعلم ذلك، وهي مسؤولة عن قراراتها".
وسبق أن انتقد الوزير البلجيكي، فرانكن، في العام الماضي عمل المنظمات غير الحكومية، واتهم منظمة أطباء بلا حدود بالاتجار بالبشر، قبل أن يعتذر، كما لم يوافق على قيام جنود بلجيكيين بإنقاذ حياة 118 شخصًا.