وشارك العشرات من أهالي الحي،ّ بالإضافة إلى نشطاء عرب ويهود من البلدة المختلطة، التي ما زالت تعاني من مخطّطات تهويديّة، سواء أكانت علمانيّة أم توراتيّة.
يُذكر أن أهالي الحيّ شكلوا لجنة مؤقّتة لمحاولة صدّ هؤلاء المستوطنين بكل الطرق القانونيّة، سواء في الميدان أم عبر المكاتب الحكوميّة والبلديّة.
وتحدّث كل من يوسف عصفور وإيتان شموئيلي (سكّان الحيّ) أمام الحضور، وأوضحا سياق القضيّة المتعلّقة بدخول ما يقارب مئة شاب من الحركة التوراتيّة التي يرأسها الراباي الياهو مالي، إلى بيت عريق بني قبل النكبة، تصل مساحته إلى ما يقارب الأربعمئة متر مربع، بعد أن تمّت صفقة البيع بين "صاحب" البيت اليهودي والجمعيّة التوراتيّة قبل بضعة أسابيع.
وشدّد المتحدثان على خطورة تواجدهم في حيّ مسالم وساكن وضيق المساحة، إذ نبّها من أن هذا المشروع الذي تنوي تأسيسه قطعان المستوطنين، لا يليق بحيّ صغير وضيّق كحيّ العرقتنجي.
كذلك، تحدّث عضو بلديّة تل أبيب يافا (مندوب قائمة "غير لكولانو" اليهوديّة) المحامي أمير بدران، ووعد الجمهور بمتابعة هذه القضيّة في البلديّة من خلال استجواب رئيس البلديّة رون حولدائي، الذي باستطاعته إبطال الصفقة لأسباب بيروقراطيّة بحتة.
كما تحدّث رئيس الهيئة الإسلاميّة، المحامي محمد دريعي، عن عدم التسامح مع هؤلاء القطعان، وعدم السكوت والوقوف بجانب أهالي الحي، بالإضافة إلى الدعم القضائي.
كما حذرت السيّدة حياة أبو شميس من أن "الوضع مقلق جدًّا لأنّنا نعلم أن هؤلاء القطعان يتنقلون من مكان إلى مكان مع أسلحتهم، وهذا الأمر مرفوض على الجميع وليس فقط على أهالي الحيّ".
وقال أحمد بلحة، أحد سكّان هذا الحيّ، في حديث لـ"العربي الجديد": "بالطبع نحن نتحدّث عن شيء خطير جدًّا، وهو أكبر بكثير من بيت هنا وبيت هناك، فالقضيّة الكبرى هي بيع البيوت وإدخالهم إلى المدن المختلطة والتي تعيش بجو مسالم نسبة لمدن أخرى. أي دخول لهؤلاء القطعان، يهدّد الحياة الاجتماعيّة في يافا وباقي المدن المختلطة، كما ويجب مواجهتهم من أجل منع تغلغلهم في بلداتنا العربية، وإنّ هذا السرطان يجب استئصاله نهائياً".
وأضاف "المؤلم والمقلق، هو الصفقة التي تمّت من خلال تجنيد أموال هائلة من أجل شراء البيت الكبير الذي يقيّم بعشرات ملايين الشواكل!".
بيوت يافا المسلوبة، خلفيّة تاريخيّة
في الخامس عشر من أيّار/ مايو من عام 1948، أعلن اليهود عن إقامة دولة إسرائيل، وذلك بعد تأكّد القيادة الصهيونيّة من سقوط يافا نهائياً، وبعد أن تشرّد تسعين بالمئة من سكّانها الفلسطينيين، وبقي ما يقارب الأربعة آلاف شخص.
وبعد ذلك بعدّة أشهر، تم الاستيلاء على أملاك النازحين واللاجئين من قبل الدولة، بحيث تكّونت شركات حكوميّة لترتيب هذه الأمور السكنيّة، وبذلك أصبحت أملاك اللاجئين أملاكاً تابعة للوصي على أملاك الغائبين (حسب القانون الإسرائيليّ "الغائبون الحاضرون" من عام 1949).
وعليه، أصبحت جميع بيوت يافا (باستثناء بيوت من بقوا في البلد) إن كانوا في البلدة القديمة أو خارجها، تابعة لمديريّة أراضي إسرائيل والتي تستطيع بكل سهولة بيع تلك البيوت في مناقصات علنيّة وشفّافة، الأمر الذي يُقلق الفلسطينيين، خاصة بسبب الأسعار الباهظة التي تُطلب من قبل المديريّة.
لا شك أن يافا ما زالت كإخوتها عكّا وحيفا والرملة واللد، تعيش النكبة حتى يومنا هذا، وخاصةً على الصعيد السكني، والذي ما زال يعتبر أهم وأخطر قضيّة يعيشها الفلسطينيّون في البلاد.