الحريق اندلع عند الساعة العاشرة من مساء أمس الثلاثاء، حين كان الأولاد في المنزل وحدهم، وكان الأب والأم في زيارة لعيادة أحد المرضى من أقرباء الزوجة.
وقال رئيس قسم شرطة حي العمارة بدمشق العقيد علي النبهان، لإذاعة محلية إن الحريق نشب في الساعة العاشرة ليلاً في منطقة المناخلية بدمشق القديمة، في منزل حسان عرنوس الكائن في الطابق الرابع (الملحق)، ما تسبب بتهدم سقف المنزل فوق الأطفال السبعة القاطنين فيه الذين توفوا جمعيهم من جراء ذلك، مشيراً إلى أن السقف هو من الموادّ القابلة للاشتعال (زنكو وخشب).
وبيوت الملاحق في سورية غير نظامية في أغلبها، وتبنى من موادّ خفيفة، ودون أعمدة داعمة، ولا يستخدم في السقف الحديد أو الإسمنت لكي لا يتسبب ذلك بوزن زائد على جدران البيت.
وأوضح النبهان أن سبب الحريق "حسب تحقيقات فرع الأمن الجنائي ومهندسين وخبراء من وزارة الكهرباء، هو الحرارة المشعّة الناتجة عن مدفأة كهربائية أرضية ذات وشيعة (أسلاك معدنية لولبية) أدت إلى إحماء المادّة القابلة للاشتعال، واشتعالها على شكل احتراق ناقص تطوّر إلى لهب مفتوح نتيجة توفر الأوكسجين".
وأضاف أن "الدوريات والإطفاء حضرت مباشرة إلى مكان الحريق الذي شمل كل المنزل، وتم انتشال الأطفال السبعة الذين تتراوح أعمارهم من 3 إلى 13 سنة بعد الحادثة، من فوج الدفاع المدني ومحافظة دمشق، مشيراً إلى أن المحافظة تكفلت بمراسيم العزاء والدفن إلى جانب ترميم المنزل خلال فترة لا تتجاوز ثلاثة أيام".
وقال مدير مشفى "المجتهد" هيثم الحسيني، "تبين بعد تشريح أحد جثامين الأطفال أنه توفي نتيجة استنشاق غاز الكربون الناجم عن الحريق، إضافة إلى آثار حروق واضحة على الأطفال".
وتواصلت "العربي الجديد" مع بعض الشهود العيان ممن كانوا في المكان لحظة اندلاع الحريق، وأفاد إحسان غانم، وهو من سكان منطقة المناخلية - سوق الحدادين، أن أحداً لا يعرف سبب الحريق حتى الآن، لكن ربما ساهم "السقف المستعار" للمنزل في سرعة انتشار النيران.
وأوضح أنه في تمام الساعة العاشرة ليلاً، عاد التيار الكهربائي الذي كان مقطوعاً، و"بعد ذلك بقليل سمعنا أصوات صراخ الأطفال، بينما كانت النيران تشتعل بالمنزل. حاولنا الصعود للمنزل لكن كان من المستحيل على أحد الدخول إليه لشدة اشتعال النيران". وأضاف: "بعد ذلك حضر فوج الإطفاء وتمكن من إخماد الحريق، بعد ساعة ونصف الساعة، لكنّ الإخوة السبعة كانوا قد توفوا جميعهم".
وقال شاهد آخر يُدعى محمد دخاخني، إن "سبب الحريق ربما يكون ناتجاً عن السخانة الكهربائية التي وجدت على الكنبة المحترقة، لكن لا أحد يستطيع الجزم بذلك حتى الآن".
وعن احتمال أن يكون السبب خللاً ما في قوة التيار الكهربائي لأن الحريق اندلع فور عودته، قال مدير عام كهرباء دمشق، باسل العمر، لشبكات محلية "إن عناصر شركة الكهرباء فحصوا التمديدات الكهربائية الواصلة إلى المنزل وكانت سليمة". وأرجع سبب الحريق بدوره إلى سخانة الكهرباء.
ولاحظ ناشطون حضوراً كبيراً لمسؤولي النظام إلى مكان الحادث، على غير العادة في مثل هذه الحوادث. وكان على رأس الحضور رئيس الحكومة عماد خميس وبعض الوزراء وقادة الشرطة والدفاع المدني. ووعد خميس بإعادة إصلاح المنزل والعمارة خلال 3 أيام، وتعويض المتضررين.
لكن ما أثار استياءً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي، اللقاء الذي أجراه مراسل تلفزيون "الإخبارية السورية" مع والد الأطفال المتوفين، حين وجه إليه أسئلة اعتبرت غير مناسبة وفي غير محلّها، ما حدا بهذه القناة إلى إصدار أمر بتوقيف المراسل عن العمل، والاعتذار عن هذا "الخطأ".
ومن الأسئلة التي وجّهها المراسل للأب المفجوع ماذا حصل؟ (علماً أن الأب لم يكن في البيت وقت الحادث)، وما هي الخسائر في البيت الناجمة عن الحريق؟ من حضر من المسؤولين؟ وما هي الرسالة التي توجهها.. إلخ.
الجدير بالذكر أن أغلب بيوت حي المناخلية ودمشق القديمة مصنوعة من لبن وقشّ، وهي موادّ قابلة للاشتعال ما يجعلها معرضة لمثل هذه الحرائق، نتيجة تماسّ كهربائي أو أي خطأ. وطالب الأهالي بوضع سيارة إطفاء قريبة من منطقة المناخلية المزدحمة بالسكان، لإخماد أي حريق قد يشبّ.
في أواخر شهر يونيو/ حزيران عام 2018، اندلع حريق كبير في مستودع للأدوات الصحّية بحي العمارة أيضاً، وامتد على مساحة 1500 متر مربع في المنطقة، وتسبّب بحالات اختناق بين المدنيين، وأضرار في المنازل والممتلكات. كما شهد الحيّ نفسه حريقاً مماثلاً طاول خمسة محالّ تجارية متلاصقة.
ويعيد ناشطون التذكير ببعض الحرائق في دمشق القديمة، منها الحريق الضخم في سوق العصرونية في شهر إبريل/ نيسان 2016، الذي أدى إلى احتراق 80 محلّاً تجارياً، وأوقع خسائر قدرت بنحو ملياري ليرة سورية. وثارت الشبهات وقتها بضلوع جهات قريبة من إيران فيه، إذ تعمل إيران على شراء منازل ومحالّ تجارية في تلك المناطق، عبر افتعال حرائق بهدف دفع الأهالي إلى بيع عقاراتهم، في سعيها لتغيير التركيبة السكانية لدمشق.