ويضم الوفد الجزائري وزير الشؤون الخارجية صبري بوقادوم، ووزراء المالية عبد الرحمن راوية، والتجارة كمال زريق، والصحة عبد الرحمن بن بوزيد، والمدير العام للوكالة الجزائرية للتعاون الدولي محمد شفيق مصباح.
وتعد هذه سابقة سياسية تتعلق بزيارة لهذا العدد من الوزراء والمسؤولين الجزائريين إلى دولة في وقت واحد.
والتقى وزير الشؤون الخارجية الجزائري الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، وأعلن استعداد الجزائر للتعاون مع موريتانيا في مختلف المجالات التي تحتاج إليها، وخصوصاً في مواجهة تداعيات وباء فيروس كورونا.
وأضاف أن "الزيارة التي شرع بها إلى موريتانيا رفقة أعضاء في الحكومة، تشكل بادرة لمزيد من التطور والازدهار للعلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين والجارين".
وقال بوقادوم، الذي أجرى لاحقاً مباحثات مع نظيره الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إنّ "هذه أول زيارة لوفد رسمي جزائري خارج البلاد منذ انتشار وباء كورونا في العالم، وذلك يدل على مدى الاهتمام الكبير لروابط الأخوة التي تربط الحكومتين والشعبين، وكيف نعمل سوياً من أجل مكافحة كورونا".
وتؤشر هذه الزيارة الرفيعة والتطورات على صعيد العلاقات بين الجزائر وموريتانيا، على توجه الجزائر نحو رهان جديد على موريتانيا، وإعادة التموقع في غرب أفريقيا، دفاعاً عن مصالحها ومنافسة المغرب في المنطقة.
كما تدل الزيارة على دخول عهد جديد بين البلدين، وعلى تجاوز نهائي لمخلفات وتوترات سابقة لها علاقة بقضية النزاع في الصحراء بين المغرب و"جبهة البوليساريو"، حيث كانت نواكشوط تبدي مواقف مؤيدة للطرح المغربي.
كذلك كان التوتر حاضراً في أزمة إبريل/ نيسان 2015، عندما توترت العلاقات الجزائرية الموريتانية، بعد قرار نواكشوط طرد الدبلوماسي الجزائري بلقاسم شرواطي، الذي كان يشغل منصب المستشار الأول لسفير الجزائر بنواكشوط، بعدما زعمت أنه يقف وراء تسريب معلومات مغلوطة إلى مواقع إخبارية موريتانية تتعلق بالعلاقات الموريتانية المغربية، وردت الجزائر على القرار بقرار مماثل، وقررت طرد السكرتير الأول للسفير الموريتاني في الجزائر آنذاك.
وحتى عام 2018، ظلت موريتانيا هي الدولة الجارة الوحيدة التي لا يربطها بالجزائر مركز حدودي. وفي مايو/ أيار 2017، تم التوقيع في نواكشوط على اتفاق لإنشاء معبر بري في الشريط الحدودي بين البلدين هو الأول من نوعه.
وتم افتتاح المعبر في 16 أغسطس/ آب 2018، على طريق يربط مدينة تندوف الجزائرية بمدينة الزويرات الموريتانية لتسهيل حركة الأشخاص والسلع ومضاعفة التبادل التجاري إلى السوق الموريتانية، ومنها إلى السنغال ودول أفريقيا الغربية، إضافة إلى تسهيل إقامة البلدين لمشروعات في مجالات تكنولوجيا الإعلام والاتصال والتجارة والفلاحة والصيد البحري.
وتبرر السلطات الجزائرية التأخر في فتح معبر حدودي مع موريتانيا بعوامل مرتبطة بالجانب الأمني والهجرة غير الشرعية وتحديات أمنية تعرقل الحركة العادية للأشخاص والبضائع بين الجزائر وموريتانيا في وقت سابق، بسبب نشاط المجموعات الإرهابية.
العودة مغاربياً
وتبدو الأبعاد الاقتصادية للزيارة من خلال تركيبة هذا الوفد الوزاري الأوسع، ثلاثة وزراء من قطاعات اقتصادية وخدمية ووزير الخارجية، واضحة تماماً، وتبرز رغبة الجزائر في التواجد بالسوق الموريتانية.
لكن المحلل السياسي مروان لوناس يعتقد أن هناك دوافع أخرى، حيث يقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك هدفاً سياسياً ودبلوماسياً بالإضافة إلى السعي لإعادة الدفء للعلاقات الثنائية مع موريتانيا التي مرت بنوع من البرودة أو الإهمال في السنوات الأخيرة باستثناء فتح ممر تجاري قبل سنتين في عمق الصحراء".
وأضاف لوناس في هذا السياق، أن "الجزائر تسعى إلى العودة مغاربياً بعد سنوات من الانكفاء، خاصة في ما يتعلق بقضية الصحراء، والمعروف أن موريتانيا طرف ملاحظ في المفاوضات، كما أنّ موقفها مهم وأحيانا تميل إلى الجانب المغربي، والجزائر لا تريد أن تخسر موريتانيا في هذا الموضوع".
ولفت إلى أن "التطورات الأخيرة في المشهد الليبي ورغبة الجزائر في إنجاح مبادرتها، تدفعها إلى حشد تأييد دول المغرب العربي من أجل التقريب بين أطراف الأزمة، وخاصة أن الجزائر تقول إنها تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف".