يوميات القدس على إيقاع "الأقصى": تحدّ وصلوات في الشوارع

القدس المحتلة

نضال محمد وتد

نضال محمد وتد
21 يوليو 2017
82B562CE-739A-4DC9-9D1D-3F88D695112E
+ الخط -


"لم يعد يكفينا خلع البوابات الإلكترونية، نحن نطالب باستعادة مفتاح باب المغاربة، ونطالب بإبعاد الشرطيين وطردهم من على بوابات المسجد الأقصى. لسنا بحاجة لحماية في دخولنا إلى بيتنا". بهذه الكلمات لخص الشيخ سعيد أبو صبيح، أمس الخميس، بعد صلاة العصر أمام باب الأسباط، الحالة المعنوية للمقدسيين في كل ما يتعلق بخطوات الاحتلال الأخيرة في نصب بوابات إلكترونية لتفتيش الداخلين للحرم القدسي.

الحالة المعنوية التي يصفها ويتحدث عنها أبو صبيح تراكمت خلال خمسة أيام متتالية رابط فيها المقدسيون، والفلسطينيون ممن استطاعوا الوصول للقدس المحتلة، أمام ثلاث بوابات للمسجد الأقصى، باب المجلس وباب السلسلة وباب الأسباط، من أصل 14 بوابة للمسجد، أغلقها الاحتلال يوم الجمعة الماضي، وأعاد فتح أربع منها مع استمرار تخصيص باب المغاربة لدخول المستوطنين تحت حراسة جنود الاحتلال.

وما قاله الشيخ أبو صبيح وكرره العشرات من المقدسيين وغير المقدسيين الذين كانوا يصلون لأداء الصلوات الخمس من الفجر وحتى العشاء أمام بوابات الأقصى، وعلى مقربة منها من دون الخوف من المواجهات مع قوات الاحتلال التي اعتدت على مدار الأسبوع أكثر من مرة على المصلين، وأيضاً على الشهود على ممارساتهم، من صحافيين عرب وأجانب، أصرّوا أن يرافقوا ويوثقوا الصلوات أمام بوابات الأقصى وفي الشوارع وعلى أرصفتها رغم الحر القائظ.

في هذا الصدد، ردت الحاجة أم أحمد، وهذا ما اكتفت به للتعريف عن نفسها، بلهجة استنكار لمجرد السؤال عما سيفعله المقدسيون إذا أصر الاحتلال على إبقاء البوابات الإلكترونية، وقالت لـ"العربي الجديد"، إنه "لو لزم الأمر نصلي العمر كله وما تبقى منه أمام البوابات وخارج الأقصى ولا نسمح لهم بأن يذلونا. الأقصى لنا ولن نسمح لليهود بأن يقرروا لنا كيف ندخل بيتنا".

لكن على مدار ثلاثة أيام من الأيام الخمسة، لا يمكن إغفال حالة نادرة في المشهد الفلسطيني، بما يشبه الإجماع على رفض الخطوة الإسرائيلية، لإدراك أهل القدس بما خبروه من زحف متدرج لأن الخطة سياسية محض، وأنها بحسب ما قاله أحد الشبان لـ"العربي الجديد"، "بالون سياسي من حكومة (بنيامين) نتنياهو للتدرج في تكريس التقسيم الزماني والمكاني، وهو ما يتفق معه رجال المرجعيات الدينية في القدس، فيما يبدو خفوق لصوت مرجعيات سياسية في المدينة، ربما باستثناء صوت النائب حاتم عبد القادر".

لكن حال القدس في إجماع أهلها على رفض الرضوخ لبوابات الاحتلال، يبقى مميزاً، فلا ذكر للانقسام السياسي الفلسطيني، فيما تشعر بحدة الغضب الكبير على السياسة الفلسطينية عموماً وعلى السياسة العربية وعودة إلى تقريع الأنظمة التي يخشى المقدسيون، في ظل ما يتردد من أنباء عن تسوية في الأفق، أن يبادروا ويتسابقوا في ما بينهم للفوز "بكريديت" إعادة فتح أبوب القدس، وتوظيف المسجد الأقصى في خدمة النزاعات العربية الداخلية مجدداً.



وفيما يبدي الفلسطينيون في القدس ثقة عالية بكسر حكومة الاحتلال واضطرارها إلى التراجع عن هذه الخطوات، حتى لو تم ترتيب ذلك في صيغة مبادرة توافق بين حكومة الاحتلال وبعض الدول العربية، فإن مدير المتحف الإسلامي في المسجد الأقصى، عرفات عامر، يكشف لـ"العربي الجديد"، عن "هواجس حقيقية مما يكون الاحتلال قد قام به في أول أيام إغلاق المسجد، إضافة إلى عمليات التخريب التي رافقت ما زعم الاحتلال أنه تفتيش عن أسلحة ووسائل قتالية".

ويقر عامر إن "إجراءات الاحتلال لم تقف عند التخريب والهدم، بل تعدت ذلك إلى زرع كاميرات ومجسات إلكترونية في مختلف مرافق المسجد الأقصى وباحاته والمنشآت القائمة فيه، مع التخوف من قيام الاحتلال بحقن حجارة المسجد الأقصى في بعض المناطق بمواد كيميائية من شأنها أن تؤدي مع الوقت إلى تفتت حجارته".



ويرى عامر أن "القدس ستشهد (اليوم)، الجمعة، الامتحان الكبير، خصوصاً في حال أصرّ الاحتلال على إبقاء البوابات الإلكترونية، ما يعني تفجر غضب شديد من جموع المصلين الذين سيتوافدون إلى القدس". مع ذلك، يبدي هو وغيره من المسؤولين في المسجد الأقصى والأوقاف، حالة من التفاؤل الكبير بتراجع الاحتلال في ظلّ الدعوة للنفير اليوم في المسجد الأقصى. وهي دعوة أصدرتها المرجعيات الدينية في القدس، ولقيت أصداء إيجابية في الداخل الفلسطيني أيضاً مع إعلان الهيئة الإسلامية في يافا، عن قرار إغلاق مساجد يافا، الجمعة، وشد الرحال إلى المسجد الأقصى في القدس، لمن يستطيع من الناس، وهو قرار تبعه قرار مشابه من اللجنة الشعبية في أم الفحم بدعوة مماثلة.

في المقابل، سرّبت مصادر صحافية إسرائيلية، أن "من شأن إجراءات الشرطة الإسرائيلية عرقلة قوافل المصلين من الداخل الفلسطيني، خصوصاً ممن يأتون عبر حافلات منظمة، عبر اعتراض هذه الحافلات واحتجازها لساعات، كما كان الاحتلال يفعل خلال شهر رمضان الماضي".

وإذا كان محيط المسجد الأقصى أحيط من بواباته الثلاث بمجموعات من المرابطين والمرابطات، فإن أطرافاً أخرى من المدينة، خارج أسوار البلدة القديمة، بدت وكأنها تعيش أياماً عادية لناحية النشاط التجاري في متاجرها. وهي صورة مضللة للوهلة الأولى، فقد أكد لنا أكثر من تاجر وأكثر من صاحب محل، أن أي إغلاق للمسجد الأقصى يعني قتل الحياة الاقتصادية في المدينة، خصوصاً إذا رافقه إغلاق للبلدة القديمة ومنع الناس من الوصول إليها، فهذا ينعكس بشكل تلقائي على الأحياء والشوارع الرئيسية خارج السور، تحديداً في شارعي صلاح الدين والسلطان سليمان. فعلى الرغم من فتح المحال التجارية، ورغم وجود محطة للباصات تنقل الناس من وإلى أحياء (قرى القدس الأخرى)، إلا أن الغمامة التي تظلل الأقصى تتمدد لتطاول مجمل المدينة فتضرب حياتها الاقتصادية والتجارية.

وقالت بائعات اعتدن على إحضار فاكهة الموسم، وعرضها على الرصيف لبيعها، وسط قلق دائم من مراقبي بلدية الاحتلال، إن "التين والعنب، يظلان في الصندوق ولا نبيع أكثر من نصف ما نحضره لقلة الحركة التجارية وغياب الحركة عن مركز القدس".


ذات صلة

الصورة
جنود الاحتلال قرب مقر أونروا في غزة بعد إخلائه، 8 فبراير 2024 (فرانس برس)

سياسة

أقر الكنيست الإسرائيلي، مساء اليوم الاثنين، تشريعاً يحظر عمر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) داخل الأراضي المحتلة.
الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
الصورة
عماد أبو طعيمة لاعب فلسطيني استشهد في غزة 15/10/2024 (إكس)

رياضة

استشهد لاعب نادي اتحاد خانيونس، عماد أبو طعيمة (21 عاماً)، أفضل لاعب فلسطيني شاب في بطولة فلسطين للشباب 2022، وذلك في قصف إسرائيلي جنوبي قطاع غزة.

الصورة
تأثر بشار الشوبكي نجم منتخب فلسطين بتوقف الدوري المحلي (العربي الجديد/Getty)

رياضة

أسفر توقف المنافسات الكروية المحلية على أرض فلسطين المحتلة، عن آثار متفاوتة، خصّت أكثر من ستة آلاف لاعب كرة قدم يمارسون اللعبة في البلاد مع فرقهم.