تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع قرّائه.
■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟
أكتفي بمتابعة البشاعة التّي تزحف على كلّ شيء: على وطني، وعلى ثقافتي، وعلى الأيام السوداء التي تمضي كل يوم إلى الأسوأ. أوهم نفسي بأنني منشغل بأمور، لكنني مثل ذلك العصفور الذي يرفع ساقيه طول النهار لاعتقاده بأنه يشدّ سقف السماء بساقيه.
■ ما هو آخر عمل صدر لك وما هو عملك القادم؟
آخر إصداراتي رواية بعنوان "الطائر البشري" كانت قد فازت بجائزة كتارا في دورة 2017. كما صدرت الطبعة الثانية من ديواني "سفر البوعزيزي" في تونس بعد صدورها السنة الماضية في مصر. من جانب آخر، صدر عني كتاب نقدي ساهم فيه 14 ناقداً من تونس والعالم العربي حول نصوصي الشعرية. أما عملي القادم، فهو ليس كتاباً، وإنما معرض تشكيلي.
■ هل أنت راض عن إنتاجك ولماذا؟
ذلك الطائر الذي يرفع ساقيه لو سئل هذا السؤال فسوف يجيب نعم أنا راض، ثم سيسخر من نفسه. أيّ رضى؟ وعن أيّ شيء تحديداً؟ أنا أكتب فقط، الرضى من عدمه لا يشغلني أبداً.
■ لو قيّض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟
نفس المسار، نفس الكتب، نفس الحياة، نفس الساقين الصغيرتين المرفوعتين لإسناد السماء.
■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟
أتمنى أن أتمكن من الطيران كطير حقيقي، وليس بالطائرة! أنا متشائم، ينمو في داخلي شجر سواد حقيقي وليس في شكل استعارة. ما يطرحه شجر السواد يشبه رصاصات، ربما أنتظر بعد أن أصير طائراً، أن أتحول إلى بندقية، عيب أن تضيع تلك الرصاصات القليلة التي أثمرتها شجراتي القليلة.
■ شخصية من الماضي تودّ لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
أود لقاء بدر بن حميدة، وفاروق جويدة، صديقيّ في كلية الآداب منوبة في الجزء الأول من تسعينيات القرن الماضي. أريد أن أرى تلك الطاقة التي أوجدتنا، وذلك الهوس، وذلك الحلم. صوتهم يأتيني الآن من ليبيا ومن ألمانيا، يشبه تماماً صوتهم القديم. تحدّثنا بعد خمسة وعشرين عاماً. ضحكنا بعمق، ولم نشعر بظل السنوات البغيض.
■ صديق/ة يخطر على بالك أو كتاب تعود إليه دائماً؟
حين تسافر تقل ارتباطاتك بالأشخاص، وبالكتب. تنشأ علاقات أخرى رخوة لا تستحق إلا نسياناً لائقاً بها. الآن أحمل مثل كارلوس زافون كتاباً واحداً متخيلاً من مقبرة الكتب، أما أنا فلا أحمل كتاباً ولا صديقاً، بل أكتفي بالمراقبة والمعاقبة. مراقبة الليل الذي لا ينتهي، ومعاقبة الذات على تفاهتها وتصديقها لكذبة الوجود.
■ ماذا تقرأ الآن؟
لا أشعر بأيّ رغبة في القراءة. أكتفي بالعيش. ماذا فعلت بكل ما قرأته في حياتي. أريد أن أرتاح!
■ ماذا تسمع الآن وهل تقترح علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
أسمع الأغاني التقليدية التونسية التي تقدم في الأعراس و الحفلات العائلية.
بطاقة
كاتب وشاعر تونسي من مواليد عام 1972. صدرت له تسع مجموعات شعرية منها: "ذاكرة لاتّساع اللغات" (1996)، و"عربة لخيل الأساطير المعروف بكتاب السيرة" (2001)، و"الأمطار" (2006)، و"عودة أورفي" (2008). من أعماله السردية: "هبوط إيكاروس" (2008)، و"حكايات جابر الراعي" (2014)، و"الطائر البشري" (2017).