تقف هذه الزاوية، مع مبدع عربي في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع قرّائه.
■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟
أعمل صحافياً في إيطاليا، وأركّز في كتاباتي على شؤون "الشرق الأوسط" والدين والهجرة. أعتقد أن هذه المواضيع الثلاثة مهمّة للغاية الآن بسبب زيادة الحركات الشعبوية في أوروبا. نحن نعيش في وقت نحتاج فيه إلى توضيح أنفسنا على نحو أفضل لبعضنا البعض، إذ أننا بحاجة إلى العيش معاً لأن هذا هو الخيار الوحيد.
■ ما هو آخر عمل صدر لك وما هو عملك القادم؟
حالياً أكتب رواية عن المنفى. المنفى هو الموضوع الرئيسي في كلّ أعمالي لأنه أمر قريب منّي ومن حياتي. حتى وإن وُلدت وكبرت في إيطاليا، أشعر بأنني منفي من مكان ما، من سورية؛ لأنني لا أستطيع العودة إلى ذلك المكان الذي يخصّني. كانت آخر أعمالي عبارة عن دراسة تتلمّس كيف هو شعور المنفي من سورية، عنوان الكتاب هو "النفي من سورية. صراع ضد اللامبالاة".
■ هل أنت راض عن إنتاجك ولماذا؟
أنا لا أشعر بالرضا أبداً لأنني أنظر إلى الأدب كسلاح ثقافي ضد الظلم. قرّرتُ أن أبدأ الكتابة عندما سألتُ نفسي "ما الذي يمكنك فعله لتحقيق العدالة؟" وكان لدي خياران: مسدّس أو كتاب، وقد اخترت الثاني.
■ لو قُيّض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟
أعتقد أنني سأختار أن أكون كاتباً، على الرغم من كل شيء. منذ أن بدأت الكتابة، فقدتُ فرصة الذهاب إلى سورية بسبب عملي. لقد فقدت الأصدقاء والأقارب، وأحياناً أسأل نفسي إن كانوا قد ماتوا بسببي. كل يوم أستيقظ مع نفس السؤال "ماذا تفعل؟ ألا يكفي؟". لكن في النهاية أُغمض عينيّ وأدرك أنه، وبالأدب، يمكنك أن تبني العالم الذي تحبّه.
■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟
أنا في انتظار اليوم الذي سنتوقّف فيه عن تصنيف بعضنا حسب الدين أو العرق. وُلدت في عائلة أمّي فيها مسيحية ووالدي مسلم. لم يكن لدينا أي نوع من المشاكل. كنا نحتفل معاً برمضان وعيد الميلاد، هل هذا صعب جداً؟ يبدو الآن أنه كذلك. لذا، أنا في انتظار ذلك اليوم الذي سوف نكتشف فيه مرة أخرى أننا كلنا ننتمي إلى عرق واحد.
■ شخصية من الماضي تود لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
نزار قبانى. أود أن أسأله عمّا يشعر به الآن عند النظر إلى بلده، وما هو مكان ودور الشعر أمام هذه الكارثة والإذلال. أعتقد أن جزءاً من فهم الكارثة السورية يأتي من مساءلة النخبة السورية السابقة التي لم تعمل على منع حزب البعث من الاستيلاء على السلطة.
■ صديق يخطر على بالك أو كتاب تعود إليه دائماً؟
أفكّر دائماً في بادري باولو دالوليو. كان صديقاً قريباً جداً مني، اختُطف في سورية عام 2013، وكان قد أمضى ثلاثين عاماً من حياته يعمل في مجال الحوار الديني بين المسلمين والمسيحيين. لا أعرف إن كان لا يزال حياً في مكان ما، ولكني أتفاءل دائماً عند قراءة أحد كتبه في غيابه، هكذا أُبقيه على قيد الحياة.
■ ماذا تقرأ الآن؟
أقرأ كتاباً عن العرب لألبرت حوراني، المؤرّخ اللبناني البريطاني.
■ ماذا تسمع الآن وهل تقترح علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
أستمع لفيروز كل صباح وأنا أشرب قهوتي. ما أودّ مشاركته إياكم هو الاستماع إلى فرقة "جيبسي كينغ". يعزفون موسيقى فلامنكو رائعة، الموسيقى الإسبانية التقليدية. كلّما سمعتهم أفكّر "كم أن العرب والأوروبيّين قريبون من بعضهم، حتى في الموسيقى!".
بطاقة
وُلد شادي حمادي في مدينة ميلانو الإيطالية عام 1988 لأب سوري وأم إيطالية. إلى جانب الكتابة الإبداعية، يعمل صحافياً، وقد نشر إلى اليوم كتابين، كلاهما اتّخذ من سورية موضوعاً له؛ "السعادة العربية: تاريخ عائلتي والثورة السورية" (2013)، وكتب مقدّمة هذا العمل الكاتب المسرحي الإيطالي داريو فو، الحائز على نوبل للآداب، إلى جانب كتاب "النفي من سورية: صراع ضد اللامبالاة" (2016).