تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع قرّائه. "العيش بين عالمَين ولغتَين مقلق ومجهد، وأشعر مع مرور الأيام أنَّ عليَّ اختيار أحدهما حصرياً على الآخر"، يقول الكاتب والأكاديمي عمر خليفة لـ"العربي الجديد".
■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟
- على المستوى الشخصي، أُفكّر كثيراً في طريقة ما للجمع بين الكتابة الأكاديمية والإبداعية. عملي كأستاذ جامعي يتطلّب منّي انشغالاً دائماً بالبحث والدراسة، ما يعني أنّني لن أجد وقتاً كافياً للمشاريع الإبداعية. في حالتي تحديداً، ثمّةَ صعوبة زائدة تتمثّل في أنني أكتب أبحاثي الأكاديمية بالإنكليزية وأعمالي الأدبية باللغة العربية. هذا العيش بين عالمَين ولغتَين مقلق ومجهد، وأشعر مع مرور الأيام أنَّ عليَّ اختيار أحدهما حصرياً على الآخر.
■ ما هو آخر عمل صدر لك وما هو عملك القادم؟
- صدرت روايتي "قابض الرمل" قبل شهرين، عن "الأهلية" في الأردن. لم أبدأ عملاً جديداً بعد، لأنني ما زلتُ أعيش هاجس هذه الرواية والقلق الناتج من انتظار ما قد يقوله بعض القرّاء عنها.
ما زلنا ننتظر التغيير الذي انتظرته الأجيال التي قبلنا
■ هل أنت راض عن إنتاجك ولماذا؟
- لست راضياً إطلاقاً، وجزء من المشكلة يعود إلى الثنائية التي تحدّثتُ عنها في السؤال الأول. عملي الإبداعي الأوّل كان مجموعة قصصية نشرتها عام 2010، انتظرتُ بعدها عشر سنين كاملة لنشر العمل الثاني. ما بين العملين أنهيتُ رسالة الدكتوراه وتخرّجت وحصلت على عمل ونشرت كتاباً وأبحاثاً أكاديمية بالإنكليزية. لن أقبل الانتظار عشر سنين إضافية لعملي الثالث. هذا هو الوعد الذي قطعته على نفسي!
■ لو قُيّض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟
- المسار ذاته حتماً، وهو الأدب العربي. كنت ربما سأتخفّف من المسيرة الأكاديمية الطويلة وسأُخصّص مزيداً من الوقت للكتابة الإبداعية. لم أشعر يوماً بالندم على عشق الأدب والتفرُّغ التام له، دراسةً وكتابة.
■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟
- الأحداث الأخيرة منذ عام 2011 علّمتنا درساً قاسياً، وهو ألّا ننتظر كثيراً. بإمكاني أن أتحدّث عن آمال كثيرة على المستوى الجمعي، لكنّي أعلم في داخلي أنّها لن تتحقّق. ظلّ المثقّفون والباحثون يلقون باللوم على الشعوب العربية لأنها لا تتحرّك نحو التغيير ويعدّونها مسؤولة عن أوضاعها. تحرّكت الشعوب أخيراً، فماذا جرى؟ اكتشفنا أنّنا تأخّرنا كثيراً، أو أنّنا لا نملك تأثيراً حقيقياً على الأوضاع حولنا. المسألة الفلسطينية. العدالة الاجتماعية. الديمقراطية. الحريات. الإسلام والعلمانية. ما زلنا ننتظر التغيير الذي انتظرته الأجيال التي قبلنا، بلا فائدة.
■ شخصية من الماضي تودّ لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
- المتنبّي طبعاً، رغم أنها إجابة مملّة ومتوقّعة؛ لأن الافتتان بالمتنبّي حالة منتشرة في الأدب العربي الحديث. عشقي للمتنبّي ينبع من كونه الشاعر الكلاسيكي الوحيد الذي قرأتُ ديوانه كاملاً من ألِفه إلى يائه، وعبقريتُه بالنسبة إليّ هي أنه جسّد الألم والانكسار رغم غياب أسباب حقيقية تدفعه لذلك. منذ بداية كورونا وقصيدة الحمّى للمتنبّي تخطر على بالي. ارتفعت درجة حرارة المتنبّي قليلاً فأقام الدنيا ولم يقعدها في نص هائل. ماذا لو شاهد كورونا إذن؟
■ صديق يخطر على بالك أو كتاب تعود إليه دائماً؟
- "موسم الهجرة إلى الشمال" للطيّب صالح. ربما بحكم تدريسي لهذه الرواية في الجامعة وكتابتي عنها، لكنها في نظري شبه معجزة، ولذلك قتلَت صالح إبداعياً ولم تسمح له بتجاوزها.
■ ماذا تقرأ الآن؟
- بدأت منذ فترة بقراءة مذكّرات بعض القادة والمثقّفين الفلسطينيّين، مثل صلاح خلف في "فلسطيني بلا هوية"، وجورج حبش في "صفحات من مسيرتي النضالية"، وأبو داود في "فلسطين: من القدس إلى ميونخ". هناك تزايد كبير في نشر المذكّرات الفلسطينية في الأعوام الأخيرة، والموضوع بحاجة إلى دراسة.
■ ماذا تسمع الآن وهل تقترح علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
- المغنّي والموسيقار السوري عابد عازرية. حالة خاصة ومختلفة في المشهد الغنائي العربي.
بطاقة
كاتب وباحث أكاديمي فلسطيني أردني، يعمل أستاذاً للأدب العربي في "جامعة جورج تاون" بقطر. وُلد في الكويت عام 1980، ونشأ ودرس في الأردن، حيث حصل على شهادتي البكالوريوس والماجستير في اللغة العربية وآدابها من الجامعة الأردنية، ثم نال شهادة الدكتوراه في دراسات الشرق الأوسط من "جامعة كولومبيا بنيويورك". نشر مجموعة قصصية بعنوان "كأنني أنا" عام 2010، وكتاباً أكاديمياً باللغة الإنكليزية بعنوان "Nasser in the Egyptian Imaginary" عام 2017. صدرت روايته الأولى "قابض الرمل" هذا العام.