قطع الثلاثيني الجزائري محمد دربالي 186 كيلومترا خلال رحلة بحثه عن مشفى يستقبل زوجته الحامل سعيدة محمد، إذ توجه نحو مستشفى عين وسارة القريب من بيته، غير أنه فوجئ برفض استقبال زوجته بحجة أن طبيبة التوليد في عطلة مرضية، ليتمّ تحويلها إلى مستشفى حاسي بحبح الذي تبعد 70 كيلومترا عن عين وسارة، وهناك رفضت القابلة استقبال زوجته بذريعة أن موعد الولادة لم يحن بعد، دون أن تعرضها على طبيبة التوليد، ما دفعه للتوجه نحو مستشفى الطفل والأم بمحافظة الجلفة جنوبي الجزائر التي تبعد 50 كيلومترا عن مشفى حاسي بحبح وتقع بين حاسي بحبح والجلفة، غير أنه فوجئ برفض استقبالها، بحجة أنها لا تسكن هناك، "وفي النهاية كانت النتيجة أن وضعت الزوجة مولودتها ميتة في السيارة أثناء عودة الأسرة مرة ثانية إلى مشفى عين وسارة التي تبعد 93 كيلومترا عن الجلفة، ما أدخلها في غيبوبة، استلزمت استئصال الرحم جرّاء النزيف الحاد الذي تسبب في وفاتها هي الأخرى" كما يقول.
يترحم دربالي على زوجته الراحلة وجنينها، بينما يقول محمد إنه أصر على المتابعة القضائية لكل من تسبب في وفاة زوجته وجنينها حتى لا يتكرر مصيرهما مع غيره من الجزائريين.
بالفعل أثمرت مساعيه عن حكم المحكمة الابتدائية في عين وسارة على الطبيبة المختصة في أمراض النساء والتّوليد بالجلفة، بالحبس عاماً منها شهران نافذان وغرامة مالية قدرها 100 ألف دينار جزائري (866 دولارا أميركيا)، كما عوقبت ثلاث قابلات في مستشفيات عين وسارة، حاسي بحبح والجلفة بستة أشهر حبسا، منها شهران نافذان وغرامة مالية لكل منهن قدرها 50 ألف دينار جزائري (433 دولارا)، والحبس ستة أشهر منها شهران نافذان على مدير المناوبة والمراقب الطبي بمستشفى حاسي بحبح وحكم بالبراءة على 4 متهمين، كما روى المحامي صالح بن نعجة الذي كلفه زوج الضحية برفع دعوى قضائية واتهام مسؤولي الولادة في المشافي الثلاثة بالتسبب في وفاة زوجته وجنينها، عقب تقدمه ببلاغ رقم 5880 بتاريخ 3 أغسطس/آب الماضي.
حادثة عين وسارة ليست الوحيدة، إذ سبقتها وتلتها حالات أخرى كما يقول مدير الصحة في محافظة الجلفة عبد الكريم بن دية، "إذ تتكرر حالات رفض استقبال حوامل في بعض المستشفيات بسبب الإهمال والاكتظاظ، الذي يدفع بعض القابلات إلى رفض التكفل بالحالات المستعصية".
ولا يدافع بن دية عما حدث في واقعة عين وسارة، بل يعترف بأن توصيف ما وقع هو الإهمال، قائلا "أنا مسؤول عن قطاع الصحة في الجلفة وتأكدت أن المتوفاة لم تُستقبل من قبل مسؤولي المناوبة والقابلات، وهذا مخالف للقانون، العدالة اتخذت إجراءاتها بسجن كل من تسبب في الواقعة".
اقــرأ أيضاً
تبرير المشافي
يقر المكلف بالإعلام في وزارة الصحة سليم بلقسام بظاهرة وفيات الحوامل في الجزائر، غير أنه أكد انخفاض عدد وفيات النساء الحوامل من 97 وفاة لكل 100 ألف حامل في عام 2009 إلى 65 وفاة لكل 100 ألف حامل في عام 2014، ليستقر الإحصاء عند 60 وفاة لكل 100 ألف امرأة في عامي 2015 و2016، من بينهن مريم منصور الثلاثينية التي توفت وجنينها في مستشفى الطفل والأمومة في محافظة سطيف شرقي الجزائر في 24 يناير/ كانون الثاني 2016، إذ كانت تعاني من ضغط الدم، ورفض الطاقم الطبي إجراء عملية قيصرية لها، وبعد احتجاج العائلة نقلت إلى مستشفى عين ولمان الذي رفض استقبالها لصعوبة الحالة، ثم عادت إلى مستشفى الطفل والأمومة، الذي استقبلها بإلحاح من زوجها، وفق ما قاله لـ"العربي الجديد" زوجها محمد منصوري، والذي أكمل "هناك عانت من صعوبة التنفس وفارقت الحياة، والسبب الطاقم الطبي الذي اتهمه بالإهمال وغياب المناوبة الليلية".
وفي تبريره للحادث يقول مدير المستشفى، نور الدين بلقاضي "أهل الضحيتين (الأم وجنينها) يرون أن المستشفى لم يؤد مهامه، ونحن كإدارة نرى أننا نقوم بدورنا، لكن لا يجب أن نخفي بأن المستشفى يشهد اكتظاظا يوميا، إذ وصلت الولادات إلى 80 مولودا في اليوم بمجموع 13 ألف ولادة سنويا"، وهو ذات التبرير الذي قدمه سليم زوقرار مدير المستشفى الجامعي بمحافظة برج بوعريرج شرقي الجزائر لحالة وفاة حامل وجنينها في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2015 بعد تحويلها إلى عيادة خاصة، بسبب عدم تحكم المشفى في نزيفها الدموي، كما قال زوقرار مضيفا "هناك عدد قليل من مختصي الولادة ونعاني اكتظاظا، لكن الطبيبة التي حولت الحامل خالفت القانون وقمنا بتوقيفها عن العمل".
وتنص المادة 18 من القانون 84- 10 المتعلق بالخدمة المدنية المؤرخ في 11 فبراير/شباط 1984 بأن كل طبيب أخصائي ملزم بالتوجه للخدمة المدنية، بدل الخدمة العسكرية أي العمل في مستشفيات الجنوب لقلة الأطباء هناك وتصل مدة العمل إلى عامين ثم بإمكانه فتح عيادة خاصة، وهو إجراء يجعل المستشفيات العمومية تعاني نقصا في الأطباء الأخصائيين، كما شرح رئيس نقابة الصحة العمومية علي خميس مضيفا أن الراتب في القطاع الخاص يغري بعض الأخصائيين، إذ يصل المقابل الشهري إلى 300 ألف دينار جزائري (2600 دولار) بينما في القطاع العام يتراوح الأجر بين 90 ألف دينار، ويصل حتى 120 ألف دينار جزائري شهريا (780 دولارا إلى 1040 دولارا).
الولادات المستعصية
تتزايد الولادات المستعصية في الجزائر منذ 2009 بحسب إفادة رئيس عمادة الأطباء البروفيسور بركاني بقاط، والذي يعرف الولادات والحمل المستعصي بأنه "حالة تنتج بسبب ترافق الحمل مع مرض السكري أو ضغط الدم أو القلب، وهذه الحالات يكون التعامل معها بحذر تفاديا لنزيف الدم، بالإضافة إلى الولادات غير الطبيعية التي تستدعي جراحة لإخراج الجنين بعملية قيصيرية، في ظل عدم حصول الجنين على ما يكفي من الأوكسجين أو كبر حجمه على سبيل المثال".
وتتعرض الحوامل لمعاملة سيئة في ظل عدم وجود أماكن في المستشفيات بسبب الضغط والاكتظاظ، كما يقول رئيس عمادة الأطباء والذي أوضح أن تلك الظاهرة تتفاقم في الصيف بسبب منح عطل صيفية للأطباء وقلة عدد الأخصائيين الراغبين في العمل في مستشفيات القرى البعيدة عن المدن.
وتتراوح نسبة حالات الولادة المستعصية والتي يخشاها الكادر الطبي بين 20% و30% من بين الحالات التي تشهدها مشافٍ حكومية، من بينها مستشفى بارني في الجزائر العاصمة والذي تؤكد القابلة دليلة زادميري التي تعمل به منذ عام 2010 إن كل 10 ولادات من بينهم حالتان إلى ثلاث حالات مستعصية. وأيضا في مستشفى مصطفى باشا بالعاصمة، قالت القابلة نعيمة ربيعي التي تعمل به منذ عام 2007، إن كل 10 حالات ولادة توجد بينهن 3 حالات مستعصية.
نقص عدد القابلات
تعاني مشافي الجزائر نقصا كبيرا في عدد القابلات بحسب رئيسة اتحاد القابلات، عقيلة قروش والتي كشفت لـ"العربي الجديد" أن عددهن حاليا 7343 قابلة، وتُشرف كل قابلة على 45 ولادة يوميا ما يؤثر على التركيز، ويتسبب أيضا في تعذر استقبال حوامل بسبب الاكتظاظ كما تقول.
بينما تضيف الأمينة العامة لنقابة القابلات رشيدة شطي إلى الأسباب السابقة، تراجع عدد القابلات، بسبب التقاعد وتسريح بعضهن، إضافة إلى مدة التكوين التي تغيرت من 3 إلى 5 سنوات.
ويسير نظام عمل مصالح التوليد في المستشفيات الجزائرية بإشراف طبيبتين مختصتين في التوليد على مصلحة الولادة، علما أن كل مستشفى عمومي يحوي مصلحة للولادة، وكل مصلحة تشرف عليها طبيبتان مهمتهما إجراء فحص صحي للحوامل قبل الولادة وإجراء التوليد القيصري إذا اقتضت الضرورة، في حين تشرف قابلتان على كل امرأة أثناء التوليد الطبيعي، وتضمن المستشفيات العمومية الولادة بشكل مجاني.
اقــرأ أيضاً
لماذا تكتظ المشافي الحكومية؟
اضطرت فاطمة سعيدي لوضع ابنها آدم في عيادة خاصة، بسبب رفض المستشفى الجامعي في محافظة البويرة استقبالها لعدم إمكانية إجراء عملية قيصرية لها فيه، ما كلف زوجها 70 ألف دينار جزائري (606 دولارات)، في حين أن المشافي الحكومية مجانية، الأمر الذي يجعل المشافي الحكومية مكتظة، بينما تتجاهل بعض الحوامل إجراء المتابعة الصحية اللازمة، ما يجعل مشفى الولادة غير مطلع على حالة المرأة الحامل، والتي إن كانت مستعصية فإن الأمر يعد خطرا يهدد حياتها مع الجنين، كما يقول المكلف بالإعلام في وزارة الصحة مستطردا "أحمّل المسؤولية للنساء اللواتي يقبلن على المستشفيات يوم الولادة خصوصا المريضات، الأطباء لا يمكنهم معرفة حالة الحامل ما يصعب التعامل معها" ولم يخف المكلف بالإعلام وجود إهمال في المستشفيات والذي تواجهه الوزارة بعقاب المقصرين في عملهم.
عقوبة الأطباء المهملين
شرع القانون الجزائري عقوبات ومسؤوليات جنائية في حق ممتهني الصحة ممن يرفضون تقديم العلاج لمريض إذ تنص المادة 02/182 من قانون العقوبات الجزائري على أنه "يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات ممتهنو الصحة ممن يمتنعون عمدا عن تقديم مساعدة إلى شخص في حالة خطر كان في إمكانهم تقديمها إليه" وتقول المحامية في مجلس قضاء الجزائر نصيرة واعلي إن كل عائلات الحوامل المتوفيات من حقهم رفع شكاوى لدى العدالة، والتحقيق هو الذي يفصل في القضية، وفي هذا الصدد قال رئيس عمادة الأطباء إن مجلس أخلاقيات المهنة بدوره يعاقب الأطباء المقصرين كاشفا عن تسجيل 200 قضية تتعلق بحالات إهمال حوامل وأخطاء طبية ضد أطباء في الفترة من 2015 وحتى عام 2017 يجري التحقيق فيها.
وتعمل الجزائر على إيجاد حلول لوفيات الحوامل عبر إعداد قانون يتضمن بناء مستشفيات توليد والتكفل بالحالات المستعصية في 48 محافظة، إذ تعمل كل محافظة على بناء مستشفى خاص بها وتسييره محليا. إضافة إلى إلزام كل طبيب يعالج حامل بتسجيلها في مرفق ولادة انطلاقا من شهرها الثالث لتتعرف إلى المكان الذي تلد فيه مسبقا، وتتفادى التنقل بين المستشفيات، بحسب ما قال المكلف بالإعلام في وزارة الصحة سليم بلقسام، كاشفا لـ"العربي الجديد": "إن القانون سيعرضه وزير الصحة على الحكومة لاعتماده في بداية يناير/كانون الثاني 2018، حتى تتخلص الجزائر من حالات الوفاة المزدوجة للأمهات وأجنتهن.
يترحم دربالي على زوجته الراحلة وجنينها، بينما يقول محمد إنه أصر على المتابعة القضائية لكل من تسبب في وفاة زوجته وجنينها حتى لا يتكرر مصيرهما مع غيره من الجزائريين.
بالفعل أثمرت مساعيه عن حكم المحكمة الابتدائية في عين وسارة على الطبيبة المختصة في أمراض النساء والتّوليد بالجلفة، بالحبس عاماً منها شهران نافذان وغرامة مالية قدرها 100 ألف دينار جزائري (866 دولارا أميركيا)، كما عوقبت ثلاث قابلات في مستشفيات عين وسارة، حاسي بحبح والجلفة بستة أشهر حبسا، منها شهران نافذان وغرامة مالية لكل منهن قدرها 50 ألف دينار جزائري (433 دولارا)، والحبس ستة أشهر منها شهران نافذان على مدير المناوبة والمراقب الطبي بمستشفى حاسي بحبح وحكم بالبراءة على 4 متهمين، كما روى المحامي صالح بن نعجة الذي كلفه زوج الضحية برفع دعوى قضائية واتهام مسؤولي الولادة في المشافي الثلاثة بالتسبب في وفاة زوجته وجنينها، عقب تقدمه ببلاغ رقم 5880 بتاريخ 3 أغسطس/آب الماضي.
حادثة عين وسارة ليست الوحيدة، إذ سبقتها وتلتها حالات أخرى كما يقول مدير الصحة في محافظة الجلفة عبد الكريم بن دية، "إذ تتكرر حالات رفض استقبال حوامل في بعض المستشفيات بسبب الإهمال والاكتظاظ، الذي يدفع بعض القابلات إلى رفض التكفل بالحالات المستعصية".
ولا يدافع بن دية عما حدث في واقعة عين وسارة، بل يعترف بأن توصيف ما وقع هو الإهمال، قائلا "أنا مسؤول عن قطاع الصحة في الجلفة وتأكدت أن المتوفاة لم تُستقبل من قبل مسؤولي المناوبة والقابلات، وهذا مخالف للقانون، العدالة اتخذت إجراءاتها بسجن كل من تسبب في الواقعة".
تبرير المشافي
يقر المكلف بالإعلام في وزارة الصحة سليم بلقسام بظاهرة وفيات الحوامل في الجزائر، غير أنه أكد انخفاض عدد وفيات النساء الحوامل من 97 وفاة لكل 100 ألف حامل في عام 2009 إلى 65 وفاة لكل 100 ألف حامل في عام 2014، ليستقر الإحصاء عند 60 وفاة لكل 100 ألف امرأة في عامي 2015 و2016، من بينهن مريم منصور الثلاثينية التي توفت وجنينها في مستشفى الطفل والأمومة في محافظة سطيف شرقي الجزائر في 24 يناير/ كانون الثاني 2016، إذ كانت تعاني من ضغط الدم، ورفض الطاقم الطبي إجراء عملية قيصرية لها، وبعد احتجاج العائلة نقلت إلى مستشفى عين ولمان الذي رفض استقبالها لصعوبة الحالة، ثم عادت إلى مستشفى الطفل والأمومة، الذي استقبلها بإلحاح من زوجها، وفق ما قاله لـ"العربي الجديد" زوجها محمد منصوري، والذي أكمل "هناك عانت من صعوبة التنفس وفارقت الحياة، والسبب الطاقم الطبي الذي اتهمه بالإهمال وغياب المناوبة الليلية".
وفي تبريره للحادث يقول مدير المستشفى، نور الدين بلقاضي "أهل الضحيتين (الأم وجنينها) يرون أن المستشفى لم يؤد مهامه، ونحن كإدارة نرى أننا نقوم بدورنا، لكن لا يجب أن نخفي بأن المستشفى يشهد اكتظاظا يوميا، إذ وصلت الولادات إلى 80 مولودا في اليوم بمجموع 13 ألف ولادة سنويا"، وهو ذات التبرير الذي قدمه سليم زوقرار مدير المستشفى الجامعي بمحافظة برج بوعريرج شرقي الجزائر لحالة وفاة حامل وجنينها في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2015 بعد تحويلها إلى عيادة خاصة، بسبب عدم تحكم المشفى في نزيفها الدموي، كما قال زوقرار مضيفا "هناك عدد قليل من مختصي الولادة ونعاني اكتظاظا، لكن الطبيبة التي حولت الحامل خالفت القانون وقمنا بتوقيفها عن العمل".
وتنص المادة 18 من القانون 84- 10 المتعلق بالخدمة المدنية المؤرخ في 11 فبراير/شباط 1984 بأن كل طبيب أخصائي ملزم بالتوجه للخدمة المدنية، بدل الخدمة العسكرية أي العمل في مستشفيات الجنوب لقلة الأطباء هناك وتصل مدة العمل إلى عامين ثم بإمكانه فتح عيادة خاصة، وهو إجراء يجعل المستشفيات العمومية تعاني نقصا في الأطباء الأخصائيين، كما شرح رئيس نقابة الصحة العمومية علي خميس مضيفا أن الراتب في القطاع الخاص يغري بعض الأخصائيين، إذ يصل المقابل الشهري إلى 300 ألف دينار جزائري (2600 دولار) بينما في القطاع العام يتراوح الأجر بين 90 ألف دينار، ويصل حتى 120 ألف دينار جزائري شهريا (780 دولارا إلى 1040 دولارا).
الولادات المستعصية
تتزايد الولادات المستعصية في الجزائر منذ 2009 بحسب إفادة رئيس عمادة الأطباء البروفيسور بركاني بقاط، والذي يعرف الولادات والحمل المستعصي بأنه "حالة تنتج بسبب ترافق الحمل مع مرض السكري أو ضغط الدم أو القلب، وهذه الحالات يكون التعامل معها بحذر تفاديا لنزيف الدم، بالإضافة إلى الولادات غير الطبيعية التي تستدعي جراحة لإخراج الجنين بعملية قيصيرية، في ظل عدم حصول الجنين على ما يكفي من الأوكسجين أو كبر حجمه على سبيل المثال".
وتتعرض الحوامل لمعاملة سيئة في ظل عدم وجود أماكن في المستشفيات بسبب الضغط والاكتظاظ، كما يقول رئيس عمادة الأطباء والذي أوضح أن تلك الظاهرة تتفاقم في الصيف بسبب منح عطل صيفية للأطباء وقلة عدد الأخصائيين الراغبين في العمل في مستشفيات القرى البعيدة عن المدن.
وتتراوح نسبة حالات الولادة المستعصية والتي يخشاها الكادر الطبي بين 20% و30% من بين الحالات التي تشهدها مشافٍ حكومية، من بينها مستشفى بارني في الجزائر العاصمة والذي تؤكد القابلة دليلة زادميري التي تعمل به منذ عام 2010 إن كل 10 ولادات من بينهم حالتان إلى ثلاث حالات مستعصية. وأيضا في مستشفى مصطفى باشا بالعاصمة، قالت القابلة نعيمة ربيعي التي تعمل به منذ عام 2007، إن كل 10 حالات ولادة توجد بينهن 3 حالات مستعصية.
نقص عدد القابلات
تعاني مشافي الجزائر نقصا كبيرا في عدد القابلات بحسب رئيسة اتحاد القابلات، عقيلة قروش والتي كشفت لـ"العربي الجديد" أن عددهن حاليا 7343 قابلة، وتُشرف كل قابلة على 45 ولادة يوميا ما يؤثر على التركيز، ويتسبب أيضا في تعذر استقبال حوامل بسبب الاكتظاظ كما تقول.
بينما تضيف الأمينة العامة لنقابة القابلات رشيدة شطي إلى الأسباب السابقة، تراجع عدد القابلات، بسبب التقاعد وتسريح بعضهن، إضافة إلى مدة التكوين التي تغيرت من 3 إلى 5 سنوات.
ويسير نظام عمل مصالح التوليد في المستشفيات الجزائرية بإشراف طبيبتين مختصتين في التوليد على مصلحة الولادة، علما أن كل مستشفى عمومي يحوي مصلحة للولادة، وكل مصلحة تشرف عليها طبيبتان مهمتهما إجراء فحص صحي للحوامل قبل الولادة وإجراء التوليد القيصري إذا اقتضت الضرورة، في حين تشرف قابلتان على كل امرأة أثناء التوليد الطبيعي، وتضمن المستشفيات العمومية الولادة بشكل مجاني.
لماذا تكتظ المشافي الحكومية؟
اضطرت فاطمة سعيدي لوضع ابنها آدم في عيادة خاصة، بسبب رفض المستشفى الجامعي في محافظة البويرة استقبالها لعدم إمكانية إجراء عملية قيصرية لها فيه، ما كلف زوجها 70 ألف دينار جزائري (606 دولارات)، في حين أن المشافي الحكومية مجانية، الأمر الذي يجعل المشافي الحكومية مكتظة، بينما تتجاهل بعض الحوامل إجراء المتابعة الصحية اللازمة، ما يجعل مشفى الولادة غير مطلع على حالة المرأة الحامل، والتي إن كانت مستعصية فإن الأمر يعد خطرا يهدد حياتها مع الجنين، كما يقول المكلف بالإعلام في وزارة الصحة مستطردا "أحمّل المسؤولية للنساء اللواتي يقبلن على المستشفيات يوم الولادة خصوصا المريضات، الأطباء لا يمكنهم معرفة حالة الحامل ما يصعب التعامل معها" ولم يخف المكلف بالإعلام وجود إهمال في المستشفيات والذي تواجهه الوزارة بعقاب المقصرين في عملهم.
عقوبة الأطباء المهملين
شرع القانون الجزائري عقوبات ومسؤوليات جنائية في حق ممتهني الصحة ممن يرفضون تقديم العلاج لمريض إذ تنص المادة 02/182 من قانون العقوبات الجزائري على أنه "يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات ممتهنو الصحة ممن يمتنعون عمدا عن تقديم مساعدة إلى شخص في حالة خطر كان في إمكانهم تقديمها إليه" وتقول المحامية في مجلس قضاء الجزائر نصيرة واعلي إن كل عائلات الحوامل المتوفيات من حقهم رفع شكاوى لدى العدالة، والتحقيق هو الذي يفصل في القضية، وفي هذا الصدد قال رئيس عمادة الأطباء إن مجلس أخلاقيات المهنة بدوره يعاقب الأطباء المقصرين كاشفا عن تسجيل 200 قضية تتعلق بحالات إهمال حوامل وأخطاء طبية ضد أطباء في الفترة من 2015 وحتى عام 2017 يجري التحقيق فيها.
وتعمل الجزائر على إيجاد حلول لوفيات الحوامل عبر إعداد قانون يتضمن بناء مستشفيات توليد والتكفل بالحالات المستعصية في 48 محافظة، إذ تعمل كل محافظة على بناء مستشفى خاص بها وتسييره محليا. إضافة إلى إلزام كل طبيب يعالج حامل بتسجيلها في مرفق ولادة انطلاقا من شهرها الثالث لتتعرف إلى المكان الذي تلد فيه مسبقا، وتتفادى التنقل بين المستشفيات، بحسب ما قال المكلف بالإعلام في وزارة الصحة سليم بلقسام، كاشفا لـ"العربي الجديد": "إن القانون سيعرضه وزير الصحة على الحكومة لاعتماده في بداية يناير/كانون الثاني 2018، حتى تتخلص الجزائر من حالات الوفاة المزدوجة للأمهات وأجنتهن.