وقعت المزيد من الوفيات في مخيم الركبان على الحدود السورية-الأردنية نتيجة تدهور الحالة الإنسانية فيه، وسط اتهامات للقيادي السابق في المعارضة السورية، خالد المحاميد، بالوقوف وراء التضييق على المخيم بطلب من روسيا والنظام. في حين أعلن وزير الخارجية الأردنية أن حكومته تتباحث مع كل من روسيا والولايات المتحدة من أجل إيجاد حل نهائي للمخيم.
وذكرت شبكة "فرات بوست" أن طفلاً يبلغ عاماً واحداً تُوفي نتيجة معاناته من مرض الإسهال، منذ أكثر من أسبوع، نتيجة انعدام الرعاية الصحية والطبية في المخيم المحاصر.
وفي منتصف أكتوبر الجاري، توفيت فتاة تبلغ من العمر 20 عاماً نتيجة إصابتها بمرض فقر الدم وسوء التغذية. وسبق لمستوصف "شام" الطبي أن أحصى وقوع 14 وفاة، منذ مطلع الشهر الجاري، في مخيم الركبان، بسبب نقص الرعاية الطبية.
وذكرت إدارة مخيم الركبان أن الأمم المتحدة لم تبلغهم بالأسباب الأمنية التي دعت إلى تأجيل إرسال قافلة المساعدات الإنسانية التي كان مقررا أن تصل إلى المخيم، أمس السبت. ولفت بيان للإدارة إلى أنها كانت تتجهز لاستقبال القافلة عند إبلاغهم بتأجيل موعدها من قبل الأمم المتحدة، ولم تتلق الموعد الجديد لإرسالها.
من جهته، رفض مسؤول من داخل المخيم، في حديث لـ"العربي الجديد"، حجة الأسباب الأمنية "التي يتذرعون بها كل مرة"، معتبرا أن الأمم المتحدة تخضع في كل مرة لضغوط ومماطلات النظام الذي يسعى إلى عرقلة وصول المساعدات بهدف زيادة الضغط على سكان المخيم.
وأوضح أن الأسباب الأمنية المزعومة ربما تتعلق بحادثة وقعت يوم الجمعة الماضي، قتل على إثرها عسكري في قاعدة التنف، تابع للفصيل المعارض "جيش مغاوير الثورة"، أحد الفصيلين المكلفين بحماية المخيم. وأكد أن الحادث وقع بعيدا عن المخيم ولا علاقة لأحد من المخيم به. ولفت إلى حالة التذمر والإحباط اللتين تسودان في المخيم بعد ورود أنباء تأجيل وصول القافلة التي كان سكان المخيم ينتظرونها بفارغ الصبر، خصوصاً بعد الآثار المدمرة للعاصفة الرملية التي ضربت المنطقة خلال اليومين الماضيين.
وقال مضر حماد الأسعد، الصحافي والناشط السياسي، إن من يقف وراء منع وصول المساعدات إلى مخيم الركبان، هو رجل الأعمال السوري خالد محاميد، الذي استقال، منتصف الشهر الجاري، من منصبه كنائب لرئيس الهيئة العليا السورية للمفاوضات المعارضة.
وأضاف حماد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المحاميد بحكم علاقته مع النظام السوري وروسيا من جهة ودولة الإمارات العربية المتحدة من جهة أخرى، وهي من الدول الرئيسة التي تقدم مساعدات للمخيم، فإنه يسعى بطلب من النظام وروسيا إلى التضييق أكثر على المخيم بهدف تفكيكه نهائيا، وعودة قاطنيه إلى حضن النظام، استكمالا لجهود الأخير في فرض سيطرته الكاملة على الجنوب السوري.
وفي السياق نفسه، أعلن وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، وجود محادثات أردنية أميركية روسية لإيجاد حل جذري لمشكلة مخيم الركبان.
وقال الصفدي، خلال كلمته في افتتاح منتدى المنامة حول الاستقرار وإعادة البناء أمس السبت: "هناك محادثات أردنية أميركية روسية لإيجاد حل جذري لمشكلة الركبان، عبر توفير شروط العودة الطوعية لقاطنيه إلى مدنهم وبلداتهم التي تم تحريرها من عصابة داعش الإرهابية".
ويقع مخيم الركبان ضمن منطقة أمنية بقُطر 55 كيلومترًا أقامها التحالف الدولي بقيادة واشنطن في عام 2016 حول قاعدته العسكرية في منطقة التنف شمال شرق المخيم، والقريبة من الحدود العراقية والأردنية، وذلك بهدف حماية القوات الأميركية في القاعدة، والحفاظ على موطئ قدم استراتيجي لواشنطن في منطقة قريبة من طريق إمداد إيراني بالأسلحة التي تدخل من العراق إلى سورية.
ومؤخرا، عمدت قوات النظام السوري إلى محاصرة المخيم الذي يعاني أصلا أوضاعا مزرية، ما فسره مراقبون بأنه يأتي في إطار جهود تقودها روسيا للضغط على واشنطن للخروج من قاعدة التنف.
وخلال اليومين الماضيين، ضربت المنطقة عواصف رملية شديدة تسببت في اقتلاع كثير من الخيام، وإصابة العشرات من سكان المخيم باختناقات بسبب العواصف الغبارية والأجواء الممطرة التي أغرقت ما تبقى من أماكن لجأ إليها النازحون.