تقف هذه الزاوية، مع مبدع عربي في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع قرّائه
ما الذي يشغلك هذه الأيام؟
- يشغلني التأمل في حقيقة عجزنا عن امتلاك القدرة على تقرير مصيرنا. يشغلني مقدار التمزق والتنابذ الذي يعتمل النسيج السوري. وعلى خلفية هذا السواد، أتساءل: ما قيمة الثقافة؟ لماذا يكون مثقف المعارضة شبيهاً بمثقف النظام؟ يكذب ويحتقر البسطاء ويهلل للقتل الفظيع ويرى الشر في غيره ولا يرى الشر الذي في نفسه؟ لماذا نحمل مسدسات سياسية نزقة وجاهزة لقتل الفكر والفن والأدب وكل شيء لا يروق لها.
ما هو آخر عمل صدر لك وما هو عملك القادم؟
- كتأليف صدر لي كتاب صغير في 2013 يتناول سيرة الرسول محمد من وجهة نظر سياسية بعنوان "دنيا الدين الإسلامي الأول". وكتابي عن السجن الذي صدر في خريف 2014 بعنوان "ماذا وراء هذه الجدران". حالياً أعمل على كتاب يتناول تجربة "حزب العمل الشيوعي" في سورية، ويحاول أن يفهم معنى هذه الظاهرة وأن يفسر مآلاتها.
هل أنت راض عن إنتاجك ولماذا؟
- قبل أن أخرج من سورية مكرهاً في صيف 2014، لم أكن متفرغاً للكتابة. كنت أعمل في مهنتي طبيباً وأستثمر ما يتاح لي من وقت في الاطلاع والكتابة. في مستقري الجديد أملك من الوقت ما يكفي لتنفيذ ما يجول في الرأس من أفكار. لست راضياً عن إنتاجي، دائما يبدو لي أنه أقل مما أريد نوعاً وكماً.
لو قيض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟
- كنت سأختار الكتابة بدون تردد، على أن أكون متحرراً من رهن عيشي بكتابتي، تلك هي البداية التي أختارها لو قيض لي الاختيار.
ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟
- أريد أن يضمحل دور الدولة إلى حد كبير، وأن يكون الناس في مستوى من الوعي والغنى الأخلاقي بما يتيح لهم أن يديروا شؤونهم ويتقاسموا خير العالم الوفير دون صراعات وحروب. هكذا كنت أتخيل الشيوعية ولهذا اتجهت إليها. أعرف أن هذا غير واقعي، ولذلك لا أنتظر اليوم من العالم أن يكون عادلاً، بل فقط أن يكون أكثر عدلاً وأقل وحشية.
شخصية من الماضي تود لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
- الشاعر أمية بن أبي الصلت. لأني أقدر له موقفه، فقد عاش لحظة صراع رهيبة تغلب عليها بسعة صدر وكبرياء. فقد كان يطمح إلى النبوة، وحين تفوق عليه محمد، قبل بـ"الهزيمة" وأراد أن يُسلم، لكنه تراجع عن ذلك حين رأى المسلمين يقتلون أهلهم في بدر. موقفان كبيران.
صديق يخطر على بالك أو كتاب تعود إليه دائماً؟
- في بالي دائماً الصديق علي سعيد الشهابي، المعتقل منذ ما يقارب خمس سنوات لدى النظام السوري. كتابان كنت أستعين بهما على وهني النفسي، هما ديوان المتنبي وأعمال زكريا تامر القصصية، وغالباً ما كانت هذه الاستعانة تقيلني، بسحر، من عثرتي النفسية.
ماذا تقرأ الآن؟
- مذكرات أكرم الحوراني.
ماذا تسمع الآن وهل تقترح علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
- سابقاً، وبسبب فيض الوقت في السجن، طورت ذائقة لا بأس بها في الموسيقى الكلاسيكية. اليوم أنا قليل الاستماع إلى الموسيقى. ولكني اكتشفت مؤخراً ومتأخراً جمالاً خاصاً في صوت وديع الصافي، وهذا ما كنت محروماً منه من قبل. ويمكن أن أقترح بشكل خاص أغنية "يا عيني ع الصبر" التي تبدو لي جوهرة مكتملة.
----
بطاقة: طبيب وكاتب ومترجم من مواليد سورية، اللاذقية، 1963. صدر له: "دنيا الدين الإسلامي الأول" 2013، و"ماذا وراء هذه الجدران" 2014. وفي الترجمة عن اللغة الإنكليزية: "قطار إلى باكستان" (رواية، خوشوانت سينج، 1997)، "الإسلام والعدالة" (دراسة، مجموعة من الباحثين، 2000)، "مات الرجل" (رواية، وولي سوينكا،2001)، "أمي / مرآتي" (دراسة اجتماعية، نانسي فرايدي، بالاشتراك مع تيسير حسون، 2002)، "اكتشاف الإسلام" (دراسة، دو باسكييه، 2004)
اقــرأ أيضاً
- يشغلني التأمل في حقيقة عجزنا عن امتلاك القدرة على تقرير مصيرنا. يشغلني مقدار التمزق والتنابذ الذي يعتمل النسيج السوري. وعلى خلفية هذا السواد، أتساءل: ما قيمة الثقافة؟ لماذا يكون مثقف المعارضة شبيهاً بمثقف النظام؟ يكذب ويحتقر البسطاء ويهلل للقتل الفظيع ويرى الشر في غيره ولا يرى الشر الذي في نفسه؟ لماذا نحمل مسدسات سياسية نزقة وجاهزة لقتل الفكر والفن والأدب وكل شيء لا يروق لها.
ما هو آخر عمل صدر لك وما هو عملك القادم؟
- كتأليف صدر لي كتاب صغير في 2013 يتناول سيرة الرسول محمد من وجهة نظر سياسية بعنوان "دنيا الدين الإسلامي الأول". وكتابي عن السجن الذي صدر في خريف 2014 بعنوان "ماذا وراء هذه الجدران". حالياً أعمل على كتاب يتناول تجربة "حزب العمل الشيوعي" في سورية، ويحاول أن يفهم معنى هذه الظاهرة وأن يفسر مآلاتها.
هل أنت راض عن إنتاجك ولماذا؟
- قبل أن أخرج من سورية مكرهاً في صيف 2014، لم أكن متفرغاً للكتابة. كنت أعمل في مهنتي طبيباً وأستثمر ما يتاح لي من وقت في الاطلاع والكتابة. في مستقري الجديد أملك من الوقت ما يكفي لتنفيذ ما يجول في الرأس من أفكار. لست راضياً عن إنتاجي، دائما يبدو لي أنه أقل مما أريد نوعاً وكماً.
لو قيض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟
- كنت سأختار الكتابة بدون تردد، على أن أكون متحرراً من رهن عيشي بكتابتي، تلك هي البداية التي أختارها لو قيض لي الاختيار.
ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟
- أريد أن يضمحل دور الدولة إلى حد كبير، وأن يكون الناس في مستوى من الوعي والغنى الأخلاقي بما يتيح لهم أن يديروا شؤونهم ويتقاسموا خير العالم الوفير دون صراعات وحروب. هكذا كنت أتخيل الشيوعية ولهذا اتجهت إليها. أعرف أن هذا غير واقعي، ولذلك لا أنتظر اليوم من العالم أن يكون عادلاً، بل فقط أن يكون أكثر عدلاً وأقل وحشية.
شخصية من الماضي تود لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
- الشاعر أمية بن أبي الصلت. لأني أقدر له موقفه، فقد عاش لحظة صراع رهيبة تغلب عليها بسعة صدر وكبرياء. فقد كان يطمح إلى النبوة، وحين تفوق عليه محمد، قبل بـ"الهزيمة" وأراد أن يُسلم، لكنه تراجع عن ذلك حين رأى المسلمين يقتلون أهلهم في بدر. موقفان كبيران.
صديق يخطر على بالك أو كتاب تعود إليه دائماً؟
- في بالي دائماً الصديق علي سعيد الشهابي، المعتقل منذ ما يقارب خمس سنوات لدى النظام السوري. كتابان كنت أستعين بهما على وهني النفسي، هما ديوان المتنبي وأعمال زكريا تامر القصصية، وغالباً ما كانت هذه الاستعانة تقيلني، بسحر، من عثرتي النفسية.
ماذا تقرأ الآن؟
- مذكرات أكرم الحوراني.
ماذا تسمع الآن وهل تقترح علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
- سابقاً، وبسبب فيض الوقت في السجن، طورت ذائقة لا بأس بها في الموسيقى الكلاسيكية. اليوم أنا قليل الاستماع إلى الموسيقى. ولكني اكتشفت مؤخراً ومتأخراً جمالاً خاصاً في صوت وديع الصافي، وهذا ما كنت محروماً منه من قبل. ويمكن أن أقترح بشكل خاص أغنية "يا عيني ع الصبر" التي تبدو لي جوهرة مكتملة.
----
بطاقة: طبيب وكاتب ومترجم من مواليد سورية، اللاذقية، 1963. صدر له: "دنيا الدين الإسلامي الأول" 2013، و"ماذا وراء هذه الجدران" 2014. وفي الترجمة عن اللغة الإنكليزية: "قطار إلى باكستان" (رواية، خوشوانت سينج، 1997)، "الإسلام والعدالة" (دراسة، مجموعة من الباحثين، 2000)، "مات الرجل" (رواية، وولي سوينكا،2001)، "أمي / مرآتي" (دراسة اجتماعية، نانسي فرايدي، بالاشتراك مع تيسير حسون، 2002)، "اكتشاف الإسلام" (دراسة، دو باسكييه، 2004)