من مالي في غرب أفريقيا وتحديداً من مدينة تمبكتو، فرّ حي ولد سيدي محمد (42 عاماً) مرغماً من لهيب الحرب ولجأ إلى موريتانيا. وفي رحلة محفوفة بالمخاطر، انتقل إلى الغرب، وتحديداً إلى مدينة باسكنو الحدودية.
واللاجئ "الأزوادي" كما يفضّل أن يُدعى نسبة إلى إقليم أزواد (شمال مالي)، هو مثال لمعظم اللاجئين الذين فرّوا من مالي، مع اشتداد الحرب ما بين القوات الحكومية والمتمردين وتدخّل فرنسا للسيطرة على الوضع. وهؤلاء يرغبون دائماً في الرجوع إلى ديارهم ومناطقهم، لكن تدهور الوضع الأمني وعودة الاقتتال يجهضان أحلامهم.
يخبر ولد سيدي محمد أنه "مع اشتداد القتال، أتينا موريتانيا في ظروف صعبة سيراً على الأقدام، وفي بعض الأحيان ركبنا الدواب". يضيف: "على الحدود استقبلتنا السلطات الموريتانية. ومن مخيّم أمبره للاجئين، استطعنا الدخول إلى موريتانيا والسفر إلى نواكشوط بكل يسر، بعكس بقيّة اللاجئين من الدول الأخرى أو حتى المناطق الأخرى في مالي. لسكّان تمبكتو مكانتهم الخاصة في موريتانيا".
يوضح ولد سيدي محمد الذي دخل مع مجموعة من الأقارب والأصدقاء إلى موريتانيا، أن الرجال قصدوا نواكشوط بحثاً عن عمل، بينما تركوا النساء والأطفال في قرى آمنة بالقرب من الحدود. وما إن رتّب الرجال أوضاعهم، اصطحبوا النساء والأطفال إلى العاصمة. لكن البعض فضّل إبقاء العائلات بعيدة عن العاصمة وصخبها.
ويشير إلى أن ظروف العمل في موريتانيا مناسبة شريطة أن يبحث اللاجئ عما يلائمه ويشتغل بجدّ. يضيف أن اللاجئين من إقليم أزواد يتمتعون في نواكشوط "بحرية التنقل والعمل والسكن وإبرام عقود الإيجار، مثلنا مثل أهل البلاد. ومنّا من يستفيد من مساكن مجانية في مقابل أعمال حراسة". وهي أكثر الأعمال التي يقبل عليها اللاجئون من أزواد.
من جهة أخرى، أكثر ما يشغل بال ولد سيدي محمد ومواطنيه اللاجئين هو "الأوراق الثبوتية. نحن لا نستطيع تجديد وثائقنا بسبب الأوضاع في مالي. ولا نعرف كيف ستتعاطى السلطات الموريتانية مع هذه الحالات. أحياناً نسمع أنهم سوف يمنحوننا إقامات، وفي أخرى تختفي الوعود".
يبدو ولد سيدي محمد سعيداً في حياته الجديدة في موريتانيا، فعائلته معه وقد استقر في نواكشوط وحصل على عمل ثابت في حراسة بعض المباني السكنية، لكنه لا يخفي رغبته في العودة إلى تمبكتو. ويلفت إلى مخاوفه من "تجدد المعارك من حين إلى آخر، الأمر الذي يعني أن الاستقرار لم يتحقق بعد".
اقرأ أيضاً: أسد الله خان يحنّ إلى فاكهة بلاده