وأوضح ولد الشيخ أحمد أنه "من الضروري التحقيق في الحادث الخطير لتحديد المسؤوليات وتجنب تكراره. إلا أن ما حصل، وبالرغم من خطورته، يزيدني إصرارا وعزما على المضي قدما وتكثيف الجهود للتوصل إلى حل سلمي شامل يضمن الأمن والاستقرار للشعب اليمني".
وأعلن المبعوث الأممي أن الأمم المتحدة منعت عملية عسكرية كان من المقرر أن تقوم بها الحكومة الشرعية وقوات التحالف العربي في محافظة الحديدة، غربي اليمن، وكشف عن مسودة اتفاق تقدم بها لتسوية الوضع في محافظة الحديدة، بالإضافة إلى تسوية أزمة مرتبات الموظفين الحكوميين في البلاد.
وقال، في الإحاطة التي حصل "العربي الجديد" على نسخة منها: "لقد تمكنا حتى الآن من منع عملية عسكرية على الحديدة"، مضيفاً أن "امتداد القتال إلى المدينة (الحديدة)، لو حصل، لأدى إلى خسائر لا تحصى في الأرواح والبنى التحتية، وإلى منع دخول الأدوية والمواد الأساسية عبر ميناء المدينة، ولا شك في أن لذلك وحده نتائج وخيمة تزيد من معاناة اليمنيين".
وأفاد بأنه كان "بغاية الوضوح" خلال لقاءاته "مع الحكومة اليمنية والقيادات السياسية في صنعاء، إذ دعوت الجميع إلى التوصل إلى تسوية للوضع في الحديدة"، معرباً عن أسفه لرفض الوفد المفاوض لجماعة "أنصار الله" (الحوثيين) وحزب علي عبد الله صالح الحضور للتباحث بتفاصيل مقترح الحل التفاوضي الذي قدمه، وقال إنه "يشتمل على ركائز أمنية واقتصادية وإنسانية تسمح باستغلال المرفأ (الحديدة) لإدخال المواد الإنسانية والمنتجات التجارية، على أن تستعمل الإيرادات الجمركية والضريبية لتمويل الرواتب والخدمات الأساسية، بدل استغلالها للحرب أو للمنافع الشخصية".
وفي السياق، جدد المبعوث الأممي "الدعوة مرة أخرى لجميع الأطراف للتباحث في هذا الاقتراح وبدون أي تأخير"، معتبرا أن "اتفاق الحديدة والرواتب كان من المفترض أن يكون الخطوة الأولى باتجاه وقف شامل للأعمال القتالية ومباشرة محادثات السلام، إلا أن حتى هذه المحادثات الأولية فرض عليها التعثر، وكأن هناك من لا يريد لها أن تجري أصلا".
وذكر ولد الشيخ أن "العنف مستمر على عدة أصعدة، وأن الأعمال القتالية تتركز في تعز، التي تعرضت إلى قصف من (أنصار الله) وقوات علي عبد الله صالح"، مشدداً: "نعيد ونكرر أن قصف المناطق المدنية والبنى التحتية خرق واضح لكل الأعراف".
وحذر من أن "ازدياد التسليح وانتشار الألغام يفاقم الوضع"، مشيراً إلى حجم الخسائر وآثار الحرب: "ما رأيناه من صور دليل على استنزاف الحرب للعباد والبلاد، إذ تقضي على أرزاقهم"، مشدداً على ضرورة "تنبيه الأطراف إلى خطورة الوضع وضرورة الوصول إلى حل سلمي.. ولن أخفي عنكم أن رفض كل طرف القبول والتباحث أو تقديم التنازلات يبعدنا عن الحل الشامل.. فيما يبقى المواطن المدني ضحية نزاع لا حول له ولا قوة فيه".
وأشار المبعوث الأممي إلى أن مطالبات المحافظات الجنوبية بالحكم الذاتي صارت أكثر إلحاحاً في الشهرين الأخيرين، مؤكداً "ضرورة إيجاد آليات تتطرق إلى الشرخ الداخلي، وتضع أسساً بناءة للتعامل مع مخاوف الجميع.. مطالبات المحافظات الجنوبية بالاستقلال تزيدنا إلحاحاً للوصول إلى حل في اليمن"، مضيفاً أن "الحرب أرهقت كل اليمنيين، وأثقلت كاهلهم".
اقــرأ أيضاً
وقال إن "اتفاق الحديدة كان يفترض أن يكون خطوة أولى لوقف الأعمال ومباشرة محادثات السلام. ولكن هناك من لا يريد لها أن تجري أصلاً".
وأبرز ولد الشيخ أحمد أن "اليمن لا يزال أرضاً خصبة للجماعات المتطرفة، وعمليات القاعدة مستمرة في عدة محافظات"، مبرزاً أن "غياب الأمن والاستقرار يجعل اليمن ملاذاً آمنا لهذه المجموعات"، معرباً عن قلقه الشديد عن تقارير عن قمع الصحافيين والناشطين، واعتداءات تصل إلى الضرب، وعن حكم إعدام بحق أحد الصحافيين، كما أعرب عن قلقه بخصوص تعرض جماعة البهائيين لتهديدات متزايدة ومضايقات، وطالب بالسماح لهم بممارسة حياتهم بدون أي ضغط.
وتحدث المبعوث الأممي عن لقائه بالشباب اليمني، الذي أكد له "قوة وصلابة هذا الشعب العريق"، مثنياً على "الاقتراحات العمليّة والملهمة التي قدّموها له"، كما حيا "الجهد الجبّار للسيدات اليمنيّات، وما يقمن به من أجل إحلال السلام".
وقال: "هناك سبعة ملايين مهددون بالمجاعة إن لم تتوقف الحرب، ونصف المجتمع اليمني لا يصل إلى مياه صالحة للشرب، أو أبسط المواد اللازمة. كما يعاني أكثر من 17 مليون يمني من نقص في الأمن الغذائي".
وحذّر ولد الشيخ من "تفاقم الوضع بسبب انتشار الكوليرا، التي سجّلت خمسة آلاف حالة، وهناك آلاف غيرهم يشتبه في إصابتهم". وفي حديثه عن وضع المؤسسات الصحية، قال إن أقل من نصف المراكز الاستشفائية قادرة على العمل، مشيراً إلى "قلة الأدوية للأمراض المستعصية وأمراض الضغط والسكري"، مضيفاً أن اليمنيين "يموتون بسبب انتكاسات الحرب: نقص السيولة النقدية وانقطاع رزقهم".
ومن جهته، أكد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ستيفن أوبراين، أن "لا حل عسكرياً للنزاع في اليمن"، مبرزاً أن "اليمن الآن بلد يعاني أزمة الأمن الغذائي الأسوأ في العالم"، حيث أن "أكثر من 17 مليون يمني يعانون نقصاً في الأمن الغذائي، وتهديد المجاعة يتفاقم بفعل النزاع. المجاعة التي تهدد اليمن يمكن تفاديها".
وعن النظام الصحي، أكد أنه تدهوَر بالكامل، مشيراً إلى أن "نصف المشافي والمراكز الصحية أغلقت"، مضيفاً أنه "عندما أنهي إحاطتي في المجلس، أعرف أن طفلاً آخر في اليمن سيموت بسبب مرض ما كان يمكن تفاديه. العائلات تقوم بتزويج بناتها الصغيرات لكي يهتم آخرون بهن".
وتعقد جلسة مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، عقب الجولة الأخيرة التي قام بها المبعوث الأممي إلى اليمن في دول عدة في المنطقة، وفي ظل جمود يرافق الجهود الأممية لاستئناف مشاورات السلام منذ أشهر، وبعد تطورات محورية شهدتها البلاد حديثاً، وتحديداً في المحافظات الجنوبية.
وقالت مصادر سياسية يمنية، لـ"العربي الجديد"، إن الجلسة ستحدد إمكانية قدرة مجلس الأمن على اتخاذ خطوات لإحياء عملية السلام الهشة، مع التدهور المستمر للأوضاع الإنسانية، التي دفعت المنظمات الدولية لتكثيف ضغوطها على مجلس الأمن لاتخاذ ما من شأنه أن يضع حداً للأزمة في البلاد.
وتعد هذه الجلسة، أيضاً، الأولى بعد التطورات الأخيرة التي شهدها جنوب اليمن، إذ تم الإعلان عن قيام "المجلس الانتقالي الجنوبي"، برئاسة محافظ عدن السابق، عيدروس الزبيدي.