موسيقى خافتة
موسيقى خافتة
تسللت إلينا، من بيت شخصين
اختارا أن يعيشا معاً
منذ زمن طويل.
شاهدناهما يتنقلان
بحركات صامتة
من الصالة الى الشرفة
ثم يتبادلان قبلة
تدلّ أنهما ما زالا على حبهما القديم.
لم يكونا يضحكان
أو يتهامسان بصخب
أو يتبادلان مثلنا
النكات والسجائر المشتركة...
كانا مسالميْن
مثل عدويْن لدوديْن
استنفذتهما كل الحروب !
ربما لم يذهبا في إجازة
منذ وقت طويل
وجسداهما متعطشان لغياب قصير.
لكنّ الرومانسية
ليست فقط
قضاء أمسية على البحر
فهي أيضاً
أن تهرم ملامح شخصين معاً
تتساقط أسنانهما
وهما يبتسمان أمام مرآة واحدة!
وهذا ما لن يحدث
لعاشقيْن مثلنا
يتسليان على درجات السلم الحجري
ثم في لحظة تعب
يسير كل إلى بيته!
صورة قرب السرير
وقد يأتي الحُبّ
من المكان الذي يأتي منه الملل :
من وجه يعبر مرآتنا
يوماً بعد يوم
ولا يترك أثراً أو فراغاً أو صدى
ولا يُحرّك فينا
ما يُسرع من نبضاتنا
ولا نتلهف لعبور ملامحه مرة أخرى.
ثم فجأة، نتشبث به
نضع صورته قرب السرير
حين يمنحنا، مع مرور الوقت
ما يصعب على حبّ جارف إعطاءه:
الطمأنينة!
تلك أشياء مضحكة
تلك أشياء مضحكة:
أن تفاجئك
ابتسامةٌ شبقة في مقهى
وتتلفت خلفك.
أن يتسلل المطر إلى قدميك
رغم قفزاتك الرشيقة
عن بقع الماء على الطريق.
أن يُسرق بيتك
ولا يتبقّى غير الصحون
صورتك على الجدار
وملابسك الداخلية !
أن تصغي لحبيبتك
وهي ترسل قبلاً في الهاتف
لرجل التقتْ به في مصعد.
أو أن تفقد يدك
في حادث سير
وتحاول أن تصافح بها ضيفك.
... وهي أشياء مزعجة
بعضها مؤلم
ويستحق الانتحار
وهذا أيضاً شيء مضحك!
* شاعر فلسطيني مقيم في فرنسا، والقصائد من مجموعة تصدر قريباً بعنوان "نزهة تم انتظارها طويلاً".